شبكة ذي قار
عـاجـل










شيء من التاريخ وشواهد الحقد الفارسي الصفوي على العراق- الحلقة الأولى

زامل عبد

 

منذ العصور القديمة كان العراق وبلاد فارس  - ايران حاليا -  دولتين وإمبراطوريتين متنافستين  -  وهنا لابد من التفريق  فيما بين الدور العراقي والدور الفارسي الصفوي الذي يرتكز على التمدد  والتدخل بالشؤون الداخلية لجيرانه  وخاصة العراق لما يشكله من أهمية من حيث الموقع  والموارد البشرية والمادية  -   فبلاد ما بين النهرين  - العراق -  كانت موطناً للإمبراطوريات الآشورية والبابلية وكذلك العباسية في القرون الوسطى أما السلالات الأخمينية والصفوية في القرون الوسطى ،  وقاجار مبكرة الحداثة فقد حكمت بلاد فارس ،  وللعراق أهمية خاصة بالنسبة لإيران منذ أن جعلت السلالة الصفوية المذهب الجعفري (( الشيعية الامامية الاثني عشرية  ))  الدين الرسمي للدولة في القرن السادس عشر ، وهنا لابد من تدوين أن التشيع ولد في العراق كما أن مدن النجف وكربلاء هي مراكز شيعية تقليدية للتعلم ووجهة الزائرين الدينيين وعلى مدى عدة قرون ، كان الحضور الفارسي في المدينتين قوياً جداً من خلال المرجعية التي اغلب عناصرها إيرانيين وطلبة المدارس الدينية ونتيجة لذلك تعتبر إيران جنوب العراق جزءاً من مجال نفوذها وقد استمرت هذه الخصومة القديمة حتى العصر الحديث ،  وتحاول ايران تصدير الإيديولوجيا الإسلامية إلى العراق تحت عنوان ((  تصدير الثورة الإسلامية  )) ، مما الى تدخلها بالشأن الداخلي العراقي من خلال ادواتها كحزب الدعوة العميل  والرتل الخامس الإيرانيين المتجنسين بالجنسية العراقية او المتفرسين او الإيرانيين المتواجدين على الأرض العراقية كطلبة علوم دينية او المقيمين او من دخل الأراضي العراقية بحجة زائر للعتبات الدينية وتخفى في مدن النجف او كربلاء او الكاظمية  ،  وقاموا بعدة عمليات إرهابية كتفجير او الاغتيال  او التعرض لمواكب تشيع كما حصل في منطقة الوزيرية عند تشيع الطلبة الذين استشهدوا بحادث الجامعة المستنصرية  وصولا الى العدوان في عام 1980 والذي استمر الى ثمان سنوات بسبب عناد خميني  ، فإن غزو العراق واحتلاله من قبل القوات الأمريكية ومن تحالف معها عام 2003 شكلت فرصة تاريخية لإيران لتوسيع نفوذها في العراق وتحويله إلى شريك أو حليف كما أن إنشاء ما يسمى بـ تنظيم ((  الدولة الإسلامية في العراق والشام  - داعش - ))  الذي ثبت لإيران الملالي دور في نشؤه من خلال تواجد قياداته في الداخل الإيراني وتسهيل تنقلهم الى أفغانستان والعراق في مناطق من شمال وغربه  ،  في عام 2014 سمح لإيران بتعزيز نفوذها في بغداد وتقديم نفسها كحامية للعراق وفقاً لمجرى الأمور كتسليح اذرعها المليشياوية   فمنذ 2003 حاولت إيران التأثير على السياسة العراقية من خلال العمل مع الأحزاب التي نشأتها إيرانية وموالية لولاية الفقيه والكردية لإنشاء دولة فدرالية ضعيفة يهيمن عليها التشيع السياسي وتكون أكثر انصياعاً للنفوذ الإيراني وكانت طهران قد دعمت الجماعات المسلحة والميليشيات  المدعية انها شيعية  وحقيقتها ولائية لا تمثل  منهج اتباع ال البيت لا من قريب ولا من بعيد ، وعززت من قوتها الناعمة في المجالات الاقتصادية والدينية والمعلوماتية وقد قامت استراتيجية إيران على توحيد ادواتها السياسية المسمات أحزاب او تيارات او حركات  في العراق لكي تتمكن هذه الأحزاب من ترجمة أهميتها الديموغرافية إلى نفوذ سياسي وبالتالي تعزيز هيمنتها في بغداد ومن هنا شجعت طهران أقرب حلفائها أي (( فيلق بدر و المجلس الأعلى الإسلامي في العراق و حزب الدعوة الإسلامية والتيار الصدري )) ، على المشاركة في الحياة السياسية  كالانتخابات التشريعية والمجالس المحلية في المحافظات والعمل على تشكيل المؤسسات الناشئة في العراق وقد دعمت طهران مجموعة من الأحزاب والحركات المختلفة لتوسيع خياراتها وضمان تقدم مصالحها بغض النظر عن الطرف العراقي الذي يصل إلى القمة  ، ويمكن تصنيف ذلك  ب (( الحلفاء المحليون  ))  {{ المجلس الأعلى الإسلامي في العراق الذي انشأ من قبل مغتربين عراقيين في طهران عام 1982 وكان مقره في طهران وله اشراف على معسكرات في الاحواز لأعداد عملائه والخونة للقيام بأعمال ارهابيه  إلى حين عودة هؤلاء إلى العراق في عام 2003  تحت رعاية أمريكا ،  أما الميليشيا التابعة لفيلق بدر فقد قام الحرس الثوري الإسلامي بتدريبها والسيطرة عليها وقاتلت إلى جانب القوات الإيرانية خلال الحرب الإيران المفروضة على العراق  ،  وعند الغزو والاحتلال عام 2003 دخلت ميليشيا بدر من إيران إلى جنوب العراق للمساعدة في تأمين ذلك الجزء من البلاد وفي وقت لاحق تم دمج العديد من عناصر فيلق بدر في قوات الأمن العراقية وخاصة الجيش والشرطة الوطنية  }} وفي عام 2012 انشقت منظمة بدر عن المجلس الأعلى الإسلامي في العراق وتحالف زعيمها  أبو الحسن هادي العامري مع نوري المالكي بقوله الشهير – الزواج الكاثوليكي -  أي لا انفصال فيما بينهما ،  وبعد سقوط الموصل بيد تنظيم الدولة الإسلامية في حزيران 2014 تزعمت منظمة بدر بقيادة هادي العامري الحملة العسكرية ضد تنظيم داعش  مما عزز إلى حد كبير من صورة المنظمة السياسية على الصعيد الداخلي واعتباراً من عام 2015 أصبح هادي العامري أحد أقرب حلفاء طهران في العراق أما حزب الدعوة الذي تأسس في أواخر الخمسينات  فقد تمتع بدعم ايران الشاه والخميني   وقد اختير نوري المالكي من قبل المجلس الأعلى الإسلامي في العراق ومقتدى الصدر كحل توافقي لرئاسة مجلس الوزراء في عام 2005  بدلا من ابراهيم الجعفري ، لكن المالكي استخدم منصبه في وقت لاحق لبناء قاعدة قوة في الحكومة والجيش وعملت أجزاء من هذه القاعدة كميليشيا شخصية وحزبية وبعد انتخابات عام 2014  تم استبدال المالكي بحيدر العبادي كرئيس لمجلس الوزراء  ، كان المالكي متقارباً بشكل عام من منهج علي خامنئي ، ولكن ليس من عقيدته ولاية الفقيه لأنه يتبع بالتقليد لفضل الله  وحيث أخذ بعين الاعتبار اعتماده على واشنطن من أجل البقاء ، حاول السير في طريق وسطي بين طهران وواشنطن وتجنب احتضان كامل لطهران أما العبادي فقد مثّل ميلاً أقل نحو الانعزالية داخل الحزب إلا أنه تابع سياسة المالكي بمحاولة شق طريق وسطي بين واشنطن وطهران ، والدعوة للمصالحة مع العرب  من اهل السنة والجماعة في العراق في الوقت نفسه لكن تأثير العناصر الطائفية داخل ائتلاف دولة القانون الذي ينتمي إليه والتحالف الوطني العراقي الحاكم منعه من تنفيذ ذلك  ،   ظهر التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر كقوة رئيسية في السياسة العراقية والشارع العراقي منذ عام 2003 واستغل مقتدى الصدر اسم عائلته بصفته ابن المرحوم محمد صادق الصدر الذي اغتيل على يد عملاء النظام الإيراني في عام 1999 كما أن خطابه الشعبوي والمناهض لأمريكا والقوة والمحسوبية التي تقدمها له ميليشيا جيش المهدي التي أُعيدت تسميتها بسرايا السلام عززت جميعها من تأييده في محافظات الفرات الأوسط والجنوب  ،  وعلى الرغم من انحيازه السياسي مع المجلس الأعلى الإسلامي في العراق و منظمة بدر وحزب الدعوة ، كانت للتيار الصدري أيضاً علاقة مثيرة للجدل وعنيفة مع العديد من هذه الأحزاب  ،  فقد فر الصدر إلى إيران في عام 2007 لتجنب استهدافه من قبل القوات الأمريكية والعراقية ، ولمواصلة دراسته الدينية على يد كاظم الحائري وعاد إلى العراق في عام 2011 واستمر في لعب دور في السياسة العراقية  تحت عنوان الإصلاح ، وعلى الرغم من أنه غالباً ما نأي بنفسه عن السياسات الإيرانية وهذا بسبب غالبية التيار الصدري لا يتبع ولاية الفقيه  وله موقف من السياسة الإيرانية في العراق

 

يتبع بالحلقة الثانية

 

 

 






الخميس ٣ شعبــان ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / شبــاط / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة