شبكة ذي قار
عـاجـل











لا نريد استعراض التاريخ العراقي منذ الحضارة السومرية والآكدية والبابلية لنبرهن على صحة القول بأن أبناء العراق، وعلى الخصوص، في جنوب العراق وباللاوعي يتأثرون بالقائد وبالراية، فصفات القائد تنعكس سلباً وإيجاباً على حركتهم واندفاعهم وثورتهم وحربهم، وهذا التأثر والانعكاس يرتبط بالراية التي يحملها القائد، فخسارة المعركة والانتصار فيها يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالراية، لذا نرى أن المقاتلين يتسابقون لحمل الراية والتقدم فيها إلى الأمام.

واستناداً إلى ما تقدم، فإن أبناء العراق يحملون في الذاكرة الشعبية العراقية أسماء الأبطال والقادة الذين صنعوا التاريخ، وهم حمورابي ونبوخذ نصر والحارث الشيباني وشعلان أبو الجون وضاري المحمود والحبوبي وغيرهم، وهؤلاء الأبطال حملوا رايات تعبر كل راية عن العقيدة القتالية لهذا القائد.

الحديث عن أشباه القادة الذين ظهروا نتيجة للاحتلال الأمريكي الإيراني ونتيجة للفراغ السياسي الذي حدث بعد العام ٢٠٠٣ م، والذي جاء نتيجة لقرارات بريمر وانسحاب القوى المدنية من المشهد، ونتيجة لظهور القاعدة وداعش في العراق، ونتيجة لفتوى ( الجهاد الكفائي ) ، والقيادات التي أعنيها هي الأحزاب الإسلاموية وقيادات الحشد الشعبي والمليشيات ومعهم مقتدى الصدر.

إن هؤلاء العملاء جمعوا حولهم مجاميع من أبناء العراق، ولأسباب كثيرة ومنها الدعم المادي والعسكري الإيراني، وغض النظر الأمريكي عنهم وعن تحركاتهم، ونتيجة لشعاراتهم وراياتهم التي رفعوها، ومتاجرتهم بالدين، واندفاع البعض منهم إلى الوقوف في جبهات القتال بالضد من داعش.

اليوم ومع تغير الصورة، بعد الإعلان عن انتهاء داعش والخلاف الظاهري الأمريكي الإيراني، انكشفت أقنعة هؤلاء ونواياهم وتبعيتهم للمحتل الإيراني، وتحولهم إلى ذيل ذليل ومداس للنافق سليماني ولما يسمى بالولي الفقيه، وظهر ضعفهم وترددهم وخوارهم من خلال عدم قدرتهم على الرد على الهجمات الأمريكية المتكررة على مواقعهم، لاسيما في القائم وغيرها من المواقع، وظهر جلياً غباؤهم في تظاهراتهم أمام السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء ومليونيتهم المزيفة في الجادرية، وهجومهم على الأبرياء في ساحات العز والكرامة.

كل ذلك جعل أبناء العراق، وبالخصوص أتباعهم، ينفَضُّون عنهم وينظرون إليهم وكأنهم ذئاب من ورق، ففقدوا احترامهم، وسقطت راياتهم وشعاراتهم، وظهر خوفهم ورعبهم وهلعهم، لاسيما وهم يستنكرون ضرب السفارة الأمريكية بصواريخ الكاتيوشا، ولقد اختفى البعض منهم وهرب البعض الآخر، وتحول سلوك الباقين إلى سلوك هستيري انتهازي، كما هو حال العامري والفياض ومقتدى.

سقط القائد الإسلاموي المعمم وغير المعمم، وانكسرت رايته، لذا سينسحب أبناء العراق، وبالخصوص أبناء الجنوب، عنهم وسيعاقبونهم لأنهم ضعفاء وجبناء.
والسؤال : هل يستطيع هؤلاء التخلي عن ثرواتهم ومولاتهم والنزول تحت الأرض لمقاومة الأمريكان؟

وهل يستطيعون الخروج إلى الخارج والتعامل مع الأمريكان الذين يعتبروهم محتلين الآن بعد أن كانوا محررين؟

وهل أبقى هؤلاء على حاضنة شعبية في العراق تدافع عنهم، بعد أن سرقوا وقتلوا وشردوا أبناء العراق؟
أشك في ذلك لأنهم أجبن من فعل ذلك.

إن الذين يقاومون وينزلون تحت الأرض ويتخلون عن ممتلكاتهم، هم القادة الحقيقيون، والتجربة والذاكرة الشعبية العراقية والعربية تقول : أن من استطاع ذلك هم البعثيون العراقيون المقاومون الرافضون لأي نوع من أنواع المهادنة على حساب ثوابتهم.

الهدف من خطابي هو التوجه إلى البعض من أبناء العراق المغرر بهم عبر الخطاب والرايات والشعارات الدينية، والذين اتبعوا الأحزاب والمليشيات ورموزها، هذا أولاً، وثانياً بعد خروج الشباب في ثورة تشرين التي قادت الكل إلى اللعب على المكشوف - كما يقولون - وبات الفرز واضحاً بين الوطني واللاوطني، بين العراقي الحر وبين التابع الذليل إلى الأجنبي، بين السارق والمسروق، بين صاحب الحق وبين الباطل، نتوجه بالسؤال الآتي :

ألم يحن الوقت للبعض من الذين غرر بهم إلى الوقوف أمام أنفسهم، والانتصار للحق والعودة إلى حضن الوطن ونبذ ومحاسبة ومعاقبة ولعن من تشدق بالبطولة وحماية حقوق الشعب وكذب ودلس وسرق وقتل وغش؟





الاربعاء ١١ جمادي الثانية ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / شبــاط / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي حسن البهادلي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة