شبكة ذي قار
عـاجـل










( الصراع والعداوة مع العرب ليس حباً بعليّ، والدفاع عن حقه في الخلافة .. ولكنّها البغضاء والعداوة لعُمر، الذي كسر ظهر العجم وحطم حضارتهم ) ، هذه الكلمات ترجمةً لقصيدة شاعر الفرس الكبير الرودكي، التي يعبر خلالها أصدق تعبير عن حقيقة عدائهم وحقدهم على العرب وأن ادعاءهم حب آل البيت ما هو إلا كذب ورياء.

فكل ادعاء يصدر من أي جهة أو شخص يحصر الصراع ( العربي الفارسي ) بين إيران والعراق، أو حتى بين إيران وأي قطر عربي لا يلامس الحقيقة ولا يقترب منها، فالصراع في مسماه الحقيقي هو صراع ( عربي - فارسي ) ، ولن تتخل عنه إيران حتى بعد ادعائها الدخول في الإسلام، لأن الصراع بين العرب وإيران ليس صراعاً سياسياً، بل هو صراع إيديولوجي قائم من الطرف الإيراني على الكسروية المجوسية، هذا من جانب.

ومن جانب آخر وبعد وضوح الحقيقة، ليس مستغرباً ( كعربي ) أن أدافع عن الشهيد القائد صدام حسين، وعن الحرب التي خاضها العراق ابتداء من الرابع من أيلول - سبتمبر ١٩٨٠ في وجه الأطماع الفارسية، هذه الحرب التي لم تنته إلا صيف العام ١٩٨٨ بعد خسائر ضخمة لكلا الطرفين، واضطر في ختامها الخميني إلى تجرع كأس السم.!!

بعد أربعين عاماً على اندلاع تلك الحرب، التي كشفت أن كان صدّام محقاً وعلى صواب في قراءته لأطماع الخميني، وعلى معرفة عميقة بشؤون المنطقة وشجونها، وأن ليس ما يشير إلى أن شيئاً قد تغير داخل إيران نفسها، حتى مع ادعاء الخميني أن ثورته إسلامية تسعى لإقامة الدولة الإسلامية المثالية.

تواصلت التحرشات الإيرانية بالعراق بعد وصول الخميني للحكم، الذي رفع منذ البداية شعار "تصدير الثورة الإسلامية" على اعتبار أن ( العراق بغالبيته الشيعية ) يعتبر الحلقة الضعيفة بين الدول القريبة من إيران.

ولم يكن مستغرباً أيضاً على النظام الإيراني الجديد أن يقوم، إضافة إلى التحرّشات، بمحاولة اغتيال طارق عزيز، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، كان الهدف من محاولة الاغتيال هذه في جامعة المستنصرية التي سبقت الحرب الشاملة بين البلدين إظهار امتلاك إيران لعناصر موالية لها داخل العراق، عناصر قادرة على تنفيذ محاولات اغتيال تستهدف مسؤولاً ينتمي إلى الديانة المسيحية، وأحد أهم قيادات البعث والدولة، وذلك كي تُظْهِر النظام في العراق في مظهر النظام الكافر.

لقد سعت إيران إلى إضعاف النظام الوطني العراقي الذي كان يخوض غمار معركة البناء والنهوض، من خلال إطالة أمد الحرب، ومن خلال الإيعاز لعملائها في حزب الدعوة بزعزعة الاستقرار في الداخل، ولكن كل هذه المخططات فشلت في إضعافه، بل ساعدت في تقويته وفي تمكين المخلصين من أبناء العراق من زمام النصر.

كما استغل النظام الخميني الحربَ لإثارة الروح الوطنية الفارسية، التي سمحت للخميني بإرسال الجيش الذي كان يشك بولائه "للثورة الإسلامية" إلى الجبهات بعيداً عن ثكناته في محيط المدن الكبرى.

وفي المقلب الآخر فقد عمد الخميني من استبعاد كل من ينادي بجمهورية على النهج الحديث، تعتمد دستوراً مدنياً متطوراً في ظل تعددية حزبية تسمح بالتداول السلمي للسلطة، حيثُ سمحت الحرب لأنصار الخميني بارتكاب كل المجازر التي أرادوا ارتكابها في حق معارضيهم، من يساريين وعلمانيين وليبيراليين، يؤمنون بقيام دولة حضارية.

بعد ثماني سنوات من الحرب كان العراق على ثقة من النصر، لأنه يواجه مشروعاً حاقداً مجوسياً كريهاً، ولم تعترف إيران بأنها هزمت، لكن هزيمتها أعلنها ( مرشدهم الخميني ) حين اعترف بتجرعه كأس السم، وأن إطالتها للحرب صبت في إضعافها وإنهاكها، فضلاً عن استنزاف ثروات دول المنطقة.

لم تدرك إيران أن الولايات المتحدة كانت سبباً رئيساً في الحؤول دون إلحاق الهزيمة الكاملة بها - إنْ في عهد جيمي كارتر، الذي كان في نهايته لدى اندلاع الحرب العراقية - الإيرانية، أو في عهد ريغان الذي لم يتخذ في أي لحظة موقفاً حازماً من إيران - بل وصل الأمر بريغان إلى التغاضي عن تفجير مقر ( المارينز ) قرب مطار بيروت في تشرين الأوّل - أكتوبر ١٩٨٣، رغم معرفة إدارته بتفاصيل عملية التفجير تلك والدور الإيراني في التخطيط لها.فوق ذلك كله، تغاضت الولايات المتحدة عن تزويد الكيان الصهيوني لإيران بأسلحة وقطع غيار كانت ضرورية جداً خلال الحرب.

ويمكن لأي باحث عن الحقيقة إعطاء عشرات الأدلة على إصرار الولايات المتحدة على دعم إيران في مرحلة ما بعد سقوط الشاه، ففي كتاب الجاسوس الطيب لكاي بيرد عن حياة بوب ايمز الذي قتل في تفجير السفارة الأميركية في بيروت في نيسان - أبريل ١٩٨٣ والذي لم تكن إيران بعيدة عنه أيضاً، كان بوب إيمز المسؤول عن الشرق الأوسط في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ( سي آي إيه ) أول من حذّر الإيرانيين في العام ١٩٨٠ من أن صدام حسين لن يسكت عن الاستفزازات والتحرشات الإيرانية له.

لقد بدأت الاستفزازات الإيرانية من خلال قصف القرى العراقية المتاخمة للحدود، ما تسبب في أضرار مادية وبشرية كبيرة، وتقدم العراق بالعديد من الشكاوى ضد هذه الاعتداءات إلى الأمم المتحدة وإلى الجامعة العربية، ولكن نظام الخميني لم يكترث بكل تلك المناشدات والشكاوى لوقف العدوان، ظناً منه أن العراق لن يجرؤ على الرد.

بعد كل هذا الصلف والتعنت والعنجهية الإيرانية اتخذت القيادة العراقية قراراً بالرد وبقوة، فأعاد التاريخ نفسه من جديد، وكانت القادسية الثانية، واتحد العرب كما اتحدوا في القادسية الأولى وسحقوا هذا التوسع الإيراني الفارسي بمعركة كانت بحق استحضاراً للتاريخ العربي بكل أمجاده وقيمه وإفصاحاً عن مكامن القوة في الأمة التي حاولوا تشويه صورتها لضرب مقوماتها وأصالتها وتراثها.

إن القادسية الثانية - قادسية صدام المجيدة - هي إحدى مفاخر الأمة في العصر الحديث، ومفخرة للشعب العراقي بكل أطيافه الاجتماعية، وهي إحدى معجزات العقل السياسي العربي الذي قاد هذه الحرب إلى النصر المزر والحاسم وهو الشهيد القائد صدام حسين، كما كانت القادسية إحدى مفاخر ومنجزات ثورة البعث التي تصدت للهجمة الشرسة للفرس المجوس وحصنت بها الأمة العربية ضد أعدائها المعتدين.

الآن وعلى امتداد ساحة العراق الأبي المقاوم ينتصب البعث قائداً ومناضلين في مواجهة الاحتلال الهمجي ثنائي الجنسية، الأمريكي الإيراني، ويقف متحدياً حالة الانهزام لأنظمة الأمة بعد تخليهم المخزي عن العراق العربي الأصيل، وتركه وحيداً في مواجهة أعداء الأمة، وفي مقدمتهم الفرس المجوس، ومن خلال التضحيات الجسيمة التي قدمها البعث في مواجهة هذا المشروع الصفوي الخبيث، وصمود المقاومة العراقية البطلة التي سطرت أروع ملاحم البطولة والفداء لبناء صرح الأمة من جديد بدماء الشهداء وتفاني وإخلاص المجاهدين.

قادسية صدام المجيدة التي استندت إلى روح الإسلام ورسالته الخالدة ستبقى خالدة بخلود الأمة العربية، لقد أثبتت قادسية صدام المجيدة صحة المعادلة الطبيعية ( أن الأمة العربية خير أمة أخرجت للناس، وأنها ليست أمة هزائم، بل هي الأمة التي اختارها الله لحمل رسالته، والقادرة على صنع النصر رغم كيد المعتدين ).




الثلاثاء ٢٢ ذو الحجــة ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / أب / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ابن قاسيون نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة