شبكة ذي قار
عـاجـل










بسم الله الرحمن الرحيم
(( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم ))

كلمات في رثاء الاخ والحبيب والصديق والرفيق عبد الصمد الغريري ( ابا زيد )

كيف لي أن انعيك في الصباح الأول لرحيلك عن تلك الدنيا الفانيه .. كيف لي أن أتحمل الوجع والألم الذي تركته في نفسي وقلبي بعد رفقة وصداقة جاوزت الثلاثة عشر عاما مذ تعارفنا لأول مره بعيدا عن ديارنا في دمشق الحبيبه .. كيف لي أن أسجل حروف رثائك ومحبتك ووجعي الكبير بفراقك أيها العزيز النبيل والصديق الصدورق والذي لا أظن ان ما تبقى من العمر قد يجود بشبيه لك ولشخصك وبعلاقتي المتميزه بك وأنت الذي أصبحت لي الأخ والصاحب والملاذ في زمن المحن والماسي .. اه ثم اه ثم اه .. كم حسدني الكثيرون عن علاقتي وصداقتي معك .. وكم حسدوك على علاقتك وصداقتك معي .. كنا أيها الحبيب الذي لا أظن أن يبتعد طيفك عني يوما يكمل أحدنا للاخر في عشق العراق الذي سيقتلنا جميعا وفي الموقف والاناقة والرأي .. كنت تكمل لي الرأي والملاحظة حين يغيب عن بالي بعضها وكنت أكمل لك الرأي والملاحظة والمشوره التي تخدم ما نحن فيه من عمل على طريق النضال والجهاد وفي قضايا بلادنا التي امنا بها .. كنت تحمل الكثير من أسرار وخبايا مسيرتنا في وطننا وكنت مثلك قد تحملت بعضها .. وكنت تكتم سري وأكتم سرك .. كان كل منا يثق بالاخر بالمطلق لأن هدفنا لا يحتمل التأويل أو الخداع أو المراوغه .. كنت أقسو عليك في بعض ارائي وملاحظاتي أحيانا وكنت تقبلها بلا تردد وبمحبه غريبه لأن احدنا قد عرف الاخر بصدق وعمق ..

من لي أيها الحبيب بعد اليوم من يصابحني يوميا أو على الأقل بين يوم واخر بشكل متميز وبطريقة مختلفه حتى في اسلوبها وتعودناها منذ سنوات وهي وبسبب محبتنا لأهلنا وللناس جميعا تناغي طريقة أهلنا في جنوب القلب من وطننا الحبيب .. حيث يرن رقم جوالك لاسمع منك ( صباح الخير مولانا .. لاجيبك مولاك ابو عبدالله .. صباح الانوار ) وهكذا تدور الأيام والصباحات فمن الذي يعيدها أيها الحبيب ..

أيها الحبيب المحبوب المسافر الى دنيا الخلود .. لقد وجدتك ومن خلال رفقتك الطويله فارسا ابيا يعتد بنفسه جمع بين النفس الثائره المتمرده التي تميز بها أهلنا من سكان مدن وقرى أعالي الفرات وبين حلم المناضلين الصابرين المتأملين المحاورين بالحجة والمنطق وبالحق المبين والذي لا يقبل الزيغ أو الزلل .. وجدتك ثائرا ومتمردا حتى على بعض أعراف وطباع رفاقك التي ترى بوجوب مغادرتها وتجاوزها وتطويرها مع تطور الحياة والفكر ..

كنت تمتلك خليطا عجيبا بين الموروث الشعبي والحكايا والأمثال والحكم حتى التي تتحدث بها عجائزنا .. وبين الفكر المتنور والمتطور والذي يبلغ عن الحداثه والمستقبل الرصين ..

ومع كل ذلك امتلكت قلبا يتسع للجميع ويمتلك محبه للجميع حتى لمن أساء الينا .. كنا نحسدك عليها وكنت تعامل من أساء اليك بأخلاق الفرسان .. والله لقد كنت شاهدا على الكثير من تلك المواقف من الذين اساءوا اليك والينا بقسوه وقد يكون بعضها خارج المنطق والأخلاق ولكننا كنا نتجاوزها باخلاق الفرسان .. والأدهى ان بعض تلك الاساءات كانت تصدر احيانا من ناس كنت قد احسنت اليهم في الموقف والمحبه ..

أيها الحبيب الغائب الحاضر .. وأنا أرثيك اليوم والدموع لم تنقطع حيث أكتب كلمات الرثاء .. لا بد لي ان اثبت للتاريخ أنك كنت وطنيا مخلصا وفيا مؤتمنا على المباديء وعلى حق العراق المبين وتتحدث بلغة أهله وطموحاتهم وأحلامهم .. وكنت عنيدا وشفافا وتطرح الرؤيا ووجهة النظر بلين ومحبه ولكنها بصلابة المناضلين الكبار ممن حملوا على اكتافهم ارث وتاريخ وعنفوان وطن يستحق المجد والرفعه ..

كيف لا وأنت من شاء القدر ان يرافق اثنان من أهم الثائرين الأحرار في تاريخ العراق الحديث ،بل من أهم الثايات والمثابات الوطنيه والقوميه في تاريخ العرب الحديث ..

أيها الحبيب والأخ والصديق الذي غادرنا مبكرا حيث لازال في العمر متسعا ولا زالت الأحلام والامال تترى علينا وعلى عقولنا .. هنيئا لي بصداقتك ومعرفتي بك .. وهنيئا لك بمحبة الناس العفويه في بلادنا وفي معظم بلاد العرب من الذين عرفوك بل ومن معظم الأحبه من العراقيين في المهاجر ..

نم قرير العين أيها الحبيب ولن أقول لك وداعا لأنك ستبقى بين الحنايا والضلوع مادام في القلب منزع ..

ويا لمأساتي وحزني عليك ويالوجعي ولوعتي على فراقك أيها النبيل الأصيل الذي امتلك نخوة وفزعة قل مثيلها عند الرجال .. فكم كنت تسعى لرفع ضيم وتقديم عونا لمحتاج ومساعدة من يحتاج الى عبور ازمه وأسعاف ملهوف .. تقبلك الله في عليين وفي جنات الخلد ومنحنا الله واهلك الصبر على فراقك .. وانا لله وانا اليه راجعون
وسبحان الحي الذي لايموت ..

اخوك ورفيقك أبو عبد الملك
١٦ تشرين الثاني ٢٠٢٠




الاثنين ٣٠ ربيع الاول ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / تشرين الثاني / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب اخوك ورفيقك أبو عبد الملك نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة