شبكة ذي قار
عـاجـل










التحالف الفارسي الصفوي الصهيوني ضد العروبة والإسلام عبر التاريخ - الحلقة الثالثة

 

زامل عبد

 

العصر الحديث وثق أن إيران هي أولى البلدان الشرقية التي تلقفت الحركة الصهيونية وعملت على تنشيطها  وبث الدعاية، ومساعدة القائمين بها، وذلك بفضل الهيمنة المطلقة لليهود على الحياة الاقتصادية في إيران، فقد كانت إيران أول بلد تؤسس فيه المنظمات الصهيونية بعد الحرب العالمية الأولى، وأول الفروع لها  حيث تأسس أول فرع للوكالة  اليهودية في طهران بعد الحرب العالمية الأولى مباشرة، ولقد تحولت إيران منذ أوائل سني العشرينات إلى مركز كبير وقوي من مراكز الصهيونية في الشرق الأوسط كما أصبحت إحدى المحطات الرئيسة التي يتجمع فيها اليهود الهاربون إلى فلسطين من العراق ومناطق الخليج العربي كله وكانت المهمة الموكلة في الدرجة الأولى إلى القناصل  الإيرانيين الموجودين في بغداد، وكربلاء، والبصرة، وخانقين، هي تسهيل هرب اليهود من العراق إلى ايران كخطوة أولى لذهابهم إلى فلسطين، في سنة 1939  حصلت ضجة في الأوساط الصحفية في العراق ولاسيما  صحيفة جمعية الهداية الإسلامية  ضد  هذه الأعمال التي كان القناصل الإيرانيون يقومون بها توقفت المفوضية الإيرانية في بغداد عن عملية تهريب اليهود إلى ايران وأبلغت قرارها هذا إلى القنصليات الأخرى في  العراق ومن بعد الاتصال زعماء الصهاينة  بوزارة الخارجية الإيرانية في هذا الشأن صدرت الأوامر منها  إلى القنصليات الإيرانية بأن تعاود منح سمات الدخول إلى ايران إلى اليهود كما كان عليه الأمر سابقا، ولقد وردت هذه  المعلومات في برقية صادرة من مديرية شرطة البصرة إلى مديرية الشرطة العامة ببغداد  مؤرخة في اليوم السابع من حزيران 1939 جاء فيها ((  بلغنا من مصدر موثوق بأن القناصل  الإيرانيين في العراق كانوا قد امتنعوا عن منح اليهود العراقيين سمات للدخول إلى  ايران، وذلك بناء على الأمر الصادر إليهم من المفوضية الإيرانية ببغداد، غير أنه  بعد المخابرة مع وزارة الخارجية الإيرانية، على ما اتصل بنا، صدر أمر آخر أعيدت  بموجبه الحالة إلى ما كانت عليه في السابق وأعطيت السمات لليهود بدخولهم إلى  ايران  )) وحين وقفت حكومة  الدفاع الوطني برئاسة المرحوم رشيد عالي الكيلاني ذلك الموقف الحازم والصريح إزاء  الصهيونية ونشاطها العدواني في العراق، أخذت الصحف الصهيونية تهاجم العراق على  موقفه ذاك وكان من بينها جريدة بالشتاين بوست ( بريد فلسطين ) التي تصدر  بالإنكليزية في القدس، التي هاجمت حكومة الدفاع الوطني لأنها منعت حتى اليهود  الإيرانيين من الهجرة إلى فلسطين، حيث قالت في عددها الصادر في يوم 29 نيسان 1941  ((  هناك بعض المهاجرين اليهود في ايران، ولديهم شهادات هجرة إلى فلسطين ولكنهم لم  يستطيعوا ذلك بسبب رفض الحكومة العراقية منحهم تأشيرة مرور ))، ومنذ أن تحولت إيران  إلى مستعمرة أمريكية خالصة، بعد أن كانت مستعمرة بريطانية، في أعقاب القضاء على  حكومة (  الدكتور محمد مصدق ) واستحواذ الاحتكارات البترولية الأمريكية على حصة الأسد  من النفط الإيراني  تضاعف النشاط الصهيوني في ايران تضاعفاً شديداً بحيث أصبحت  (( اسرائيل  ))   تهيمن اقتصاديا وثقافيا على ايران برمتها فلم يقف الأمر عند حد  إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين طهران وتل أبيب، بل تعدى ذلك إلى إنشاء أوثق  العلاقات الاقتصادية والسياحية والثقافية بينهما فقد قام بين (( اسرائيل  ))  وايران  تعاون اقتصادي واسع النطاق لم يقتصر على التبادل التجاري وحده، بل امتد إلى التعاون الاقتصادي والفني في مجالات الزراعة والسياحة، والعمران وغيرها فقد قفزت الصادرات ((  الإسرائيلية  ))  إلى ايران من خمسة ملايين دولار في سنة 1963 إلى سبعة ملايين ونصف  مليون دولار في سنة 1966، وذلك في أعقاب الاتفاقية التي وقحت بين البلدين في سنة 1962، والتي تضمنت قيام عدد من الخبراء (( الإسرائيليين )) في الزراعة والمياه والسياحة  وغيرها للعمل في ايران، هذا بالإضافة إلى قيام ((  اسرائيل  ))  بتنفيذ العديد من المشاريع  العمرانية والزراعية في ايران وحين أغلقت قناة السويس في أعقاب حرب حزيران سنة  1967، بدأت تصدر منتجاتها مباشرة إلى ميناء (( ايلات الإسرائيلي )) ومن هناك تنقل إلى حيفا ليتم تصديرها إلى أوروبا وأمريكا وكان إمداد ايران (( لإسرائيل )) بالنفط من أهم الوسائل التي أبقت الحياة نشطة داخل الكيان  الصهيوني في فلسطين المحتلة، التي أمدته بوسائل البقاء فحين توقف ضخ النفط  العراقي في الأنبوب الذي ينتهي في ميناء حيفا، في شهر نيسان 1948، توقفت المصفاة  التي أنشأها الإنكليز هناك عن العمل نتيجة لذلك، لكن ايران ما لبثت أن عوضت عن  النقص الحاصل في وصول النفط إلى(( اسرائيل )) فعادت تلك المصفاة التي اشترتها  (( اسرائيل ))  من الشركة الإنكليزية المالكة لها، إلى العمل من جديد  وتضاعف إنتاجها حتى بلغ في  سنة 1968 أكثر من خمسة ملايين طن سنويا  وشجع إمداد (( اسرائيل )) بالنفط الإيراني،  الذي كان يمثل أكثر من 60% من حاجة الكيان الصهيوني إليه، وقام الكيان الصهيوني ببناء خط أنابيب لنقل النفط من ايلات إلى ميناء عسقلان على البحر الأبيض المتوسط  وثم نقله من هناك إلى الأسواق الأوروبية.

 

يتبع في الحلقة الأخيرة






السبت ٢٣ شــوال ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / أيــار / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة