شبكة ذي قار
عـاجـل










بسم الله الرحمن الرحيم

 

الثأر المشروع

 

إنّ الثأر للحقوق المغتصَبة وتقرير المصير وسيادة الشعوب على أرضها وأجوائها ومياهها هي حقوق جوهرية لكل الشعوب ولا يحق لأي قوة في العالم حرمان الشعوب من حقها في الحياة وسلب حريتها واستقرارها ولهذا فقد ارتبط مفهوم تقرير المصير وبشكل خاص بالسيطرة والتسلط والاحتلال الأجنبي لأراضي الغير.

 ظهرت بدايات هذا المفهوم في بيان الاستقلال الأمريكي عام 1776م ثم ظهر في وثيقة حقوق الإنسان الفرنسية عام 1789م عندما نالت المستعمرات الإسبانية والبرتغالية في أمريكيا الجنوبية استقلالها خلال الفترة ما بين 1810-1825م وكان الرئيس الأمريكي جيمس مونرو قد نادى في 2 كانون أول من عام 1823م بمبدأ حق الاستقلال وتقرير المصير وسمي بمبدأ مورو ورغم كل المتغيرات الدولية والحروب العالمية فقد أثير هذا الموضوع في مؤتمر سان فرانسيسكو حتى جاءت به الفقرة الثانية من المادة الأولى من أهداف الأمم المتحدة ثم حفلت به المادة الخامسة والخمسين من الفصل التاسع المتعلق بالتعاون الدولي والاقتصادي والاجتماعي ولقد رعت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا المبدأ في عدة قرارات أوجبت على أعضاء الأمم المتحدة الحفاظ على مبدأ تقرير المصير ثم تلى ذلك قيام الجمعية العامة للأمم المتحدة بإدراج جميع القرارات التي اتخذتها حول تقرير المصير بالقرار المرقم (2625) في تشرين الثاني من عام 1970م لغرض تشجيع التعاون الدولي وإقامة علاقات مشتركة وفقاً لميثاق الأمم المتحدة ثم أكدت الجمعية العامة في قرارها المرقم (2787) والصادر في 12 كانون الثاني من عام 1972م على حق تقرير المصير ثم طلبت من الدول الأعضاء الاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها وتقديم الدعم اللازم للشعوب التي تناضل من أجل هذا الهدف  وفي آب من العام 1975م وقعت (33) دولة أوربية والولايات المتحدة الأمريكية في هلسنكي عاصمة فنلندا على إعلان عن المبادئ التي تستند عليها العلاقات الدولية المشتركة ولقد نص المبدأ الثامن من هذا الإعلان على حق تقرير المصير أيضاً وبالرغم من الاختلاف والتباين بين مواقف الدول وفقهاء القانون الدولي والمستمرة الى يومنا هذا فقد نال حق تقرير المصير التمتع بصفته القانونية باعتباره أحد قواعد القانون الدولي العامة بغض النظر عن مصدرها العرف الدولي أو الاتفاقيات الدولية فنال بذلك مبدأ تقرير المصير القبول لدى المجتمع الدولي وأوجب على الدول كافة الالتزام بهذا المبدأ ولما كان حق تقرير المصير مكفول لجميع شعوب الأرض لكن  ذلك ينطبق  فقط على شعب يعيش على أرضه كالشعب الفلسطيني ولا ينطبق ذلك على دول الاحتلال الصهيوني ومستوطنيه الّذي نزحوا من كل بقاع العالم .

 نظرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947م في قضية فلسطين وشكلت لجنة لهذا الغرض وكان الانتداب البريطاني قد أغفل حق فلسطين في تقرير المصير بينما أعطى الحق لليهود في وطن قومي في فلسطين وظهرت نياتها الخبيثة في التفريط بالحق الفلسطيني ومن هنا فقد أعطى من لا يملك الحق لمن لا يستحق ونتيجة لذلك فإن الدورة الثانية للجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت قرارها المرقم ( 181) في 29-11-1947م بتقسيم فلسطين وسلب الشعب الفلسطيني أرضه وحقوقه وسيادته وأوجدت بذلك مشكلة قائمة منذ عشرات السنين  لكل العرب والمسلمين أحدثت حروب متعددة بين العرب والكيان الصهيوني وبين الفلسطينيين والمغتصبين الصهاينة لا تنتهي حتى يُرفع الحيف عن الشعب الفلسطيني إضافة إلى ما يعانيه الشعب الفلسطيني من هموم  رافقت هذا التقسيم إلى يومنا هذا فكانت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين الّذي طردوا من ديارهم بقوة السلاح وبتآمر الغرب والانتداب البريطاني ورغم ذلك فقد صدر قرار الجمعية العام المرقم (194) في عام 1948م الذي أوضح ضرورة عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم ثم تمت الإشارة وبشكل واضح الإشارة إلى الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني بقرار الجمعية المرقم (2535) في 10-12-1969م ثم تبنت الجمعية العامة في قرارها المرقم( 2672) في 8/12/1970م بحق فلسطين بتقرير مصيرها وبتأريخ 8/12/1979م أكدت الجمعية العامة على احترام الحقوق الفلسطينية وإقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط ويُعد القرار المرقم (3236) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22/11/1974م والّذي أعطى للشعب الفلسطيني الحق في تقرير مصيره وعدم التدخل في شؤونه الداخلية وحقه في السيادة على أرضه وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين من الشتات واستعادة حقوقهم المشروعة وفق القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والتأكيد على أن الشعب الفلسطيني صاحب الحق في إقامة سلام عادل يضمن حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقِلّة على أرضه ومياهه وحقه في الكفاح المسلح لتحقيق ذلك ولقد جرى الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني واعتماد ممثليه في البعثات الدبلوماسية في أغلب دول العالم ويُعد ذلك تطور جديد في قواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية وما يترتب عليها من اعتراف دولي وحصانة دبلوماسية وتعامل  بالمثل .

 ولما كانت جميع الأعراف الدولية تضمن للشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره والجهاد من أجل كرامته فلماذا يقف العالم الغربي اليوم بجانب المعتدي والمحتل والمستوطنين الأجانب ولا يساند أهل الحق وأهل الأرض هل هو خلل في قيم المجتمع الدولي وقوانين الأمم المتحدة أم أنّ هذه القوانين  لا تطبق الّا على الضعفاء والمغلوب على أمرهم ففي الوقت الذي نلتزم به بأحكام القوانين كعرب ومسلمين بينما تخالف الدولة العبرية جميع قوانين الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي وتضرب مبدأ حق تقرير المصير عرض الحائط وتقتل وتدمر متى أرادت ذلك دون أي رادع قانوني أو إنساني فمن المعيب إذن أن تقف دول غربية عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا  بجانب المحتل الغاصب ضد الشعوب المحبة للسلام والباحثة عن حقوقها المشروعة التي يكفلها القانون الدولي , إنه المجتمع الغربي الظالم الّذي لا يعترف الّا  بالقوة  وفرض الأمر الواقع وتفصيل الديمقراطيات وحقوق الإنسان على فصاله الخاص وبما يخدم مشاريعه التوسعية والاستغلالية ومن حق الشعب الفلسطيني الكفاح والجهاد من أجل مقدساته وأرضه وحقوقه المشروعة والاعتماد على أبنائه ومقدراته لأن العرب خاصة والمسلمين عامة في غفلة وعدم اكتراث والّا ماذا نفكر في هذا السكون والأبنية تُدمر في غزة على رؤوس ساكنيها ولعنة الله على الظالمين والمتخاذلين والساكتين عن الحق والنصر بإذن الله للمؤمنين الصابرين والّذين لا يملكون الّا أرواحهم وهم يبذلونها في سبيل الله وقد فاز من دافع عن دينه وأرضه ومقدساته.

 

 






الخميس ٢٧ ربيع الاول ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / تشرين الاول / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب شاكر عبد القهار الكبيسي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة