شبكة ذي قار
عـاجـل










سواليف الإخباري

مقال الأحد 9-4-2023/ أحمد حسن الزعبي

 

يتيم ثلاثة أباء

 

عشرون سنة على قُبلة الوداع ..عشرون سنة على قِبلة الوداع ..عشرون سنة على غرغرة حناجر المذيعين باسمك المعتّق والعتيق ...عشرون سنة على انسكاب نهري دجلة والفرات دمعاً على وجه عروبتنا..

عشرون سنة على  سقوط "العباءة" والعقال ..عشرون سنة والحزن أكبر من أن يقال..

التاسع من أبريل.. كان يوماً مالحاً في فمي ..يكسو رموشي طبقة من رمال الخوف ..شفتاي تشققتا بتيه الصحراء ..كنت أهرول واسقط على ركبتي بين قنوات الأخبار ، أبحث عن سراب المعجزات أحسبه ماء الانتصار..

كنت حافياً من كل أمل ، لكنني لا أحس بلهيب الهزيمة..

أهرول بكل اتجاه ، اصرخ بملء صوتي بغداد ، عاشق لا يأخذ قلبه المتيّم من الحبّ إجازه.. أصنع بأحلامي أكليل الياسمين لزفافها.. وهم يحملون على الجسر الجنازة..

**

في التاسع من ابريل، في غرفتي المعتمة بغربتي المؤلمة..بكيت كثيراً كثيراً..بكاء اليتم الجديد..بكيت أبي العراق بكيت حلمي ،بكيت عروبتي ، بكيت الفراق، بكيت تاريخ الرشيد..بكيت "أم قصر" وجسر دجلة ،واحتجاج الرمال ، بكيت حتى النحيب عندما قهقه مغول العصر من هزيمتنا ، وغطوا على وجهنا راية  الاحتلال..بكيت كثيراً كثيراً..عندما جرّوا بحبل مشانقنا كرامة "التمثال"..

**

نادراً ما أبكي..لكن ان بكيت لا استطيع التوقف عن البكاء ،عندها يصبح حزني  غيماً باكياً ويصبح وجهي سماء..بكيت أبي في آب ...وبغداد في نيسان.. وأمي في حزيران...بكيتهم جميعاً بلا توقف ،بكاء يليق بحزن الفراق...

قد يكون المرء يتيم الأبوين، فهذا ممكن..أما أنا فيتيم ثلاثة  أباء..أبي وأمي والعراق..

 

أحمد حسن الزعبي

ahmedalzoubi@hotmail.com






الاحد ١٨ رمضــان ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / نيســان / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أحمد حسن الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة