شبكة ذي قار
عـاجـل










جريمة حرق القرآن ... بين الاستنكار والنفاق!

علي العتيبي

 

القرآن الكريم هو الكتاب السماوي الذي حفظه الله من التحريف والتزوير حينما قال سبحانه: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ".

فمهما حاول أعداء الإسلام الطعنَ بالقرآن فلن يمسوه بسوء، فهو محفوظ، ولكن نأتي إلى الاستهتار بمشاعر المسلمين من خلال الطعن بالقرآن أولاً ثم التجاوز عليه بتمزيقه ثم حرقه وتدنيسه، ولو بحثنا عن من يقوم بهذه الأفعال فسنجدهم مدفوعين من خلال الحقد والكراهية لدين الإسلام، وهم قد ورثوا هذا الحقد عبر التاريخ، وكلما وجدنا أحداً يقوم بهذا الفعل يطلق عليه متطرف، ولكن نجد هذا المتطرف محمي من دولته تحت بند حرية الرأي والفكر والتعبير، وهذا بحد ذاته إدانة لدول هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بتشجيعهم واعطائهم التصريح بفعل هذه الجريمة وحمايتهم وتسليط الضوء والإعلام عليهم وكأنهم أبطال فاتحين.

لو عدنا إلى الوراء، وتحديداً بعد فشل الاحتلال الفرنسي بكل إجرامه وقسوته مع الجزائريين لأجل فرنسة الجزائر لكنها بقيت محافظة على عروبتها وإسلامها حينها قال أحد قادة فرنسا حينما سئل عن فشلهم في المهمة، فقال: وماذا نعمل إذا كان القرآن معهم، لهذا وضعوا مراكز البحوث وجندوا الأراذل من أجل تسقيط القرآن، وفشلوا، فمارسوا طريقة حرق القرآن، وحينما نقول إنه حقد دفين على الإسلام لأن الإسلام رسالة عدل ومساواة ونور وعلم وتسامح، وهذا لا يروق لأعداء الإسلام الذين يعيشون على الكراهية والاستغلال والاستعباد، ويريدون تفشي الجهل والفقر حتى يمتصوا دماء المساكين وأموالهم، وقد تفشت ظاهرة الطعن بالقرآن وحرقه بشكل أكبر بعد احتلال العراق، وقد تشجع الغربيون بممارسة حقدهم بعد ما رأوا ما قامت به الميليشيات الإجرامية والتي تطلق على نفسها إسلامية بحرق المساجد والقرآن بأعداد كبيرة وقتل المصلين في عموم العراق، ولم يجدوا رادع لهم، بل نجدهم مدعومين بفتاوى دينية لهدم الجوامع، ونعلم ويعلمون أنه لا يوجد جامع إلا وفيه مئات المصاحف فحرقت كلها، ولا زال الاقتحام والتدنيس مستمر ولحقها قيام شباب ونساء إيرانيات بحرق وتمزيق القرآن ولحقهم رسام الصور المسيئة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.

نعود إلى ما قام به المجرم الديوث المدعو سلوان مومنيكا فهو امتداد لما قام به في العراق حينما كان أحد قادة فصائل الحشد الشعبي الإجرامي لأن ديدنهم هو محاربة الإسلام والمسلمين رغم ادعاء الحشد أنه إسلامي، والإسلام براء من أفعالهم، وهذا الفعل في السويد هو من أعمال الحشد وليس بالشيء الجديد، فسلوان هو جزء منهم، لقد سبق وأن أحرقوا عشرات المصاحف وتجولوا بأحذيتهم فوق المصاحف أثناء جرائمهم في عملية التغيير الديموغرافي لبعض مدن ومحافظات العراق، فلا غرابة مما نرى ونسمع من كفرهم وإلحادهم وساديتهم في سلوكهم،  ولكن هذه المرة الخبر كان عالمياً وموثقاً ومصوراً فأخذ انتشاراً وشهرة، فلا سلوان يمثل إخواننا المسيحيين الطيبين، ولا هؤلاء يمثلون شعبنا من المذهب الشيعي الأشراف والمناضلين ضدهم إلا أن يتخلصون منهم وينجو المذهب الشيعي وآل بيت الرسول من نجاستهم،  ولا السنة أو الأكراد أو التركمان يمثلهم هؤلاء الفاسدين الذين تسلطوا على رقاب العراق والعراقيين الأشراف جميعاً من كل قومياتهم وأديانهم وطوائفهم.... وحسبنا الله ونعم الوكيل على كل المسيئين للعراق والعراقيين.

(هذا الساقط الحشداوي سلوان شخص كافر معتوه ومريض نفسياً وحاقد على العراق وخرج من منبت خبيث، فالكتب السماوية في قلوب المؤمنين، فمهما فعلوا فلن تؤثر على إيمان الشرفاء، إن فعله هذا ليس بغريب عليه لأنه ابن زنا، تربى في أحضان ميليشيات مجرمة ولن ينسى العراقيون فعلته هذه بعد أفعاله الدنيئة في أربيل واعتدائه على أبناء منطقة سهل نينوى لأنه كان يأتمر بأوامر أسياده الإيرانيين وميليشياتها القذرة، وسيأتي يوماً لتدفع ما فعلته أياديهم القذرة).

وقد ثبت علاقته بالحشد من خلال الدعم والاستقبال الذي يحظى به هذا المجرم من قيادات الحشد وحتى الدولة وبكائه على المجرم النافق قاسم سليماني.

(إن ما فعله المدعو سلوان موميكا في السويد لا علاقة للملة الدينية التي ينتمي إليها، وعمله هذا يخدم أعداء العراق الذين يريدون تنفيذ مخطط تقسيم جديد في شمال العراق الداعي إلى إقامة حكم ذاتي في سهل نينوى بدعم من دول البرلمان الأوروبي في بروكسل والذي رفضه بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس روفائيل ساكو منذ سنة 2017 ومعظم مسيحيي العراق وإن ما فعله هذا المسخ إضافة لما تقدم فهو من أجل تأجيج الحقد والصراع الطائفي والمذهبي في العراق والمنطقة).

إن هذا الفعل ليس وليد اليوم ولكن هناك عمل كبير وممنهج ومتوارث في السياسة الغربية تجاه الإسلام جندوا له من سقط المتاع للتنفيذ ويحمونه باسم حرية الرأي، والتي يتعاملون معها بازدواجية وهذه الأفعال فضحتهم وكشفت نفاق الغرب وحلفائهم الفرس  تجاه الإسلام والعرب، ثم تخرج لنا أول ميليشيا طائفية تأسست في ظل الاحتلال وأول من هدمت المساجد ودنستها وأحرقت المصاحف بادعائها أنها خرجت ثأراً لحرق القرآن ومارسوا غوغائية باقتحام السفارة السويدية في بغداد والعبث بها وكأنهم سيمنعون الأفعال اللاحقة مما دعت المسخ سلوان بالتهديد بأنه سيعاود حرق القرآن وعلم العراق ما بعد الاحتلال، ولكنهم يمارسون النفاق الديني.

ونأتي إلى مواقف منظمة المؤتمر الإسلامي وكل المسميات التي تنتهي بلقب (الإسلامية) فلم نسمع إلا بيانات استنكار لا تغني ولا تسمن، وكذلك مواقف جامعة الدول العربية والحكومات العربية والإسلامية، ماذا قدمت غير البيانات والتي نعرفها جيداً إنها حبر على ورق، ولن يتأثر أو تؤثر في الغرب الذي سيسعى لاحقاً لممارسات أبشع تجاه رمز الإسلام سواء القرآن أو نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم، ونقرأ فقط دعوات خجولة ممن يدعون أنهم مفتون بالطلب من المواطنين عدم شراء السلع التي تنتجها دول الأشخاص الذين أحرقوا القرآن أو رسموا صور مشينة للنبي، وأقول لهم إذا كنتم مسلمون حقاً وأنكم تتصدرون للفتوى لماذا لا تعلنوها صراحة ومن خلال مواقعكم وتحرمون على دولكم وشركاتكم استيراد السلع من هذه الدول (لأن دعوة المواطن بعدم الشراء دعوة ساذجة لأنهم لم يطلبوا من الدولة التي هي تقرر الاستيراد أن تمتنع).

إذاً على الحكومات التي تدعي أنها مسلمة وتضع في بداية دستورها أن الإسلام هو المصدر الوحيد للتشريع أن يمارسوا هذا الحق وهذا الدور، بحماية الإسلام بقرآنه ونبيه من أعمال الحقد والكراهية وألا نجامل الأعداء على حساب ديننا، أم فقط فتاوى الاستعانة بالأجنبي ودعم حكومات ينصبها الأجنبي تعتبرونها واجباً شرعياً؟

الإسلام والقرآن والنبي لا يحتاج أن تشن حرباً بل لدينا أساليب وطرق سلمية للتعبير وأهمها قطع العلاقات الاقتصادية مع هذه الدول وخاصة النفط  لنحفظ كرامة ديننا ونبينا وقرآننا وأمتنا ولنا سابقة حصلت حينما أعلنت أمريكا سنة 1982 نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس فقام شهيد الحج الأكبر القائد صدام حسين بزيارة إلى السعودية، والتقى وقتها الراحل الملك خالد في المطار وكتب بخط اليد بياناً بنصف صفحة، وطلب بثه من السعودية بعد مغادرة الشهيد وتضمن بأنه أي دولة لها النية بنقل سفارتها إلى القدس سيتم مقاطعتها اقتصادياً، وبعد بث البيان نجد حتى أمريكا اهتزت وتراجعت عن قرارها، فهل نجد اليوم بيننا من يقوم بخطوة الرئيس صدام حسين والملك خالد رحمهما الله، أم نبقى أمة نائمة حتى تثور الشعوب لكرامتها وكرامة دينها لأن الشارع يغلي غضباً ولن يمتصه بيانات استنكار أو فتاوى وعاظ السلاطين لأننا نريد أفعال وليس أقوال.

وقبل هذا كله ومن أجل أن نصون القرآن علينا العمل به وتطبيق تشريعاته بدل التباكي على حرقه، ونحن نهمل ما فيه، فكم مستنكر لحرقه، وهو لا يحفظ منه شيئاً ولا يطبق ما فيه ولو أننا اتبعنا ما في القرآن لهذبت النفوس وصانت الأعراض وحقنت الدماء وعم الأمن والسلام، ولو طبقنا ما في آيات القرآن لعشنا الأمن والسلام (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف).

ليكون ردنا على من يحرق القرآن هو التزامنا بكتاب الله أولاً ومقاطعة الدول التي تحمي وتشجع من يقوم بهذه الأفعال التي تريد الفتنة ونشر الكراهية.






الاحد ١٤ ذو الحجــة ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / تمــوز / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي العتيبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة