شبكة ذي قار
عـاجـل










القومية العربية جذور النشأة واتجاهات المستقبل وموقف الإسلاميين - الحلقة السابعة

زامل عبد

 

ومن هنا تبرز مسالة في غاية الأهمية وهي ان لكل ظاهرة حية معاناتها النفسية والفكرية الخاصة. ولكن هذه الخصوصية غير منعزلة عما يحيط بها من ظواهر حيوية أخرى وانطلاقا من هذا التصور العلمي الثوري للحياة كان الاكتشاف البعثي لمفهوم الخصوصية القومية، فالقومية العربية كظاهرة حية وخالدة لها خصوصيتها المرتبطة بطبيعتها الانسانية وقد قال المرحوم القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق عام 1941 م حول الخصوصية القومية ((لسنا ندعى اننا أفضل من غيرنا. لكننا مختلفون عنهم. وهذا الاختلاف هو الذي يجعلنا عربا   ويجعلهم غير عرب  ،  وقال أيضا  -  القومية للشعب كالاسم للشخص والملامح للوجه  وهي قدر قاهر يسير مجموعة من البشر في مجرى من الحوادث والظروف فريد ، وينسج عليه غلافا من الصفات متميز الشكل  لذا فان اية محاولة لإلغاء الخصوصية القومية لأسباب اممية ، كما فعلت الحركة الشيوعية والدينية السياسية العربية انما تعنى القفز عن حقيقة حية وملموسة وبالتالي تحويل الكائن الحى إلى إنسان آلي مجرد ))   ( في سبيل البعث  ص 120 )، ويقول المرحوم القائد المؤسس  أحمد ميشيل عفلق حول إنسانية القومية العربية وصلة هذه القومية بإطارها العام عند سؤاله حول انصهار القوميات في شخصية قومية واحدة فأجاب  ((  ان القومية باقية خالدة تظل ذات شخصية حية ومقومات ولو ان هذه المقومات كما حدث في الماضي يمكن دائما ان تتطور كما يمكن ان تتبدل وتتشتت ولكنها على اية حال تظل باقية لا تزول .. والواقع ان من الخطأ وضع القومية والإنسانية كمراحل ترتيب زمني ، ان الانسانية موجودة وجود القومية وهي الان تزداد غنى بتيسر وسائل الاتصال بين البشر  بل تغنيها بتفاعلها المستمر )) ( في سبيل البعث ص218  )  ان تأكيد البعث الخالد على خصوصية القومية العربية انما يرجع الى سببين هما ( الأول المحاولات الاستعمارية الدائبة لطمس الشخصية القومية ، خاصة انه في فترة الاربعينات ولد الكيان الصهيوني المسخ ، كما كانت محاولات فرنسة الجزائر على يد الاستعمار الفرنسي قائمة ، إضافة الى واقع التجزئة وما يمكن ان يحول دون اكتمال مقومات الشخصية القومية  ، والثاني الحركات السياسية الأممية (بشقيها الديني والسياسي . إضافة الى الحركات الإقليمية) من هنا يبرز التأكيد على خصوصية ‏الظروف الذاتية والموضوعية للأمة العربية حيث ‏ان تسليط النظر حافزا ثوريا لأغنى عنه لنهوض الامة من غفوتها، للقائد الشهيد الحي صدام حسين قولا في ‏خصوصية النظرية البعثية قائلاً ((عندما نؤمن ‏بالخصوصية لا نؤمن بالانغلاق وإنما نؤمن بتلون عقيدتنا بلون الاناء الذي وجدت في الأساس فيه وترشحت عنه. لا ندعو للانعزال ولا ننكر تفاعل فكر امتنا مع الفكر الإنساني ودور الفكر الإنساني الإيجابي على امتنا. وبناء على ذلك فان خصوصيتنا ليست في الوسائل والصيغ والتعبير فقط وإنما في المنطلقات والمنهج الفكري أيضا)) (‏أمير إسكندر – صدام حسين مفكراً ومناضلاً وانسانا. ص 315) ويقول المغفور له الرفيق صدام حسين ((خصوصيتنا ليست خصوصية فرع من أصل مشترك مع الشيوعية وإنما هي خصوصية أصل متميز في المنطلقات والوسائل وهناك وسائل وصيغ معروفة تعبر عن هذا الأصل بالإضافة الى المنطلقات المركزية. اذن فان خصوصيتنا ليست خصوصية في الوسائل فحسب وإنما هي خصوصية في المنطلقات والوسائل معا)) (-  ‏صدام حسين –  بالفكر والممارسة والنموذج الحي يتحقق الإيمان – 1979م - ص16) مما تقدم فان خصوصية الامة العربية والتي تتجسد في النظرية القومية للبعث الخالد يوضحها المرحوم القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق بما يلي ((يقول القائد المؤسس حول خصوصية الامة: ان العرب ينفردون دون سائر الأمم بهذه الخاصة. ان يقظتهم القومية اقترنت برسالة دينية او بالأحرى كانت هذه الرسالة مفصحة عن تلك اليقظة القومية فلم يتوسعوا بغية التوسع ولا فتحوا البلاد وحكموا استنادا الى حاجة اقتصادية او ذريعة عنصرية او شهوة للسيطرة والاستعباد.. بل ليئدوا واجبا دينيا كله حق وهداية ورحمة وبذل، ان العناية الإلهية قد خصت الامة العربية دون غيرها من الأمم نظرا لأنها الامة الأكثر رجحانا في العقل والأقدر على حمل رسالة الإسلام ونشرها حيث يقول ان الله قادر ان يظهر الإسلام قبل ظهوره بعشرات السنين والقرون وفي اية امة من خلقه ۔ولكنه اظهره في وقت معين وفي حينه. واختار لذلك الامة العربية وبطلها الرسول العربي وفي كل ذلك حكمه فالحقيقة الباهرة التي لا ينكرها إلا كل مكابر هي اذن اختيار العرب لتبليغ رسالة الإسلام كان بسبب مزايا وفضائل أساسية فيهم، ان الامة العربية امة عريقة. كان لها دور عظيم في صناعة تاريخ البشرية.. وحضارتها انها امة اخترعت الحروف ووضعت اول القوانين في العالم. وكانت من اول أمم الأرض التي ابدعت في الفكر والثقافة والفن والعلوم.. والأمة العربية هي التي احتضنت الديانات السماوية العظيمة التي شعت نورا على الانسانية وفي ارض الرافدين ظهرت اول الحضارات الانسانية ، ان الامة العربية امة حية متجددة تنهض وتغفو وإذا امتد سباتها الى ستة قرون فإنها مهيأة للنهوض حيث يحكمها قانون الانقلاب او الانحطاط بخلاف كثير من الأمم التي نهضت في مرحلة معينة من التاريخ ثم نضب عطاؤها ، ويشير الى ذلك الرحوم القائد المؤسس اذا رجعنا الى الماضي والتاريخ واستجوبناهما عندها نرى حقيقة لا تكاد تكون موضع خلاف وهي ان العرب في تاريخهم الطويل لم يعرفوا غير نوعين في الحياة الانقلاب والانحطاط خلافا لكثير من الأمم التي عاشت في الماضي ولكثير من الأمم التي تعيش في الحاضر ، وهذه تكاد تكون ميزة او علامة فارقة حقيقيه للأمة العربية  ، ويقول الدكتور الياس فرح رحمه الله  - ان وجود الامة العربية ليس وجودا طارئا في التاريخ او وجودا مستحدثا كالأمة الامريكية التي لا تزيد حضارتها عن عدة مئات من الأعوام بينما احتلت الحضارة العربية ثلث تاريخ الانسانية لذا يشير المؤرخ البريطاني « ارنولد توينبي » الى ان حضارة العرب ترجع الى نصف مليون سنة الى الوراء ، كما يشير ديو رانت في كتاب قصة الحضارة الى ان الحضارة العربية الأولى ترجع ما بين 40 الف و 18 الف سنة قبل الميلاد  - ))   ( في سبيل البعث ص 128 ، 127 ، 61  و   د. الياس فرح – محاضرات في مدرسة الأعداد الحزبي – دورة 24 )

 

يتبع بالحلقة الاخيرة

 






الاحد ١٧ شــوال ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / أيــار / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة