شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد سنوات عجاف من العنف شهدها العراق تمخض عنه نظام سياسي متناقض .. فهو دولة ميليشيات ، لكنها دولة تدعي الديمقراطية والحرية ، لا يعرف مثيلها في الذاكرة الحية .. وهو قوة نفطية عظمى لكنها منخورة بالمحسوبية والفساد .. فخلال تلك السنوات أصبح العراق ثاني أكثر بلدان العالم فسادا ...

فبعد ما أسموه العملاء ب "تحرير العراق" عام 2003 ، بدأت تظهر للذين تبجحوا وصفقوا لهذا "التحرير" بصيص من الأمل ، وتم بناء ما يسمى ب "السلطة" على أساس "النظام البرلماني" وفق القوانين والدستور في محاولة لخلاص العراق من ما أطلقوا عليه "النظام الشمولي الدكتاتوري" ، ولكنها أثبتت فشلها الذريع ، بدليل ان الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية والخدمية المتردية فبدأت تلوح في الأفق ، وبدأت تتعالى أصوات تنادي بالاصلاح والتغيير .. أما الذين سيطروا على زمام الأمور في السلطة يناقض بعضهم البعض بحجج متنوعة و متعددة ...

وتدهورت الأوضاع واختلطت الأوراق ، وعمت الاضطرابات وزادت التدخلات الأجنبية ، وتعمقت الجراح بسبب الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها سلطة الاحتلال العميلة وانقلاب بعضهم على البعض الآخر وعلى الشعب ، وتشابك مصالحهم الشخصية والحزبية مع المصالح العامة حتى وصل الصراع والاحتقان الى ذروته في عهد "مختار العصر" .. مع ذلك مازال البعض يحلم بعودة الأوضاع الى ما كانت عليه ، أو يريد أن يخفي النيران الملتهبة وتهدئة النفوس بخطابات التسامح والتصالح وأخوة الوطن والمصير المشترك .. أما البعض الآخر فيتشبثون بما حصلوا عليه من نفوذ وسلطات وأموال ويريدون أن يعوضوا عن ما أسموه "الحرمان" .. بينما الأكراد يريدون أن يعيشوا في وطن يحترم فيه الدستور ولا يعتبرون فيه مواطنين من الدرجة الثانية ، ويرون ان التقسيم طريقا نحو التحرر ...

ان الأحداث التي جرت على الساحة العراقية بعد 2003 تعتبر مؤامرة كبيرة وخطيرة استهدفت الجميع ، في غفلة من الزمن ، وأن المشهد السياسي العراقي لن يتحمل المزيد من تناقضات التسويف والمماطلة وضياع الجهود .





الاربعاء ٢٢ جمادي الثانية ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / شبــاط / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب بنت الرافدين نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة