شبكة ذي قار
عـاجـل










الرؤية الأمريكية للإسلاميين  والنظام العالمي الجديد – الحلقة الأولى

 

زامل عبد

 

عند انتهاء الحرب الكونية الثانية نشطت المراكز البحثية الامريكية في الإدارة الامريكية ان كانت جمهوريين او ديمقراطيين في وضع الخطط للانتشار الامريكية في المحيط الدولي وخاصة كيفية التفوق على الاتحاد السوفياتي ومنعه من التقرب من المياه الدافئة  -  البحر الأبيض المتوسط  والاحمر والبحر العربي  والخليج العربي  -  وقد طرحت جملة من الأفكار والآراء كان من ابرزها في سبعينات القرن المنصرم وثيقة بريجينسكي لاحتواء النضج القومي العربي خاصة  ومنع الاتحاد السوفياتي من التمدد ، وكانت من نتائج ذلك الفتنة التي ايقظها المدعين انتهاج منهج ال البيت عليهم السلام في العراق  - احداث خان النص ما بين كربلاء والنجف ، والتي اطلق عليها أعداء الثورة والبعث الخالد (( انتفاضة صفر أو انتفاضة الأربعين عام 1977م ))  والتي تم وأئدها وحماية العراق وأهله منها بحكمة القيادة الوطنية ، وعند فشل أمريكا وادواتها  في العراق تم انشاء منظمة امل الشيعية في لبنان للتمهيد الى الحرب الاهلية وتحقيق التمدد الصفوي في الجنوب اللبناني وصولا الى اختطاف الدولة اللبنانية من قبل حزب الله  ،  ويعد كتاب وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر -  النظام العالمي المؤلف في 2014  -  والصادر عن دار الكتاب العربي عام 2015 -  لبنان -  بيروت -  ترجمة الدكتور فاضل جكتر ، من ضمن كتب مرجعية قليلة التي تقرأ الأحداث والوقائع السياسية عبر ربطها بالتاريخ والفلسفة والاجتماع والدين وقد رأى البعض أن هذا الكتاب  -  المكتبة يعيد إلى الكتابة هيبتها واحترامها  - إلا أنه لم يحظ في المنطقة العربية بما يستحقه من النقاش والجدل من قبل المعنيين بالأحداث والمتغيرات وخاصة ما بعد الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفياتي والتفرد الأمريكي كقوة عظمى  وقد أشار بوضوح الى هذا الامر الشهيد الخالد المرحوم صدام حسين في خطابه اثناء اجتماع قمة مجلس التعاون العربي – العراق – مصر – الأردن – اليمن – في عمان  وقال قولته المشهور أرى من هنا انوار القدس الحبيبة ،  وبالرغم من تناول كيسنجر في طياته صفحات كتابه الكثيرة في الحديث عن السياسة والدين والصراع في المنطقة العربية قديما وحديثا ويؤكد ((  أنه في ظل بعض حكومات الشرق الأوسط اليوم  ،  يتعايش المؤمنون بنظام عالمي يقوم على هيكل الدولة الوطنية  والمؤمنون بنظام عالمي يقوم على الدين ، وإن كان التعايش بينهما لا يتحقق بسهولة أحيانا وفي نظر كثيرين من المؤمنين بالأيديولوجيا الحديثة التي تسعى إلى فرض النصوص الإسلامية المقدسة ، على أنها المحكم والمرجع الرئيس في شؤون الحياة الشخصية والسياسية والعلاقات الدولية ، وخاصة في هذه الفترة التي تشهد عودة صعود الزخم الإسلاموي  ،  فإن العالم الإسلامي ما يزال في حالة مواجهة لا مهرب منها مع العالم الخارجي  ))  وينبه إلى أنه ليس هناك عبر التاريخ مجتمع امتلك وحده القوة الكافية لفرض قوانينه بصورة دائمة على العالم بأسره  ،  وليس هناك قيادة امتلكت القدرة على الصمود وفرض سلطتها  ،  وليس هناك دين امتلك  الدينامية الكافية لفرض  شرائعه على العالم  برمته فقد أثبتت فكرة العالمية ( الانتشار العالمي ) أنها وهم وسراب أمام أي فاتح ، بما في ذلك الإسلام لأن الحرب المقدسة تغذي أحيانا الجهود القوية أصلا لتصبح ذات قوة أعظم ، ولكنها محكوم عليها بالفشل كلما استهانت بالحقائق الاستراتيجية والسياسية ويؤكد عبر الكثير من الوقائع التاريخية لدى مختلف الحضارات أن المصالح تعلو في كثير من الأحيان على الأيديولوجيا والعقائد ويعترف كيسنجر صراحة أنه نتيجة لخطأ في التصورات كانت هناك نخب غربية تعد حماسة الثائرين ( أمثال الخميني أو سيد قطب ) غير قابلة للتفسير وتفترض أن تصريحاتهم المتطرفة قد تكون مجازية أو يتم إطلاقها فقط كورقة مساومة لكن في نظر المتطرفين الإسلاميين (( شيعة  ،  وسُنّة ))  فإن هذه الآراء تمثل حقائق تتفوق على القوانين والأعراف التي جاء بها نظام -  وستفاليا العالمي  -  ((  هو مبدأ القانون الدولي بأن لكل دولة سيادة على أراضيها وشؤونها الداخلية  ،  ويتم استبعاد جميع القوى الخارجية  ،  والتدخلات في الشؤون الداخلية لدولة أخرى  ،  كل دولة  مهما كانت كبيرة أو صغيرة متساوية في القانون الدولي ))  ، أو أي نظام عالمي آخر وقد ظلت هذه الآراء المتطرفة صرخة الاستنفار لحشد المتطرفين والجهاديين  في الشرق الأوسط  وما وراءه  طوال عقود  وكانت تردد صداها تنظيمات -  القاعدة  وطالبان   وحماس  وحزب الله اللبناني والنظام الكهنوتي الحاكم في إيران تحت عنوان ولاية الفقيه ، وحزب التحرير    وبوكو حرام ، والنصرة  وداعش  وما سيولد لاحقا من مسميات وفصائل تدعي المقاومة وبحقيقتها هي العكس بكل ما يعني ذلك  لان هاجسها الأول والأخير هو العنف الطائفي المذهبي والقتال بالنيابة عن ملالي قم وطهران  لتحقيق اجندتهم بالإمبراطورية الصفوية الجديدة -  وهذا النمط من الفكر يمثل النقيض الكامل تقريبا لنظام وستفاليا العالمي والذي اوضحنا مفهومه أعلاه.

 

يتبع بالحلقة الثانية






الاربعاء ٢٠ صفر ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / أيلول / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة