شبكة ذي قار
عـاجـل










هنالك أشياء لا يجدي الحديث عنها ان لم يكن مستمدا برهانه من تجربة شخصية، تضيئ الموضوع من الداخل بضوئها الخاص،،والصراع الفكري ما بين الشعب وأعداءه الذي تديره ماكنة وسائل الاعلام، واحد من تلك الأشياء ، فلقد سألني أحدهم ذات مرة : كيف للإعلام لفظا وكتابة وصورا، أن يغير من موازين معركة قوامها جيوشا جرارة وتقنيات هائلة وأسلحة فتاكة وخططا جهنمية أساسها المناورة والمخادعة والتكتم والقرار الواحد، وهو ما نفتقد اليه كعرب!لان إعلامنا يسير على قدم عرجاء ويقاتل بسيف من خشب!وانتم في العراق ، خير مثال على ما حدث؟، وبفضل ما جرى، تغيرت قواعد اللعبة في المنطقة، وتوالت سياسة لعبة الدومينو بأجزائها المتساقطة قطرا بعد آخر ) ، قلت : الاعلام وفي صورته الحالية بعد التطور التقني في مجالات الاتصالات ، لم يعد مجرد خبر أو تعليق او مقال وصورة وحركة كاميرا وصوت مؤثر ، يخضع انتشارها لمزاجية المتلقي او يسهل حجبها بواسطة الرقابة التي تمارسها بعض الأنماط التقليدية السابقة ، انه اليوم يجتاز كل الحدود والعوائق ، ويدخل البيوت ويقتحم أشد خصوصيات الانسان، ويتدخل في تكوين ثقافته ومزاجه العام، وقناعاته وميوله في عملية غزو شامل بكل ما لهذه الكلمة من معنى ودلالات، وأضحى سلاحا بيد القوى المسيطرة عليه، يحمل مواصفات الاختراق والتدمير، واداة لغسل دماغ جماعي، تهدف الى قناعات جديدة بدل القناعات السابقة ، ويمكن ان يصبح سلاحا مؤذيا وتدميرياً ضد البيئة المجتمعية التي يتوجه لها، بجرعاته التأثيرية عبر العنف المصور ، والتلويح من اجل اجبار الآخرين الى تقديم تنازلات ما كان بالإمكان تقديمها لولا ذلك ( العنف المصور ) الذي يؤدي الى تحويل الجماعات الانسانية الى اداة طيعة مسلوبة الإرادة ، منصاعة في قناعاتها ومواقفها للقوى المالكة لوسائل العنف المصور المنقولة عبر الاعلام .. أمام هذاالدور المهم جدا لوسائل الاعلام ، أضحت الحروب والصراعات في كثير من جوانبها ،حروبا إعلامية ، تتشارك فيها وسائل الاعلام المهام ( القتالية ) مع الجيوش وأسلحة القتل والتدمير، ففي العدوان الامريكي على العراق عام ٢٠٠٣ وما تلاه من احتلال ، تلمس الجميع الدور الإعلامي في القتال وهو ما ادى الى قيام امريكا وحلفائها ، بتنظيم حرب إعلامية الى جانب الحرب العسكرية حشدت فيها اكثر من ( ٨٠٠ ) مراسل حربي الى جانب قواتها المهاجمة، وعملت من جانب إخر على منع خصمها من الاستفادة من الإمكانيات المحدودة لديه، لذا استهدف القصف ولأيام طوال ، مراكز وعقد المواصلات في العراق، ومقرات اجهزة إعلامه التلفازي والإذاعي والمقرؤ، بل لم تسلم منه حتى المطابع والمكتبات والآثار والمتاحف، التي تم الاجهاز عليها في الأيام الاولى لاحتلاله بمسرحية السرقة والنهب المنظم ، ادارتها عصابات الجريمة المنظمة والمافيات المسخرة من قبل قوات العدوان والاحتلال ، كما منع الإعلاميون من داخل العراق من الذين كانوا يراسلون مؤسسات إعلامية دولية من ممارسة اي دور لا يتوافق مع الأهداف الأمريكية ، ووصل هذا المنع حد ممارسة التصفية الجسدية عبر استهدافها لهؤلاء الإعلاميين بالقتل والقصف المباشر ، كما حدث مع بعض المراسلين ، حتى تعدت القائمة بعد الاحتلال الى ما يزيد عن اكثر من ( ٣٠٠ ) صحفي غيبوا من المشهد الإعلامي بين قتيل ومختطف ومجهول المصير ،،إذن الاعلام لم يعد ناقلا للخبر ، بل صانعا له في كثير من الأحيان ، وما الصور التي سربها الاعلام الامريكي والعامل بمعيته آنذاك ، والتي التقطت للفوضى والنهب والسرقة في بعض مدن العراق ، لم تكن بريئة لحدث وقع ، بل كانت دعوة لنهب مؤسسات الدولة وركائز ادارتها وتدمير الارتباط المعنوي بها عن طريق اقتلاع ما تبقى ، بالحرق والتدمير، على طريق بناء دولة الكانتونات الجديدة اولا، والثاني لجعل قوات الاحتلال تمارس دور حفظ الأمن ، مطلبا ( شعبيا ) في محاولة لتطبيع العلاقة بين المواطن والمحتل ، وهذا ما لم يتحقق ، لان الاحتلال احتلال حتى لو صور بزي ملائكة ، وتلك هي الحقيقة!





الثلاثاء ٢٠ محرم ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / أيلول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله المياح نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة