شبكة ذي قار
عـاجـل










ثورة ١٧ تموز ١٩٦٨ تنير طريق الأجيال

 

د. فالح حسن شمخي

 

لم تستمر ثورة 14 رمضان عام 1963 طويلاً، بعد أن تعرضت لتآمر نفذه عبد السلام محمد عارف الذي جاء به البعثيون من بيته وأعطوه بدلة عسكرية ليكون رئيساً للجمهورية بعد حققت الثورة أهدافها، سمي الانقلاب على الثورة بردة 18 تشرين الثاني عام 1963، لم يكن عارف يعرف أو يشارك في الثورة التي خطط لها ونفذها شباب البعث، وكانت كلمة السر بالشروع بالثورة قد انطلقت من السجن.

لم تكن الاعتقالات والملاحقة التي شنها عارف على البعثيين لتصفيتهم تختلف عن الذي يحدث بعد احتلال العراق سنة ٢٠٠٣، فالاحتلال الأمريكي والفارسي والذيول عملوا من أجل تحقيق نفس الهدف (التصفية)، ولكن التصفية تتم بأساليب مختلفة.

لقد اتصفت فترة الحكم العارفي بالضعف والفردية وشهد العراق خلال فترة حكمهم بتكالب أجهزة التجسس والمخابرات الأجنبية للسيطرة على العراق بشكل مستتر وليس فاضح، وهذه هي حال العراق بحكوماته العميلة المتعاقبة ولكنها بشكل فاضح فالتبعية والذيلية لإيران واضحة ومكشوفة وعلى عينك يا تاجر، وكذلك لأمريكا والكيان الصهيوني.

وأمام كل ذلك التردي والانحطاط والتبعية، كان لابد من أن ينهض البعث بأعضائه وجماهيره من جديد على الرغم من الإرهاب والتعذيب والسجون.

فبعد أن تمكن البعث بقيادته الشجاعة من التصدي للردة والتزييف والمزايدات والانشقاق، تمكنوا من إعادة تنظيم الحزب، والحفاظ على شرعيته ووحدته، بعد اهتزاز قناعات البعض، وتهيأت الظروف الذاتية والموضوعية للقيام بثورة 17 تموز، ما أشبه اليوم بالأمس.

لقد تمكنت الثورة من كسب شرعيتها عن طريق التفاف أبناء الشعب العراقي حولها وخلال الأشهر الأولى، فالثورة قد أخذت على عاتقها مهمة النهوض بالمشروع الحضاري العربي وسخرت إمكانيات العراق المادية والبشرية لخدمة هذا المشروع.

وكان هذا المشروع هو الجواب الشافي عن نكسة حزيران سنة ١٩٦٧، والرد على إجهاض ثورة ١٤ رمضان الفتية كما كان رد الحزب على ردة 18 تشرين سنة ١٩٦٣، وعودة الثقة إلى أبناء العراق والأمة العربية، وعودة الوجه القومي للعراق، وممارسة دوره القومي بمستوى قدراته المادية والبشرية، وبعمق جذوره الحضارية، الوجه القومي العربي الذي يحاول الأمريكان والفرس والصهاينة انتزاعه من أبناء العراق الاصلاء.

بدأت ثورة تموز عام ١٩٦٨ بتصفية شبكات التجسس، والقضاء على المؤامرات بحزم وقوة، وتمكنت من تحقيق سيادة العراق على أرضه ومياه وسمائه بعيد عن الذيلية والتبعية، وسيتمكن ثوار تموز الجدد من القيام بما قام به أولئك الرواد من قادة ١٧ تموز لانهم سيكونون خير خلف لخير سلف، وستعود العلاقة العربية الكردية إلى ما كانت عليه بعد علان بيان 11 آذار وأكثر من ذلك، وتماشياً مع الظروف الذاتية والموضوعية، أما قرار تأميم شركات النفط الاحتكارية الخالد فهو في عقول وقلوب ثوار تموز الجدد، سيعودون إلى إقامة جبهة وطنية وقومية وتقدمية مؤمنين بالتعددية السياسية، سيحملون وينفذون  الخطط الطموحة التي عمل عليها ثوار تموز ١٩٦٨ ، والتي منحت العراق قاعدة اقتصادية في مجالات الزراعة والصناعة ، فضلاً عن تنمية القدرات البشرية وتزويدها بآخر ما توصل إليه العلم والتقنية ، والحفاظ  على روح المبادرة في التعرض للقوى المعادية أو الطامعة في العراق أرضاً وثروات. كما حدث في ملحمتي القادسية وأم المعارك، وحرب تشرين1973، والتصدي لاتفاقيات التسوية مع الكيان الصهيوني.

لقد تجاوزت ثورة تموز في العراق الخطوط الحمراء التي وضعها اليمين المتصهين في أمريكا لكل ما هو عربي وإسلامي، الأمر الذي جعل الإدارة الأمريكية وأجهزتها الإعلامية  تعمل على جر الغرب إلى سياستها العدوانية إزاء العراق بحجج شتى ، وجعل الكيان الصهيوني يعمل على التنسيق مع دولة الشر أمريكا لضرب العراق من خلال غطاء إعلامي وسياسي اعتمد أكاذيب لم تصمد أكثر من عام، (أسلحة الدمار الشامل، العلاقة مع الإرهاب، المقابر الجماعية، نشر الديمقراطية المزعومة ......الخ )، وبالتعاون مع إيران الحاقدة على كل ما هو عربي وعراقي يعملون على معاقبة العراق وثورة 17  تموز والثوار، فمخيلتهم المريضة التي لم تستوعب الدروس المستنبطة من تاريخ العراق وتاريخ حزب البعث العربي الاشتراكي  فتصوروا أن الثورة وقادتها والبعث والبعثيين سقطوا بدخول قوات الغزو عاصمة الرشيد، بغداد، وكان إن سقطوا بالفخ ومعهم الفرس، إن دخولهم الفخ رتب عليهم حقوق  وخروجهم  سيرتب عليهم حقوقاً إضافية تمتد لتشمل حقوق العراق والأمة العربية التاريخية في أعناقهم وأعناق كل من شارك في العدوان، انسحبت أمريكا شكلياً وهي تلعق جراحها، وستنسحب إيران وهي تلعق جراحها أيضاً كما تجرعت السم في القادسية الثانية، وسينتفض البعث وجماهيره انتفاضة جديدة تسترشد بثورة 17 تموز.

يتطلع اليوم أبناء العراق والأمة العربية المجيدة حراكاً شعبياً عراقياً يقوده الشباب ليكونوا ثوار تموز الجدد ليعيدوا الأمور إلى نصابها الصحيح والنصر يلوح بالأفق القريب.

 تهنئة قلبية لقادة حزبنا بمناسبة ثورة تموز عام ١٩٦٨، وعلى رأسهم الأمين العام المساعد للحزب الرفيق على الريح السنهوري، والرفيق المناضل أبي جعفر عضو القيادة القومية، أمين سر قيادة قطر العراق، حفظهم الله.






الجمعة ٢٦ ذو الحجــة ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / تمــوز / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. فالح حسن شمخي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة