شبكة ذي قار
عـاجـل










التطبيع مع العدو الصهيوني بهوى النظام العربي ووعاظ السلاطين - الحلقة الأولى

 

زامل عبد

 

اكتسبت فلسطين قدسيتها كونها أُولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومهد السيد المسيح عليه السلام إضافة إلى أن فلسطين قضية تحرر وطني عربي في منشئها وفي حلها بأفق إنساني لذا فقد تصدرت سلم أولويات الأُمة العربية والإسلامية،  ما جعل الشعوب العربية والإسلامية حائلاً دون أن يتمتع الكيان الصهيوني بعلاقات طبيعية مع دولهم،  فلزِم الامر تغييب العقل العربي الإسلامي ليصبح العدو صديقاً وذلك بأدوات عدة منها { تزييف الوعي الديني من خلال فتاوى وعاظ السلاطين ومن استهوته الدنيا بالسحت الحرام والمنافع التي يغدقها الحاكم، وآراء تنتحي بالشريعة بعيداً عن الحق وقد تم في موجات متوالية كل منها أشد من سابقتها سوءاً وانحرافاً عن الخط الأصيل } ثمة حقيقة يجب إقرارها {{ أن فتاوى التطبيع والمهادنة للعدو،  كانت خروجاً على ما أصله فقهاء الأمة من آراء فقهية أوجبت الجهاد ضد العصابات الصهيونية وكيانها الغاصب في فلسطين،  وألزمت آحاد الأمة بالعزل التام للكيان على كل الأصعدة من خلال المقاطعة إدراكاً من العلماء بطبيعة الصراع مع العصابات الصهيونية فهو (( عدوٌ محاربٌ ))  }}،  قد أغار على وطنٍ فاستولوا عليه بالقوة،  واستبدوا بأمر المُلك فيه،  وأن أهداف العدو البعيدة هي السيطرة على دول الإسلام كافة والقضاء على عروبتها وحضارتها ولتحقيق هذا الهدف سعت هذه العصابات أولاً إلى (( إقامة كيان يهودي بقطر من أعز أقطار الأمة العربية والإسلامية وهو فلسطين وتهويد هذه البلاد الإسلامية المقدسة  وإخراجها من أيدي أهلها وإجلائهم عنها ))،  وذلك من خلال امتلاك أراضي فلسطين التي تعد القضية الأساسية وهذا كله يتم  بدعم من الدول الغربية  وبتأييد من المؤسسات الدولية ومساعدة  النظام العربي من خلال  تهجير مواطنيهم اليهود الى  فلسطين وهنا قدموا الخدمة للكيان الغاصب،  وبعض أبناء الوطن وانطلاقاً من هذا الفهم لطبيعة الصراع،  منذ الأيام الأولى للصراع العربي الصهيوني خرجت الفتاوى من علماء وفقهاء ومراجع يتسمون بالإيمان الصادق والوعي التام للتكليف الشرعي الذي يلزمهم ولم تلوثهم السياسة تحثُّ المسلمين في كل بقاع الأرض على وجوب الجهاد لتحرير فلسطين بالنفس والمال،  وحرَّمت التقاعس عن هذا الواجب،  وعدم جواز الصلح مع العصابات الصهيونية لما له من إقرار الغاصب - العصابات الصهيونية - على الاستمرار في غصبه والاعتراف بأحقية يده على ما اغتصبه وتمكين المعتدي من البقاء على عدوانه وعارضت فتاوى العلماء في أثناء الحرب مع العصابات الصهيونية عقد الهدنة مع العدو الصهيوني،  لما سيعود بالمصلحة عليه،  دون تحقيق فائدة للمجاهدين،  في ميدان المقاومة وكذا أيَّد العلماء مقاطعة العدو،  بـ(( منع السلاح،  والذخيرة عن اليهود،  وعدم السماح بمرور ناقلاتها )) وعدم جواز (( إرسال أي شيء،  سواء كانت أسلحة،  أو مواد تُستخدم في صناعتها،  أو حتى الغذاء والملبس،  حيث إن  إرسال غير الأسلحة إليهم،  يُقوّيهم،  ويُغريهم على التشبث بموقفهم،  الذي لا تبرره الشريعة )) وأعلنت الفتاوى بطلان القرارات الدولية الجائرة،  في حق الشعب الفلسطيني  مثل قرار التقسيم وأجمعت على (( تحريم بيع الأرض في فلسطين لليهود،  وتحريم السمسرة على هذا البيع،  والتوسُّط فيه وتسهيل أمره بأي شكلٍ وصورة من صورها الرسمية ( البيع )،  أو غير الرسمية ( كالترغيب )  وتحريم  الرضا بذلك كله والسكوت عنه،  وأن ذلك كله أصبح،  بالنسبة لكل فلسطيني،  صادراً من عالِم بنتيجته راضٍ بها،  ولذلك  فهو يستلزم الكفر،  والارتداد عن دين الإسلام،  وأن  بائع الأرض لليهود في فلسطين  سواء كان ذلك  مباشرة،  أو بالواسطة،  وأن السمسار،   والمتوسط في البيع،  والمسهِّل له،  والمساعد عليه،  بأي شكلٍ  مع علمهم بالنتائج،  كل أولئك،  ينبغي ألا يُصلى عليهم،  ولا يدفنوا في مقابر المسلمين  ويجب نبذهم ومقاطعتهم واحتقار شأنهم،  وعدم التودد إليهم،  ولو كانوا أباءً،  أو أبناءً،  أو إخواناً،  أو أزواجاً  )) كما بيَّنت الفتاوى الموقف من آية *  وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ  * حيث إجماع الفقهاء على تقييدها برؤية مصلحة للمسلمين في ذلك أخذاً بقوله تعالى  *  فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ *  وعن فعل الرسول صل الله عليه واله خير البرية وسلم مع مشركي مكة أشار العلماء إلى وجود فارق وهو  ((  أن مكة كانت بلداً مشتركاً بين المؤمنين،  والمشركين ووطناً لهم أجمعين  بخلاف أرض فلسطين،  فإنها مِلكٌ للمسلمين،  وليس لليهود فيها حكمٌ،  ولا دوله )) ولم ترتبط الفتاوى بحدود فلسطين الجغرافية بل خرجت من فلسطين وسورية وعلماء نجد ومصر وعلماء العراق والمغرب العربي وجمعية العلماء المركزية للهند والمؤتمر الدولي الإسلامي في باكستان ،   جاء حين من الدهر وسيطرت فيه أنظمة شمولية على الحكم في الدول العربية،  حرصت على توظيف الدين لخدمة سياستها الرامية  في الأساس  إلى الاحتفاظ بكرسي الحكم ،   وضمان استقرار الأوضاع الداخلية من خلال تحييد القوى الخارجية حتى وإن كانت تلك السياسات في غير صالح الشعوب ما استلزم تهيئة العقول العربية لما ترمي إليه تلك الأنظمة ولأن الدين أصل نافذ في وعي الشعوب وأكبر المؤثِّرات على أبناء الأمة فلزم استقطاب بعض أصحاب العمائم واللحى لتبرير تلك السياسات  فسقط البعض في اجتهادات خاطئة،  وارتضى البعض الآخر أن يفتي ابتغاء مرضاة  الملك او الرئيس،   فكان الخطأ والتزييف هو الموجه  لتلك الآراء غير أن الأمة لم تُعدم العافية  بل من علمائها من لم يزالوا على الحق يكشفون كل زيف  بالحجة والبيان ،  ويمكن حصر ارتداد النظام العربي بثلاث موجات من الذل والهوان امام العدو الغاصب.

 

يتبع بالحلقة الثانية

 






الاثنين ٢٢ رجــب ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / شبــاط / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة