شبكة ذي قار
عـاجـل










حوار ودي هادئ مع إعلامي معادي

 

أبو الحسنين علي

أكاديمي عراقي

 

أطل علينا الإعلامي محمد السيد محسن بخبرٍ (يبدو مثيراً في هذه المرحلة وفقاً لوصفه)..

مفاد الخبر أن أطرافاً في الإطار التنسيقي لم يسمها قد وافقت على (عودة) قياديين في حزب البعث العربي الاشتراكي إلى العملية السياسية، والأخ السيد محسن لا يفوته أبداً معنى كلمة (عودة) ودلالاتها ولا يفوته تأثيراتها النفسية على من أذيعت لهم وسمعوها وتوقفوا إزاءها.

الأخ السيد يقول للناس إن قياديين في حزب البعث العربي الاشتراكي كانوا نشطين وفاعلين في العملية السياسية التي صنعها الغزاة سنة ٢٠٠٣ ثم خرجوا منها والآن تمت موافقة (أطراف من الإطار التنسيقي وليس كله) على عودتهم، هذه أول عملية ايحائية لأخينا السيد غير موفقة وخارجة من بئر من آبار التزوير وما أكثرها في عراق ما بعد ٢٠٠٣، فالمعروف أن البعثيين قاطبة اجتثهم وحظرهم دستور وقوانين بول بريمر ويتعقبهم قانون اسمه المساءلة والعدالة.

وإذا تجاوزنا نقطة البداية التي أريد لها أن تكون (مثيرة ) فإننا سنجد أنفسنا أمام خاطرة من خواطر الأخ محمد السيد محسن تُقرأ ما يلي ( يوافق الأخوة المجاهدون على عودة الأخوة المهزومين) وهي خاطرة غنية بالمكونات اللغوية من كناية وتورية، وفيها عمق فكري نحسد الأخ السيد محسن على امتلاكه أو بالأحرى  نغبطه، فهو في هذه الفكرة الخاطرة العابرة يريد أن يقول إن جماعة الإطار قد انتصروا على حزب البعث العربي الاشتراكي ثم قبلوهم معهم احساناً وجوداً وتجملاً ثم ما لبثوا أن لفظوهم من العملية السياسية الأمريكية الإيرانية الصهيونية، وها هم يعودون لتجربة كرم المنتصر على المهزوم.

الأخ الفيلسوف السيد محسن يعرف والعالم كله يعرف ولكنه يصر بعد مضي عشرين سنة على احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الامريكية أن جماعة الإطار انتصروا سنة ٢٠٠٣ ولا نجد تعريفاً قط لهكذا انتصار وكيف تم. ومع الإحساس بنوع من السخرية والفكاهة في استخدام مصطلح (المجاهدون) غير أن الإعلامي الخارج من أقفاص الأسر الإيراني بعد انتهاء الحرب الإيرانية على العراق والذي نجا بأعجوبة من الضم القسري إلى  فيلق بدر وتشكيلات حزب الدعوة وغيرها من أذرع إيران التي كانت تقاتل العراق مع الجيش الإيراني، وهو ضَمٌّ عانى منه العراقيون الأسرى كلهم تقريباً وخاصة العراقيين الفراتيين والجنوبيين، مع الإحساس بفكاهة السيد إلا إنه كان هنا أيضاً غير موفق، بل مزور ومفبرك في استخدام مصطلح المهزومين ( يقصد بهم البعثيين طبعاً ) فالسيد محسن يعرف أن جماعة الإطار التنسيقي كلهم قد جاءت بهم نتائج الغزو الأمريكي المسنود بأربعين جيش من أربعين دولة عظمى وكبرى وصغرى، والسيد يعرف أيضاً أن العملية السياسية ليست مصنوعة ولا مستدامة من جماعة الإطار، ولا هم أصحاب قرار فيها، بدليل إنه أقر في بداية كلامه أن أميركا تتحكم بأموال العراق وهي التي توافق على تجهيز ميزانية حكومة الإطار من أموال النفط العراقي التي تستوفيها أميركا وتضعها في مصارفها وتتصدق على عملائها في السلطة بميزانية يسرقونها بعد أن يدفعوا ثمن إيصالهم للسلطة  لحكومة خامنئي كل شهر .

مرة أخرى، الأخ السيد يعرف أن البعثيين بكل أماكن إقامتهم وبكل عناوينهم القيادية داخل وخارج العراق لم يكونوا جزءاً من العملية السياسية تم استبعاده ليعودوا الآن.

ونحن نتفق تماماً مع السيد محسن أن البعثيين الذين بشرهم بقرب (عودتهم) للعملية السياسية لا لزمة لهم في هذه العملية السياسية ولا تأثير لهم في سير الأحداث ولا حضور لهم في الشارع العراقي، ونستغرب معه سبب صدور موافقة بعض أطراف الإطار على عودتهم إرضاء لأمريكا.

ونتساءل: إذا كانت مباحثات هؤلاء (البعثيين) سنة ٢٠١٥ م وإن تلك المباحثات قد طواها النسيان واستنفذت كل أغراضها في حينها فما الذي جعل بعض أطراف الإطار التنسيقي تتذكرها الآن وتعمل بها ومن الذي حركها الآن لتتحول إلى ورقة إرضاء لأمريكا بعد عشر سنوات من (النسيان والإهمال)؟

إذن واضح أن معلومات السيد ناقصة أو مبتورة وأن الإطاريين الذين سربوا له المعلومة إما ورطوه بمادة إعلامية فارغة ولا قيمة لها أو أنه هو من اشتراها بثمن بخس ليحصل من ورائها على مكافأة من شركة يوتيوب لأنه يتوقع بل يعرف أن آلاف بل ملايين من العراقيين يهمهم شأن البعث وأن البعث مؤثر فيهم ومتواجد بينهم وأن السيد يتناقض مع نفسه بشكل صارخ.

ورغم أن السيد محسن لم يستلم الخبر المثير بشكل متكامل وهو بنفسه لم يعلن عن أسماء أو الأطراف من  الإطاريين الموافقين على عودة بعض قادة البعث للعملية السياسية التي يبذل السيد محسن جهوداً مخلصة وحثيثة من أجل إصلاحها وهو أحد المجاهدين في مكافحة فسادها لكنه مع ذلك تمكن من معرفة الشروط الثلاثة التي وضعها الأمريكان على محاوريهم من  البعثيين سنة ٢٠١٥ وأولها ( الاعتراف بالعملية السياسية ) : سبحان الله، طردوا من العملية  السياسية والآن يوافق الإطار على عودتهم وشروط العودة أمريكية والبعثيين غير معترفين بالعملية السياسية!.

الأخ سيد محسن (لاصها لوصة محترمة على قول أهلنا العراقيين).

كان الأجدر به ألا يورط بعض أطراف الإطار التنسيقي في موافقة سينفونها غداً كلهم ... وأميركا قد تنفي هكذا مباحثات وتقول إن لا علم لها لا بهذا الشرط ولا بغيره. ومع ذلك سنصل للشرط الأمريكي الثاني لأنه مهم، ألا وهو شرط (سحب القيادات البعثية من داعش)، جميل جداً

الآن على الأخ السيد أن يقول للناس من هم قادة البعث الذين قصدتهم أميركا وموجودين عند داعش؟ على الأعم الأغلب هو وهم يقصدون القادة الذين أسرتهم داعش وهم يقودون المقاومة ضد الاحتلال الأمريكي، وقامت بتغييبهم ويمكننا القول إنها اغتالتهم، ومن بينهم الدكتور سيف الدين المشهداني الذي لم تمض سوى فترة قصيرة على إطلاق سراحه من سجون الاحتلال قبل أن يقع في الأسر الداعشي المجرم، والقائد الشمعوني من أهالي بابل والقائد فاضل المشهداني وكلهم أعضاء في قيادة قطر العراق التي كان يقودها المجاهد عزة إبراهيم رحمه الله.

غير هذا نحن نعرف أن الضرر الذي أوقعته داعش على البعث وعلى المقاومة الوطنية المسلحة عموماً والبعثية منها على وجه الخصوص هو أكبر بكثير، كثير جداً جداً، من الأضرار التي أوقعها الغزو والاحتلال على فداحتها وكارثيتها وأن الحديث عن علاقة إيجابية بين البعث وداعش لا تليق بأي رجل عاقل موضوعي بل ولا حتى برجل مغيب عن الوعي.

وصلنا إلى الشرط الأمريكي الثالث ألا وهو مطالبة هؤلاء القادة البعثيين بالإفصاح عن أسرار يبدو أن الأمريكان لا زالوا يبحثون عنها من حقبة الحكم الوطني وهنا سنضع الافتراضات المباشرة الآتية:

 أولاً: إن الأمريكان قد فشلوا في الحصول على هذه الأسرار من قيادة الدولة والحزب التي اعتقلوها وهذا يحسب للرجال الشجعان النجباء.

 الثاني: إن هذا العرض هو بمثابة رشوة، ترغيب بجزرة، لهؤلاء القادة البعثيين لغرض افتراء واختلاق أسرار بصيغة اعترافات مدفوعة الثمن تعيد لأمريكا بعض ماء وجهها الذي فقدته بسبب سقوط كل ادعاءاتها التي ساقتها لتبرر غزو العراق.

إذن صار شرط الانسحاب من داعش وشرط البوح بالأسرار كلاهما قضيتان أخلاقيتان لا يليق بمن يسميهم السيد قادة بعثيين أن يسقطوا في فخاخها المهلكة ونثق ثقة مطلقة أن البعثيين أرقى وأكرم وأشجع بكثير من أن يقعوا بهكذا مطب معيب.

أما شروط المفاوض البعثي الثلاثة التي التقطها الباحث الإعلامي المجتهد محمد السيد محسن فهي الأخرى لا تخلو من الغرابة بل وبعض العجب، فالمفاوضون أو المفاوض البعثي ( الافتراضي ) لم يطالب بحقوق شهداء وعوائل قرابة ربع مليون بعثي ولم يطالب بتعديل الحظر الدستوري وإلغاء قوانين الاجتثاث بل اهتم فقط بممتلكات الحزب وبعدم فرض عدم استخدام اسم البعث مع اقرارنا أن هذه الجزئيات هي حقوق يجب المطالبة بها لكنها يجب أن لا تأخذ أولوية  تتقدم في عقل ( قائد بعثي ) على حقوق العراق وحقوق شعب العراق وحقوق القوات المسلحة العراقية وحقوق مؤسسات الدولة العراقية التي دمرها الغزاة.

نقول للسيد محمد إن هذا المفاوض البعثي مفاوض من صنع خيالك وخيال الإطار التنسيقي، وإذا كان له وجود فعلي فنحن نشكك ببعثيته وبصفته القيادية بل ننفيها نفياً قاطعاً.

ولعل من بين الاستنتاجات الساذجة التي ذهب اليها محمد السيد محسن هي أن جماعة الإطار يريدون بموافقتهم هذه أن يقنعوا أميركا أنهم عروبيون ويهمهم التعاطي مع البيئة العربية ليرفعوا عن حالهم سمعة سيئة هي التعاطي مع إيران فقط.

الأخ الإعلامي يعرف أكثر مِنَّا أن الإطار إيراني وقادته خدم وموظفون عند إيران فقط لا غير.

الأخ محمد السيد محسن... البعث حزب عريق، وأنت تعلم عراقته في العراق وتعلم أنه دخل كل بيوت العراقيين، وعاش منعماً في عقول الملايين منهم، وهو حزب حكم العراق بثورة هو خطط لها وقادها  بنفسه وأنجز في العراق ما أنت الآن وأمثالك تنعمون به من شوارع وطرق دولية وأنفاق وجسور وصناعة وزراعة وتربية وخدمات بلدية وصحية، أنت ومن معك يتحسرون الآن على ما ضاع منها وما لم يستطع رفاقك من مجاهدي إيران تحقيقه في عشرين سنة وهم في سدة السلطة بل أفلحوا فقط في صناعة طبقة فاسدة أثرت على حساب شعب العراق ومعانته وبؤسه وتراجعه مئات السنوات إلى الوراء بسبب الغزو الذي وظب أرضه ومهد سبله وتقدم خيانته وعمالته حزب الدعوة والمجلس وبدر وغيرهم من خونة العراق.

البعث لم ولن يعترف بالعملية السياسية مهما كانت طبيعة محاولاتكم الإعلامية، وأيا كانت اجتهاداتكم الاستخبارية والمخابراتية الخبيثة.

البعث عصي على الاجتثاث، وسيبقى شاء من شاء وأبى من أبى حزب العراق والأمة.

البعث لا يقبل أبداً أن يكون جزءاً من سلطة ذليلة تستلم رواتبها من الخزانة الأمريكية ولو أن المال عراقي.

إن القادة الذين أجهدت نفسك في البحث عن أسباب قبول بعض الأطراف بهم هم من حزب حافظ وبشار الأسد وهم من جماعة الإطار الإيرانيين قبل ٢٠٠٣، بل ومنذ حرب إيران على العراق، وليسوا من حزب البعث العربي الاشتراكي وهذا من لسانك أنت وليس انكاراً منا.

البعث لا تستهويه سلطة خانعة ذليلة، فارقد بهدوء سيد محمد ولا تقلق حتى يأذن الله بأمر آخر ستقف فيه تشتم البعث لأنه يقاتل عمليتكم السياسية ويقوضها وهذا أمر وارد أكثر بكثير من أن يقبل عار الدخول في سلطتكم الأمريكية الإيرانية الصهيونية.

 






الاثنين ١٥ ربيع الثاني ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / تشرين الاول / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أبو الحسنين علي/ إعلامي عراقي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة