شبكة ذي قار
عـاجـل










قراءة هادئة في علاقة حركة حماس مع إيران والموالين لولاية الفقيه – الحلقة الثانية

 

زامل عبد

 

يبدو أن رهان حماس على عوائد تحسين العلاقة مع طهران هو بحكم الرهان على السراب ومبالغ فيه إلى حد كبير ، ففي الوقت الذي تواجه فيه إيران مشاكل في تمويل حلفائها الطبيعيين في سوريا وحزب الله اللبناني وأنصار الله الحوتيين في اليمن وغيرها -  هنا لم اشير الى فصائل الولائيين في العراق لانهم هم المكلفين بتوفير الأموال لسيدهم خامنئي من خلال اجندتهم ومشاريعهم وتجارتهم وسرقاتهم ومصارفهم حتى الوهمية منها  -  بسبب الضائقة المالية الناجمة ليس فقط عن العقوبات الدولية والتي فعلت وتفعل إدارة الخرف بايدن الى انهائها كما حصل في قرار مجلس الامن الدولي وما سبقه من رفع الخزانة الامريكية اليد عن 6 مليارات دولار امريكي مجمده في كوريا الجنوبية كعربون لموقف لاحق وتبين ذلك  من خلال الموقف الذي اعلنه خامنئي ووزير خارجيته  من { حرب الكيان الصهيوني على غزة } ،  كما لابد  من الإشارة الى ان هناك مصلحة إيرانية واضحة في تعزيز القوة العسكرية لحماس ، حيث إن إيران معنية بوجود عدد أكبر من الأطراف التي تهتم بمشاغله (( إسرائيل )) عسكرياً ، على اعتبار أن ذلك يقلص قدرة تل أبيب على التفرغ لمواجهة البرنامج النووي الإيراني  ،  ومن ناحية ثانية فإن اتساع خريطة المصالح الإيرانية يقلص قدرة طهران على دعم حماس سياسياً فعلى سبيل المثال ، هناك تقارب واضح بين إيران ونظام السيسي لوجود مصلحة مشتركة بينهما في التصدي للإسلام السياسي  (( السني ))  ومع ذلك فإن هذا التقارب لا يمكّن إيران من الإسهام في إقناع المصريين برفع الحصار عن قطاع غزة ، حيث إن تأثير الأطراف الإقليمية المعنية باستمرار الحصار على القطاع على دوائر صنع  القرار في القاهرة أكبر بكثير من تأثير إيران مع العلم بأنه لا توجد شواهد على أن إيران تحركت سياسياً أو دبلوماسياً لدى مصر لإقناعها برفع الحصار ، ولكن حتى عندما كانت العلاقات بين الطرفين في أوجها، فإن الدعم العسكري الإيراني لحماس كان محدوداً ، حيث إن إيران لم تزود الحركة بالصواريخ المطورة التي زودت بها حزب الله ويكفي أن نعلم أن معظم الصواريخ التي استخدمتها حماس في قصف العمق الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة كانت محلية الصنع  وحتى إذا أرادت إيران تزويد حماس بالسلاح حالياً ، فإن ضراوة الحصار -  الذي تفرضه (( إسرائيل )) ونظام السيسي على قطاع غزة -  تحدّ من قدرتها على القيام بذلك وقد تكون قيادة حماس ترمي من خلال السعي لتحسين العلاقة مع إيران إلى المناورة والإيماء للقوى الإقليمية العربية - التي تناصبها العداء وتـُحكم الحصار عليها- أن نافذة الفرصة ما زالت مفتوحة أمامها ، وأنه يجدر بهذه القوى أن تعيد حساباتها من جديد ، ورغم أن الواقع حتى الآن يدل على أن مثل هذا الرهان في غير محله ، فإن هذا التوجه قد يُحرج القوى السنية التي تناصر حماس في العالمين العربي والإسلامي ، حيث سيكون من الصعب على حماس تفسير تحول موقفها من إيران ، في ظل إصرارها على مواصلة دعمها نظام الأسد الدموي والتغول على السنة في العراق وغيره ، وفي الوقت ذاته فإن التقارب مع حماس يأتي ضد رغبة وتوجهات قواعد الحركة التي سيتفاقم إحباطها من هذا التوجه  وتحديداً عندما يتبين أن الرهانات على العلاقة مع إيران في غير محلها  ، وعلى ضوء ما تقدم يمكنني أن اخلص الامر فأقول يحق لحركة حماس أن تبني علاقاتها الخارجية مع الأطراف المختلفة بناءً على مصالحها وما يضمن تمتين قدرتها على الصمود ومواصلة المقاومة ، لكن تــُحظر عليها المخاطرة بالإقدام على خطوة قد يتبين لها سريعاً أن ضررها أكبر بكثير من نفعها من الواضح أن المأزق الذي تعيشه حماس في قطاع غزة  وحالة الاستهداف التي تواجهها على كل صعيد ، تدفع كثيرين إلى المطالبة بالرحيل إلى إيران لمواجهة المأزق ، الأمر الذي يخضع لجدل كبير في أوساط الحركة ، بين قواعد تعيش أجواء الأمة ، وبين جزء من قيادة لا ترى المسألة إلا من زاوية المأزق الذي تعيشه في القطاع لو كنا أمام معادلة إما أن يبقى الحصار وتنجح المؤامرة ،  وإما أن نذهب إلى إيران ، لكان بالإمكان الحديث عن مبرر قابل للنقاش ، مع أنني أرى أن لا خسارة في السياسة بالنسبة لحركات المقاومة والتحرير والتغيير تعدل خسارة جماهير الأمة ، لكن المصيبة أن المشهد لا يبدو على هذا النحو بأي حال ، ولعل السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق  وبخاصة على الذين ينادون بتفعيل العلاقة مع إيران ويواصلون مد الجسور معها خارج سياق القرار الرسمي بل يتغزلون بها على الفضائيات

 

يتبع بالحلقة الثالثة

 






السبت ٢٧ ربيع الثاني ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / تشرين الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة