شبكة ذي قار
عـاجـل










ليس مستغرباً أن ندافع عن الشهيد القائد صدام حسين، وعن الحرب التي خاضها العراق ابتداء من الرابع من أيلول-سبتمبر 1980 في وجه الأطماع الفارسية، هذه الحرب التي لم تنته إلا صيف العام 1988 بعد خسائر ضخمة لكلا الطرفين، واضطر في ختامها الخميني إلى تجرع كأس السم. !!

بعد تسعة وثلاثين عاماً على اندلاع تلك الحرب، التي كشفت إلى أي حدّ كان صدّام محقاً وعلى صواب في قراءته لأطماع الخميني، وعلى معرفة عميقة بشؤون المنطقة وشجونها، وأن ليس ما يشير إلى أن شيئاً قد تغير داخل إيران نفسها، ولا يبدو أن إيران مستعدة لأن تتعلم على الرغم من الهزائم التي لحقت بها، والانتصار الذي حقّقه العراق.

تواصلت التحرشات الإيرانية بالعراق بعد وصول الخميني للحكم، الذي رفع منذ البداية شعار "تصدير الثورة" من منطلق أن ( العراق الشيعي ) يعتبر الحلقة الضعيفة بين الدول القريبة من إيران. فلم يكن مستغرباً أيضاً على النظام الإيراني الجديد أن تصل هذه التحرّشات إلى محاولة اغتيال طارق عزيز كونه مواطناً مسيحياً وصل إلى موقع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية في العراق. كان الهدف من محاولة الاغتيال هذه في جامعة المستنصرية التي سبقت الحرب الشاملة بين البلدين إظهار امتلاك إيران لعناصر موالية لها داخل العراق، عناصر قادرة على تنفيذ محاولات اغتيال تستهدف مسؤولاً ينتمي إلى الديانة المسيحية، وأحد أهم قيادات البعث والدولة، وذلك كي تُظْهِر النظام في العراق في مظهر النظام الكافر.

سمحت الحرب للنظام الجديد في إيران بإثارة الروح الوطنية الفارسية، كما سمحت للخميني بإرسال الجيش الذي كان يشك بولائه " للثورة " إلى الجبهات بعيداً عن ثكناته في محيط المدن الكبرى.

لقد سعت إيران إلى إضعاف النظام الوطني العراقي من خلال إطالة أمد الحرب، ومن خلال الايعاز لعملائها في حزب الدعوة بزعزعة الاستقرار في الداخل، ولكن كل هذه المخططات فشلت في إضعافه، بل ساعدت في تقويته وفي تمكين المخلصين من أبناء العراق من زمام النصر.

وفي المقلب الآخر فقد عمد الخميني من استبعاد كل من ينادي بجمهورية على النهج الحديث، تعتمد دستوراً مدنياً متطوراً في ظل تعددية حزبية تسمح بالتداول السلمي للسلطة.

باختصار، سمحت الحرب لأنصار الخميني بارتكاب كل المجازر التي أرادوا ارتكابها في حق معارضيهم، من يساريين وعلمانيين وليبيراليين، يؤمنون بقيام دولة حضارية.

بعد ثماني سنوات من الحرب كان العراق على ثقة من النصر، لأنه يواجه مشروعاً حاقداً مجوسياً كريهاً، ولم تعترف إيران بأنها هزمت، لكن هزيمتها أعلنها ( مرشدهم الخميني ) حين اعترف بتجرعه كأس السم، وأن إطالتها للحرب صبت في إضعافها وإنهاكها، فضلاً عن استنزاف ثروات دول المنطقة.

الأمر الوحيد الذي لم يتعلمه العراق من الحرب، ولم يستوعبه أن المستفيد الأول منها كان نظام حافظ الأسد، الذي عرف كيف يعمق من تحالفه مع إيران، ويزيد من قدراته على ابتزاز أهل الخليج في الوقت ذاته، وزيادة نفوذه في لبنان.

لم تدرك إيران أن الولايات المتحدة كانت سبباً رئيساً في الحؤول دون إلحاق الهزيمة الكاملة بها-إنْ في عهد كارتر، الذي كان في نهايته لدى اندلاع الحرب العراقية-الإيرانية، أو في عهد ريغان الذي لم يتخذ في أي لحظة موقفاً حازماً من إيران-بل وصل الأمر بريغان إلى التغاضي عن تفجير مقر ( المارينز ) قرب مطار بيروت في تشرين الأوّل-أكتوبر 1983، رغم معرفة إدارته بتفاصيل عملية التفجير تلك والدور الإيراني في التخطيط لها. فوق ذلك كله، تغاضت الولايات المتحدة عن تزويد الكيان الصهيوني لإيران بأسلحة وقطع غيار كانت ضرورية جداً خلال الحرب.

ويمكننا إعطاء عشرات الأدلة على إصرار الولايات المتحدة على دعم إيران في مرحلة ما بعد سقوط الشاه، ففي كتاب الجاسوس الطيب لكاي بيرد عن حياة بوب ايمز الذي قتل في تفجير السفارة الأميركية في بيروت في نيسان-أبريل 1983 والذي لم تكن إيران بعيدة عنه أيضاً، كان بوب إيمز المسؤول عن الشرق الأوسط في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ( سي آي إيه ) أول من حذّر الإيرانيين في العام 1980 من أن صدام حسين ينوي مهاجمة إيران.

لم يتبدل السلوك الإيراني بعد هزيمتها وانتهاء الحرب مع العراق، على العكس من ذلك، لقد زاد هذا السلوك سوءاً ووحشية خصوصاً بعد الحرب التي شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها من أجل التخلص من صدام حسين ونظامه الوطني في العام 2003.

من يشك في ذلك يمكنه متابعة الكلام الصادر عن حسن روحاني، والذي حذر فيه الولايات المتحدة من مصير العراق ومصير صدام حسين، جاء كلام روحاني في اليوم الذي كانت إيران تتذكر فيه بداية حربها مع العراق في 1980، وفي وقت كان هناك من يطلق النار على عرض عسكري في الأحواز أدى إلى مقتل عشرات من ( الحرس الثوري ) ، من الواضح أن إيران لا تريد أن تتعلّم شيئاً بعد تسعة وثلاثين عاماً من حربها على العراق، لا تريد أن تستوعب أن من أسقط صدّام حسين كان الولايات المتحدة وليس ( إيران ) وأن إيران بعد أربعين عاماً على سقوط الشاه ما زالت عاجزة عن التصالح مع نفسها، لا تزال إيران في حال هروب مستمرة إلى الأمام، رافضة الاعتراف بأن ليس من حقها الاعتداء على الآخرين، لم تتعلم إيران أنه لا مستقبل لبلد يحتقر مواطنيه ويبحث عن قوى خارجية يلقي عليها مسؤولية ما يجري داخلها.

لماذا لا يوجد في طهران من يريد استيعاب أن هناك الكثير مما يمكن تعلمه من حرب الثمان سنوات ....

أن الولايات المتحدة والغرب - ولا أحد سواهم-كانوا وراء الحؤول دون القضاء الكامل على إيران ونظامها الفاشي في تلك الحرب !!!





الخميس ٢٨ ذو الحجــة ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / أب / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ابن قاسيون نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة