شبكة ذي قار
عـاجـل










الصفوية الجديدة تشيع سياسي لانبعاث الإمبراطورية الفارسية المجوسية - الحلقة الثانية

 

زامل عبد

 

توظيف المظلومية والتهميش وتخوين الآخرين وتكفيرهم وطنيا وسياسيا  ، على مستوى الداخل والممانعة والرفض للغرب وحلفائه على مستوى الخارج مما سبق يمكن القول إن التشيع السياسي يشير في مفهومه المعاصر لمحددين رئيسين {{ الجماعات والمجموعات المؤمنة بالانتماء والولاء والتبعية لنظام ما يسمى بالثورة الإسلامية الإيرانية وأيديولوجيته وتوجهاته ، وتنشط وسط الأقليات الشيعية بالخصوص كما تنشط في غيرها ممن ينجذبون ويؤمنون بالمقولات الثورية الخمينية وأهدافها ويلتقون معها في تصورات الأولياء والأعداء  ، وحالة الحضور المذهبي الشيعي في صراعات السياسة والسلطة ، حيث يتحول إلى غاية ووسيلة في الوقت نفسه وتتقدم ولاءاته الخارجية على انتماءاته الداخلية وهو ما يمهد المجتمعات للممارسات العنيفة والاشتباكات بناء على الهويات الفرعية ، ويثير ريبة الكثيرين من شركاء الوطن في طول العالم العربي والإسلامي وعرضه  }} ، ما سبق  جاء  تحذير المرجع الراحل محمد مهدي شمس الدين -  أحد أعلام الفكر الإسلامي الشيعي  ، ورئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان سابقاً  -  ، من آثار التشيع السياسي بقوله ((  ظهرت في العقود الأخيرة من السنين ظاهرة في دائرة الشيعة العرب بشكل خاص ، وبدائرة الشيعة بوجه عام ، وهي إنشاء تكتلات حزبية سياسية بوجه خاص لغرض المطالبة بحقوق الشيعة ، أو إظهار شخصية الشيعة ، أو الدفاع عن حقوق الشيعة .. ثم يضيف عن نتيجة هذا التشيع السياسي أو الشيعية السياسية بقوله وهذه التكوينات بحسب رصدنا لما آلت إليه ، لم تؤدي إلى أي نتيجة تذكر ، بل أدت إلى كثير من الأزمات وعمقت الخوف والحذر وسوء الظن والتربص في أنفس بقية المسلمين في المجتمع من خصوص طائفة الشيعة، وسعت نحو عزلهم بشكل أو بأخر عن الحياة العامة وعن التفاعل مع نظام المصالح العامة ..  وقد ثبت بالتجربة أن التجمعات الشيعية المعاصرة ، من قبيل " حزب الدعوة " وغير " الدعوة " ، لم تستطيع أن تحقق لنفسها بعدا إسلاميا داخل الطوائف والمذاهب الأخرى ، وإنما حققت في أحسن الأحوال تعايشا هشا مشوبا بالشك والحذر  ))  ولهذا أوصى المرجع الراحل محمد مهدي شمس الدين في وصاياه من مغبة التشيع السياسي بقوله ((  أوصي أبنائي إخواني الشيعة الأمامية في كل وطن من أوطانهم ، وفي كل مجتمع من مجتمعاتهم ، أن يدمجوا أنفسهم في أقوامهم وفي مجتمعاتهم وفي أوطانهم، وأن لا يميزوا أنفسهم بأي تميز خاص ، وأن لا يخترعوا لأنفسهم مشروعا خاصا يميزهم عن غيرهم ، لأن المبدأ الأساس في الإسلام وهو المبدأ الذي أقره أهل البيت المعصومون عليهم السلام هو وحدة الأمة، التي تلازم وحدة المصلحة ، ووحدة الأمة تقتضي الاندماج وعدم التمايز .. وأوصيهم بألا ينجروا وألا يندفعوا وراء كل دعوة تريد أن تميزهم تحت أي ستار من العناوين ، من قبيل إنصافهم ورفع الظلامة عنهم، ومن قبيل كونهم أقلية من الأقليات لها حقوق غير تلك الحقوق التي تتمتع بها سائر الأقليات ))  ونتيجة لهذه العصبية المذهبية السياسية ، ظهرت الجماعات المُسلحة في المنطقة وضج العالم من عملياتها الإرهابية منذ ثمانينات القرن الماضي ، ووقعت الكثير من الحروب والاشتباكات على مدار العقود الأخيرة سواء داخل الوطن الواحد ، كما هو الحال في العديد من دول المنطقة التي تُعاني من ظاهرة انتشار السلاح خارج إطار الدولة ، إذ تنشط الجماعات المُسلحة من غير الدول بما يتجاوز أدوار الحكومات ومسؤولياتها ، وتمارس الاغتيالات لمعارضيها ومهدديها والمختلفين معها ، ويحدث ذلك أيضاً على المستوى الإقليمي في التدخل بشؤون الدول الأخرى، والدخول في صدامات عسكرية كالحرب الإيرانية العراقية عام 1980، فضلا عن دعم عمليات إرهابية داخل الدول المعادية والمختلفة مع نظام  الثورة الإسلامية الإيرانية وهكذا ، دفع النظام الإيراني ، الشيعة للحضور المذهبي المحض والعنيف في مجال السياسة والسلطة ، رغم أن حضور الشيعة قبل عام 1979 كان سياسيا ووطنيا بامتياز، في تاريخ بلدانهم ودولهم ، عبر مشاركتهم التاريخية في حركات الاستقلال و في الحركات والأحزاب القومية واليسارية بل وأحيانا المسيحية في لبنان طوال القرن العشرين حتى نجحت الاستراتيجية الإيرانية في التشيع السياسي ، في تعطيل ووقف هذا الاندماج ، وتمييز المذهبية الشيعية، وتهميش النخب العقلانية والوطنية ، والمرجعيات المغايرة للولي الفقيه والمختلفة معه وعنه والتمكين للأصوات والكيانات الموالية له فقط، بدءً من داخل إيران إلى خارجها في فضاء المذهب والأمة بشكل عام إن فكرة التشيع السياسي مرحلة لها خطواتها ، من استراتيجية أكبر هي تصدير الثورة التي اعتبرها الخميني أولى عقائده ومبادئه وأهدافه ، حين أكد عليها في الذكرى الأولى لثورته، في 11 شباط سنة 1980 حينما قال ((  إننا نعمل على تصدير ثورتنا إلى مختلف أنحاء العالم ، لأنها ثورة إسلامية )) وتبدو هذه الاستراتيجية للتشيع السياسي والتمكين للشيعية السياسية ، سلطوية وعنيفة في جوهرها وممارستها  وإيرانية في التوجه والمرجعية ، وصفوية تصفوية في صراعها وموقفها من آخريها ، وقد حاولت دائما تهميش سواها من التوجهات المعتدلة والمعارضة لها ، مثل أطروحات التشيع العلوي والتشيع الروحي والتشيع العربي والوطني في محاولة لاحتكار الحديث باسم المذهب كما احتكار الحديث باسم الأمة وبخلاف التشيع العقدي الخالص في وضوح مواقفه وتقليدية

 

يتبع بالحلقة الثالثة

 

 






الاحد ٢٢ ذو القعــدة ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / حـزيران / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة