شبكة ذي قار
عـاجـل










الصراع المسلح في السودان والدور الميليشياوي المتمرد فيه - الحلقة الأولى

 

زامل عبد

 

إن الأحداث الدامية التي تحصل الآن في السودان الشقيق  لا تبعدنا عن الخوف المتجدد على عراقنا الغالي لأن أساس الصراع في السودان هو ذاته اليوم في العراق مليشيات متمردة على القانون والية العمل في القوات المسلحة والتي تعمل بكل ما امتلكت من قوة ودعم خارجي  اختزال الدولة ومؤسساتها بأدائها الممنهج لا نجاز اجندتها  وبرنامجها السياسي دون أي اعتبار للمصلحة الوطنية القومية  ، وقبل تناول الموضوع وتحليله لابد من الإشارة الى ان قوات الدعم السريع  في السودان هي مليشيا شبه عسكرية مشكلة ومكونة من مليشيات الجنجويد التي كانت تقاتل نيابة عن الحكومة السودانية خلال الحرب في دارفور  ،  وتتمّ إدارة قوات الدعم السريع من قِبل جهاز المخابرات والأمن الوطني وهذا الأخير يقبعُ تحت قيادة القوات المسلحة السودانية   وتأتمرُ قوات الدعم السريع بأمرِ محمد حمدان دقلو المعروف أيضًا باسمِ حميدتي الذي برزَ بعدَ سقوط نظام البشير وصار في وقت لاحق نائب رئيس المجلس العسكري الذي ينوي قيادة البلاد في الفترة الانتقاليّة  وخلال الاحتجاجات الشعبية السودانية في عام 2019 وبعدَ الانقلاب العسكري الذي نفذه الجيش والذي مكنه من الوصول للسلطة صار لقوات الدعم السريع صلاحيات أكبر ولعبت الدور الأبرز فِي القمع العنيف للمتظاهرين المؤيدين للديمقراطية وتحقيق نظام مدني ديمقراطي يمثل كل السودانيين بمختلف  تنظيماتهم ومنظماتهم المدنية الحكومية وغيرها ، إلى جانب قوات الأمن الأخرى ونفذت قوات الدعم السريع مجزرة القيادة العامة في حزيران 2019 والتي راح ضحيتها ما يزيد من 100 شخص من المعتصمين العزل في العاصِمة السودانية الخرطوم  ، وعلى ضوء ما تقدم تعد قوات الدعم السريع الميليشيات التي استخدمتها وتستخدمها الحكومات السودانية في عهد البشير وما بعده في لمحاربة أي احتجاجات ، ومن المهام التي انيطت بها بالإضافة إلى دورها في دارفور القيام بدوريات على الحدود مع ليبيا ولجمع اللاجئين الإريتريين والإثيوبيين وذلك في إطار تنفيذ بنود مبادرة مشتركة بين الدول الأوروبية والأفريقية بما في ذلك السودان لوقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا  ومن اجل تحقيق اهداف زعامتها ما بعد التغيير في مواقف الفريق البرهان وتوجهه الى دمجها بالقوات المسلحة السودانية  ، ادعت قوات الدعم السريع في السودان يوم الخميس الموافق 11 نيسان 2023 أنها قوات قومية تضطلع بعدد من المهام والواجبات الوطنية التي كفلها لها القانون  وهي تعمل بتنسيق وتناغم تام مع قيادة القوات المسلحة ، وبقية القوات النظامية الأخرى ،  وعلية تؤكد قوات الدعم السريع  بأنها تنتشر وتتنقل في كل أرجاء الوطن من أجل تحقيق الأمن والاستقرار ومحاربة ظواهر الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية ومكافحة التهريب والمخدرات والجريمة العابرة والتصدي لعصابات النهب المسلح أينما وجدت وأشارت إلى أن وجود قوات الدعم السريع  بالولاية الشمالية وفي مدينة مروي على وجهة التحديد ، يأتي ضمن وجودها في بقية الولايات ، في إطار تأدية مهامها وواجباتها ، التي تمتد حتى الصحراء وفي سبيل ذلك قدمت قوات الدعم السريع عدداً من الشهداء والجرحى  لأجل تحقيق الأمن والطمأنينة للمواطنين  وبهذا تمكن محمد حمدان دقلو من الانتشار في القواعد والمطارات السودانية مما يتطلب جهد قتالي عالي لفك هذا الاشتباك وانهاء النفوذ المليشياوي في القوات المسلحة السودانية  وهذا الذي اجج الصراع فيما بين الارادتين لتكون السودان ارضا" وشعبا " هما الضحية  وقد تناول ذلك تصريح الناطق الرسمي لحزب البعث العربي في السودان بوضوح ومؤكد على وجوب انهاء كل ما نتج عن الانقلاب العسكري على الشرعية ما بعد البشير والعودة الى الية الاتفاق فيما بين القوى السياسية السودانية  ومبيننا بان انسحاب الحزب من الاتفاق  كرد فعل مسؤول ضد اي شكل ومن اشكال الانحراف السياسي  ومنهج التطبيع الذي يقوم به العسكر  وبعض الأطراف المدنية مع العدو الصهيوني  واستقبال البرهان لوزير خارجية العدو وهنا نشير الى ان بعض المحللين والمعنيين بالشأن العربي الافريقي يرون ان المشهد السوداني الراهن بالغريب عن تقاليد المنطقة العربية والبلدان الأفريقية جنوبي الصحراء ، بل يكاد يكون من المألوف لديهم أن نشاهد اقتتال جماعات مسلحة تتصارع على السيطرة على مقاليد الحكم والثروات في بلدانها ، كما أن سيناريو الصدام بين الجيش النظامي وقوة عسكرية موازية له ومنافِسة ، ليس بالغريب أيضا بل يكاد يكون معتادا وتقضي القاعدة التاريخية بأن ازدواجية السلطة ، متمثلة بوجود قوتين مسلّحتين مستقلتين الواحدة عن الأخرى على أرض بلد واحد ، لا يمكنها أن تكون أكثر من حالة انتقالية يتحتّم حسمها لصالح أحد الطرفين في نهاية المطاف ، مهما طال الانتقال الذي تتحكّم موازين القوى بمدّته  ، وبالطبع  ثمة فارق أساسي بين أن يكون الطرفان المسلّحان وليديّ مشروع سياسي واحد ، وأن يكونا منبثقين عن مشروعين سياسيين متعارضين  فعلى سبيل المثال ، حيث جسّدت المقاومة الفلسطينية في الأردن ولبنان مشروعا سياسيا متعارضا مع الحكم القائم في البلدين ، نجد تعدّدا لقوى مسلّحة مستقلة الواحدة عن الأخرى ، في دائرة المشروع السياسي الأصلي الواحد في مناطق سيطرة التحالف بين نظام آل الأسد والقوات الخاضعة لإيران وروسيا في سوريا فبينما يتحتّم الصدام مبكّرا في الحالة الأولى ، يتأجل في الثانية ما دامت الأطراف المنزوية في مصارعة عدوّ مشترك ، ترى أن هذا العدوّ لا زال يشكّل خطرا عليها جميعا ، بما يفرض عليها مواصلة التعايش والتعاون  ، ويمكننا درج حالة السودان في الصنف الثاني إذ إن  قوات الدعم السريع  نشأت عن مليشيات  الجنجويد  التي عملت كحليفة للقوات المسلّحة السودانية النظامية في حرب دارفور ، حتى مأسستها بقرار من عمر البشير قبل ما يناهز عشر سنوات فهي وليدة المشروع السياسي الرجعي الاستبدادي -  اي التيار السياسي المتأسلمة  -  ذاته الذي كانت القوات المسلّحة عموده الفقري ، وقد تطوّرت بصورة قوات الظلّ بالنسبة لهذه الأخيرة تسيطر على إمبراطورية اقتصادية ، يغلب عليها طابع المافيا بمحاذاة الإمبراطورية الاقتصادية الرسمية التي يملكها الجيش السوداني أسوة بنظيره المصري 

 

 يتبع بالحلقة الأخيرة






الاثنين ٤ شــوال ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / نيســان / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة