شبكة ذي قار
عـاجـل










الاستقواء الطائفي في خراب العراق

عبد الله الحيدري

 

يكاد لا يختلف اثنان في أن العملية السياسية الجارية في العراق جاءت ولادتها من خلال عملية قيصرية تمت بأيد أجنبيـة استعمارية في أعقاب نظام وطني قومي.. وكان اسقاط هذا النظام على يد قوة مستبدة كونياً تريد أن تفـرض أجندة العولمة على العالم ومن الطبيعي فإنهـا تبـدأ عملهـا العولمي بما تسميه محاربة الارهاب لتجعل مـن هذه الدول عبرة لبقية دول العالم.

ومن الطبيعي أن يعطى العراق اهتماماً أولويـًا وتكون بذلك قد أحكمت سـيطرتها وبشكل كامل على منطقة الشرق الاوسط من جهـة ولتجنـب اسرائيل أية مخاطر محتملة مستقبلا من جانب اخـر  ولمـا كانت أمريكا تدرك جيداً أن الشرق العربي  عـصي على التغيير والتطور واستيعاب الحداثة  جاءت بفكرة جديدة لهذه المنطقة علها تكسر ثوابتها المقدسة  بيد انها اخفقت ايما اخفاق بتطبيقها نظرية الفوضى الخلاقة  في العراق  فكانت قـرارات بريمـر الكارثية المؤسس الاول لهذه الفوضى التي ادت الـى انهيـار الدولة وتمزقها مناطقياً واستباحة ارضها من قبل الجميع بعدما فتحت الحدود على مصراعيها لكل من هب ودب  فيمـا راح السياسيون المتحالفون مع الامريكان يؤسسون لنظـام حكـم يقوم على اساس المحاصصة الطائفية والذي يقـوم علـى ركيزتي الانتماء والولاء الامر الذي الغى من قواميس الدولـة روح المواطنة وحطم مفهوم الكفاءة حتى استـشرى المد الطائفي  وراح ساسة كل طائفة تحاول الاستقواء على الطوائف الأخرى أملاً في الحصول على غنيمة أكبر وامتيازات أكثر ومن الطبيعي ان يتم تأجيج هذا الاستقواء الطائفي محليا والاعتماد في عملية المنازلة الطائفية على الخارج اقليميا او دوليا  واشتدت الاطراف جلّها في هذا الاستقواء ليفضي الامر الى نخبة تتربع على نعمـة موفـورة وزرابي منضودة وصارت تقنن لامتيازاتها وتأسس لطبقـة سياسية متناحرة على مستوى الاعلام والـسياسة والطائفـة والاتجاهات لكنها متناغمة على مستوى تقاسم الغنائم والسلطة يقابل هذه النخبة شعب منكود تتناهبـه عـصابات فاسدة اتت على ظهر الدبابة الاحتلالية الإرهابية والإجرامية ناهيك ما يفعله الفساد الاداري الذي سرى في كل مفاصل الدولة والمؤسسات سريان النار في الهشيم  ولم يحصد ابناء الشعب العراقي من كل ذلك سوى القتل والتهجير والتفجير والاحبـاط وانعـدام الخـدمات والتشرذم الذي طال كل مفاصل المجتمع حتى علـى مـستوى الاسرة الواحدة  وهذا كله مـن بركـات ديموقراطية الفوضـى الخلاقـة والاستقواء الطائفي فإنهما توأما خراب العراق العظيم.






الجمعة ٢٧ ذو القعــدة ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / حـزيران / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله الحيدري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة