شبكة ذي قار
عـاجـل










وعي حقيقة ولاية الفقيه وأدواتها ومخاطرها  - الحلقة الثالثة

زامل عبد

 

بناء على ذلك الأمر بني الفقهاء مفهوم مرجعية التقليد وكان كبار الفقهاء الشيعة يرشدون الطائفة إلى ما يجب فعله ، كما كانوا يرشدونهم في مسائل الدين ويفتونهم في الأحكام الشرعية  ، في القرن العاشر الهجري / السادس عشر الميلادي ، قامت الدولة الصفوية الشيعية في بلاد فارس وعمل ملوكها على نشر التشيع في إيران فاستقدموا العديد من الفقهاء الذين يسكنون جبل عامل في لبنان كان المحقق الكركي أول العامليين قدومًا للدولة الصفوية  وحظي الكركي بمكانة معتبرة عند السلطان الصفوي طهماسب  ،  لدرجة أن الأخير أصدر مرسومًا إلى جميع نواحي إمبراطورتيه جاء فيه  ((  إن كل مَن يخالف حكم خاتم المجتهدين ووارث علوم سيد المرسلين نائب الأئمة المعصومين ولا يتابعه ، فإنه لا محالة ملعون مردود وعن مهبط الملائكة مطرود ، وسيؤاخذ بالتأديبيات البليغة والتدبيرات العظيمة  ))  يذكر المفكر العراقي علي الوردي في كتابه   لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث  ((  أن الكركي بعد هذا المرسوم صار شريكا في الحكم  كما  أصبح هو الحاكم الفعلي في عهد طهماسب ))  ،  كان الكركي في الحقيقة هو أول فقيه شيعي يقترب من منزلة الولي الفقيه بحسب ما تشكلت تلك النظرية فيما بعد ولاية الفقيه ((  السلطة المطلقة مفسدة مطلقة  )) أعطى الخميني للولي الفقيه الولاية المطلقة وكل صلاحيات الإمام والرسول ، واعتبر الولاية شعبة من ولاية الله في بدايات القرن التاسع عشر الميلادي ، عمل الفقيه الشيعي أحمد بن مهدي النراقي على مناقشة نظرية ولاية الفقيه في كتابه ( عوائد الأيام في مهمات أدلة الأحكام  )  فيقول النراقي  ((  كل ما كان للنبي والإمام  الذين هم سلاطين الأنام وحصون الإسلام ، فيه الولاية وكان لهم ، فللفقيه أيضًا ذلك  ،  إلا ما أخرجه الدليل بإجماع أو نص أو غيرهما  ))  في النصف الأول من القرن العشرين  ، أُعيد طرح نظرية ولاية الفقيه في إيران من قبل الخميني  ،  فتم نفي الخميني من إيران عقب قيادته للمظاهرات المعارضة لدولة الشاه في أواخر سنة 1969م  قام الخميني بإلقاء بعض الدروس الحوزوية في النجف جمعت تلك الدروس فيما بعد في كتاب الحكومة الإسلامية والذي أعلن فيه الخميني رأيه في نظرية ولاية الفقيه ،  يقول الخميني في كتابه المذكور ((  ولاية الفقيه فكرة علمية واضحة ، قد لا تحتاج إلى برهان ، فالحاجة إلى الخليفة إنما هي من أجل تنفيذ القوانين  لأنه لا احترام لقانون من غير منفذ ، وفي العالم كله لا ينفع التشريع وحده ، ولا يؤمن سعادة البشر ، بل لا بد من سلطة تنفيذية يكون افتقادها في أية أمة عامل نقص وضعف  ))  ويتابع بعدها مشيرًا لأهمية هذه النظرية للواقع الذي تعيشه المجتمعات الشيعية  ((  واليوم - في عهد الغيبة - لا يوجد نص على شخص معين يدير شؤون الدولة ، فما هو الرأي ؟ هل نترك أحكام الإسلام مُعطلة ؟ أم نرغب بأنفسنا عن الإسلام ؟ أم نقول إن الإسلام جاء ليحكم الناس قرنين من الزمان فحسب ليهملهم بعد ذلك ؟ أو نقول إن الإسلام قد أهمل أمور تنظيم الدولة ونحن نعلم أن عدم وجود الحكومة يعني ضياع ثغور المسلمين وانتهاكها ، ويعني تخاذلنا عن حقنا وعن أرضنا ؟ هل يسمح بذلك في ديننا ؟ أليست الحكومة ضرورة من ضروريات الحياة ؟  ))  يحدد الخميني بعد ذلك صلاحيات الولي الفقيه ، فيقول  ((  وإذا نهض بأمر تشكيل الحكومة فقيه عالم عادل ، فإنه يلي من أمور المجتمع ما كان يليه النبي منهم ، ووجب على الناس أن يسمعوا له ويطيعوا ، ويملك هذا الحاكم من أمر الإدارة والرعاية والسياسة للناس ما كان يملكه الرسول وأمير المؤمنين على ما يمتاز به الرسول والإمام من فضائل ومناقب خاصة  ))  حلم الخميني الذي أشار إليه في كتابه تحقق على أرض الواقع سنة 1979م عقب نجاح الثورة في إيران  ،  نصت المادة الخامسة من الدستور الإيراني على أنه  ((  فـي زمن غيبة الإمام المهدي تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة فـي الجمهورية الإسلامية الإيرانية بيد الفقيه العادل ، المتقي ، البصير بأمور العصر ، الشجاع القادر على الإدارة والتدبير  ))  تولى الخميني منصب الولي الفقيه من 1979م إلى وفاته في 1989م   خلفه بعدها علي خامنئي ، ولا يزال محتفظًا بالمنصب حتى اللحظة  وبالرغم من أنه (( عُرف عن الخُميني كرهه للأحزاب واعتباره إياها أدوات تخريب إلا أنه اعتبر حزب الله حزب المستَضعفين في العالم والحزب الذي يوحد معظم الشعوب الإيراني خلف شعارات الثورة )) خلال المخاض المعقد للمتغيرات الإيرانية  1978- 1979  كان هادي غفاري - وهو من النواة الثورية التي برزت في حزب -  جمهوري إسلامي -  الذي شكل قبل الثورة وأصبح الحزب الحاكم بعدها الى أن حلّه الخميني بطلبه من قادته عام 1987 باعتباره استنفذ الغرض من قيامه وخشية أن يتحول فيما بعد الى سبب للفرقة والخلاف - على رأس جماعة حزب الله في إيران التي عرفت بهذا الاسم لأنها كانت في هتافاتها خلال تجمعاتها ومسيراتها تعلن ولائها الراسخ للثورة الإسلامية ولزعيمها الخميني وتهتف (( الحزب فقط حزب الله والمرشد فقط روح الله )) 

 

يتبع بالحلقة الرابعة

 

 

 






الاحد ٢١ ذو الحجــة ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / تمــوز / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة