شبكة ذي قار
عـاجـل










البعث والفداء الفلسطيني

الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس


الموقف من قضايا الوطن والإنسان ليس مزاجاً يتغير وتحكمه ظروف متغيرة، بل هو قضية سياسية أخلاقية إنسانية، هو ثابت عقائدي استراتيجي تتوظف له مكونات فلسفية وقواعد نظرية، وتجند لها قدرات تنظيرية لتجديد مقوماتها وإدامة حضورها، غير هذا وأعظم أهمية منه يجب أن يقترن الموقف الوطني والقومي ببراهين وإثباتات عملية ميدانية تجسد فكره ونظريته وفلسفته وهذه المواقف هي الأخرى ذات آفاق مستدامة لا تصاب بالتقلص ولا بالانحسار.

قاتل البعث في فلسطين سنة ١٩٤٨ في مقاومة الاحتلال الصهيوني لفلسطين في أيامه الأولى، وكان من بين أوائل المتطوعين للمقاومة العربية في فلسطين هو مؤسس الحزب وقائده الرفيق أحمد ميشيل عفلق، ومن يومها، والبعثيون أفراداً وتنظيمات هم جزء من العمل الفدائي الفلسطيني ومن المقاومة الفلسطينية الباسلة ليس بالكلام والإعلام بل في رُبى فلسطين، ودماء شهداء البعث قد روت أرض فلسطين منذ اغتصابها وإلى يومنا هذا.

لم تحصل قضية فلسطين على دعم مادي ومعنوي في كل تاريخها كما حصلت في عهد سلطة حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق. ولم تحصل فكرة الفداء والشهادة كطريق لصناعة الحياة بمعانيها الجليلة العزيزة النفيسة الكريمة كما حصل في تلك الحقبة (١٩٦٨-٢٠٠٣ م). وقد وجدت قيادة العراق الوطنية طرائق كثيرة لدعم الشهيد الفلسطيني، والشهيد العربي في فلسطين وقبله طبعاً لدعم فكرة الفداء والشهادة. ومن بين ذلك تشجيع البعثيين وحثهم وتربيتهم للانخراط في صفوف المقاومة الفلسطينية البطلة، وقدمت القيادة العراقية رواتب تقاعدية ومساكن لعوائل الشهداء وقبلها جهزتهم بالسلاح والعتاد.

ويعرف العرب كلهم أن العراق قد وفر معسكرات تدريب للفدائيين الفلسطينيين والمقاومة الفلسطينية بكل متطلباتها من مدربين محترفين علماء في حرفتهم علموا الفلسطينيين عشرات طرق الهجوم الفردي والجماعي، وتوفرت لتلك المعسكرات تجهيزات أسطورية في نوعها وكمها دون منة ودون أن يشعر الفلسطيني يوماً فيها وخارجها إلا وكأنه يعيش في القدس أو جنين أو طول كرم أو غزة.

لقد كان موقف البعث الثابت من تكريم الشهادة في فلسطين ودعم القضية الفلسطينية عراقياً وعربياً ودولياً موقفاً ثابتاً وحاسماً معروف للعالم بأسره وبسببه تمت محاربة البعث وحياكة المؤامرات ضده وصناعة العراقيل والحروب لإسقاطه وصولاً إلى تجييش ٤٠ جيش يقودهم جيش أميركا وبريطانيا غزت العراق واحتلته واغتالت نظامه الوطني واجتثت البعث وطاردت قيادته بالاغتيال والإعدام والمعتقلات والتهجير والتجويع.

وها نحن نرى اليوم المزايدين وتجار القضية من العرب المتصهينين والأحزاب والمليشيات الجبانة إلى جانب إيران الكهنوتية لا تعبر حدود المواقف اللفظية وتتحجر وتتخشب عند الادعاءات الفارغة التي لا تغني ولا تسمن.

إن عملية طوفان الأقصى الخالدة قد أحييت روح الفداء والاقدام والبسالة الفلسطينية، وحققت نتائج تاريخية سيكون لها أثر عظيم في تحرير فلسطين من البحر إلى النهر وأسقطت الأقنعة عن النظام العربي الجبان المطبع المتصهين المتهالك وكل الأحزاب المزايدة والمليشيات التي هي محض أدوات بيد أميركا والكيان الصهيوني.






الاثنين ١ ربيع الثاني ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / تشرين الاول / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة