شبكة ذي قار
عـاجـل










القومية العربية جذور النشأة واتجاهات المستقبل وموقف الإسلاميين  - الحلقة الثانية

 

زامل عبد

 

وإن تظاهر بخلاف ذلك - تغريرا للعرب عن  دينهم ، وتشجيعاً لهم على الاشتغال بقوميتهم ، والدعوة إليها والإعراض عن دينهم  ، ومن زعم من دعاة القومية أن الدين من عناصرها ، فقد فرض أخطاء على القوميين  وقال عليهم ما لم يقولوا لأن الدين يخالف أسسهم التي بنوا القومية عليها ، ويخالف صريح كلامهم ويباين ما يقصدونه من تكتيل العرب ، على اختلاف أديانهم تحت راية القومية ، ولهذا تجد من يجعل الدين من عناصر القومية يتناقض في كلامه ، فيثبته تارة وينفيه أخرى ، وما ذلك إلا أنه لم يقله عن عقيدة وإيمان ، وإنما قاله مجاملة لأهل الإسلام ، أو عن جهل بحقيقة القومية وهدفها ، وهكذا قول من قال - إنها تخدم الإسلام أو تسانده  -  ، وكل ذلك بعيد عن الحقيقة والواقع ، وإنما الحقيقة أنها تنافس الإسلام وتحاربه في عقر داره، وتطلي ببعض خصائصه ترويجاً لها وتلبيساً أو جهلاً وتقليدًا  ، لو كانت الدعوة إلى القومية يراد منها نصر الإسلام وحماية شعائره، لكرس القوميون جهدهم في الدعوة إليه ومناصرته، وتحكيم دستوره النازل من فوق سبع سماوات ، وليبادروا إلى التخلق بأخلاقه ، والعمل بما يدعو إليه ، وابتعدوا عن كل ما يخالفه  لأنه الأصل الأصيل والهدف الأعظم ولو كانت الدعوة إلى القومية يراد منها نصر الإسلام وحماية شعائره ، لكرس القوميون جهدهم في الدعوة إليه ومناصرته ، وتحكيم دستوره النازل من فوق سبع سماوات ، وليبادروا إلى التخلق بأخلاقه ، والعمل بما يدعو إليه ، وابتعدوا عن كل ما يخالفه ؛ لأنه الأصل الأصيل والهدف الأعظم  ))   ، وفتواه ((  الدعوة إلى القومية العربية أو غيرها من القوميات دعوة باطلة ، وخطأ عظيم ، ومنكر ظاهر ، وجاهلية نكراء ، وكيد للإسلام وأهله , وذلك لوجوه قد أوضحناها في كتاب مستقل سميته : " نقد القومية العربية على ضوء الإسلام والواقع " . " فتاوى الشيخ ابن باز " ( 4 / 173 ) ))   وردا على هذا التجني وغيره الذي يؤمن به التيار الإسلامي السلفي او غيره ،  يمكننا الوقوف عند ما قاله  المرحوم القائد المؤسس احمد يوسف عفلق  في القومية العربية ليرد على كل ما قيل ويقال عن القومية ظلما وعدوانا" من قبل السلفيين أو ممن خارت قواهم وحكمة العقل والصواب لضعف ايمانهم  {{  ان القومية العربية ليست نظرية ولكنها مبعث النظريات ، ولا هي وليدة الفكر بل مرضعته ، وليست مستعبدة الفن بل نبعه وروحه ، وليس بين الحرية وبينها تضاد ، لأنها هي الحرية ، اذا ما انطلقت في سيرها الطبيعي وتحققت ملء قدرتها  ، ثمة فرق جوهري بين الجسم الحي ، مهما كان ضئيلا بسيطا وبين الجسم الآلي الذي يريد تقليد الحياة والتشبه بها ، مهما أتقن الصانعون صنعه وافرغوا فيه فنهم ومهارتهم ، الآلة خارجة عن مجرى الحياة وغير متصلة بالزمان ،  فلا يحسب الذين يستعيرون النظريات القومية والفلسفية الأجنبية ويكدسونها بعضا فوق بعض ليركبوا منها القومية العربية   انهم بوضعهم الثياب الجميلة على عصا يوهموننا بأنها تحيا ، اننا لا نزال نشعر أن هناك جسما حيا اهملوه وتعاموا عنه ، انه مازال عاريا ، قد يكون هزيلا ولكنه جميل ، وجماله لا لشيء ، سوى انه حي  ، كثيرا ما نسمع (  أأنتم أفضل من هذه الأمة أو تلك ! انها مرت على هذه المراحل ونجحت بهذه الأساليب ! ) لسنا ندعي اننا أفضل من غيرنا ، لكننا مختلفون عنهم  وهذا الاختلاف هو الذي يجعلنا عربا ويجعلهم غير عرب  ولسنا نقول بضرر الاطلاع على النظريات الرائجة عندهم بل نعتقد ان فائدة هذا الاطلاع يجب أن تبقى سلبية ، أي ان نعرف بواسطته كل الأشياء التي ليست لنا فإن ذلك يقربنا من فهم حقيقتنا وحاجتنا ،  كل تفسير للقومية العربية لا ينبعث من صميمها ، انبعاث الغرسة من الأرض والسنبلة من القمحة يكون تفسيرا ضالا جامدا ميتا    وكل نظرية عن العروبة يصح أن تقال على السواء عن فرنسة القرن الثامن عشر وعن اليونان في عهد أفلاطون ، نظرية زائفة آلية ، لأنها لا تنبئ عن خصائص المكان ولا يستشف منها انسياب الزمن. وليكفوا عن التذرع بالأشياء الخالدة المشتركة اذ لا شيء خالدا ومشتركا بين البشر غير التحول والاختلاف  ، لا يصبح العرب قوميين باعتناقهم فكرة القومية فهي ليست فكرة  ولا بعملية حب وإيمان وإرادة ، فهي شروط لازمة للقومية ولكنها ليست إياها  ،  جعل القومية فكرة تعتنق يضيف الى طوائف العرب طائفة جديدة ويضع على النفس العربية طلاء فوق القشور الموجودة التي تغشاها، ويزيدنا تفرقة ويباعد ما بين التجانس وبيننا  لا يحتاج العرب إلى تعلم شيء جديد ليصبحوا قوميين، بل إلى إهمال كثير مما تعلموه حتى تعود إليهم صلتهم المباشرة بطبعهم الصافي الأصيل  ، القومية ليست علما بل هي تذكر ، تذكر حي  ،  وهذه المعجزة التي يسعون اليها ويتلوون على ألف شكل لكي يعثروا عليها، ما عسى تكون دهشتهم عندما تظهر فيهم نقية كاملة ، بسيطة بساطة المعجزات ، إذا هم تركوا الحياة تستعيد فيهم عفويتها وحريتها وتملأ كل سعتها عبثا ينشدون قوميتهم بتحليلها من الخارج إلى عناصرها ، وتركيبها تركيبا صنعيا مستوحى من الكتب والتفكير المجرد ومثال الأمم الأجنبية، انهم لن يجدوها الا في داخلهم مركبة وواحدة معا كما هي في الواقع وككل شيء حي متداخل الأجزاء ، لا يفصل عنها جزء الا ويفقدها الحياة. هي في أعمالنا الماضية وآلامنا الحاضرة ، في فضائلنا وعيوبنا ، في تاريخنا المسطور في الكتب وتاريخنا المحفور على حنايا الضلوع ، الذي يقرر أكثر اتجاهاتنا ويغذي معظم أحلامنا  }}

 

يتبع بالحلقة الثالثة

 






الخميس ٧ شــوال ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / نيســان / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة