شبكة ذي قار
عـاجـل










فلسطين أرض الرباط

خنساء الفارس

 

لفلسطين مكانة دينية وتاريخية عظيمة وسامية لدى العرب والمسلمين فهي أرض الأنبياء والرسالات، وللقدس قدسية إسلامية مرموقة، فهي أولى القبلتين وثالث الحرمين بعد الحرم المكي وحرم مسجد الرسول في المدينة، وهي أرض مسرى الرسول (ص)، فالمسجد الأقصى يمثل معنى كبير وعميق في نفوس المسلمين كافة.

لقد نالت فلسطين التشريف بكونها أرض الإسراء والمعراج والتي غدت وقفاً إسلامياً منذ أن تسلم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رض) مفتاح بيت المقدس، فقد فتح المسلمون بيت المقدس في عهد الخليفة عمر بن الخطاب (رض) وحرروه من الصليبيين في عهد الناصر لدين الله صلاح الدين الأيوبي، وقدموا في سبيله تضحيات جسيمة وقوافل من الشهداء الذين روت دماؤهم الزكية الطاهرة أرض فلسطين المقدسة.

لقد كان اليهود مشتتين في أرجاء الأرض، وكانوا يحلمون بمكان يعيشون على أرضه  ، فحققت بريطانيا لهم هذا الحلم المنشود ومنحتهم فلسطين، وخططت لاحتلال فلسطين احتلالاً طويل الأمد وغرزت خنجرها اليهودي المسموم في قلب الأمة العربية.

لقد ابتكر الصهاينة خطة تجميع اليهود المشتتين من جميع أنحاء العالم ونفذوا مشروعهم الاستعماري اللعين مشروع "الدولة اليهودية في فلسطين" واتخاذها وطناً قومياً لهم، وهذا هو الهدف الأساس والرئيس للحركة الصهيونية التي أسسها "تيودور هرتزل" بدعم واسناد وتوجيه من الحكومة البريطانية والقيادات اليهودية في أوروبا، فقد اتخذت هذه الحركة اسمها من "جبل صهيون"، ودعا "تيودور هرتزل" إلى مؤتمر في مدينة بازل السويسرية ليقر فيه مشروعه الاستعماري.

لقد قام الصهاينة باغتصاب الأراضي الفلسطينية وطرد العرب الفلسطينيين من أرضهم، وبذلت الحركة الصهيونية جهوداً كبيرة لتسهيل الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وانتعشت حركة الاستيطان اليهودي والهجرة إلى فلسطين بعد الاحتلال البريطاني لفلسـطين، والذي تلاه صدور وعد بلفور المشؤوم، وبدأت الهجرة اليهودية تتسع بتشـجيع واسناد من قبل حكومة الانتداب البريطاني التي أخذت على عاتقها تنفيـذ مخطط التهـويد، وبدأ عـدد اليهـود يتزايد يوماً بعد يوم.

إن شعبنا الفلسطيني الأبي قاوم بشدة وواجه المخطط الاستعماري الصهيوني بعد أن أدرك وأيقن مخاطر الاستيطان والهجرة الصهيونية إلى وطنهم، فقاموا بتأسيس عدد من الأحزاب والجمعيات لمقاومة الهجرة الصهيونية، فقد تأسست في بيروت أول جمعية باسم "الشبيبة النابلسية" والتي بدورها شكلت "جمعية الفاروق" التي اتخذت من القدس مقراً لها، وهدفت هذه الجمعية إلى الكشف عن الخطر الصهيوني بالمنطقة العربية ومجابهته ومقاومته.

إن من أبرز تداعيات وعد بلفور المشؤوم هو جعل فلسطين تحت الانتداب البريطاني المؤيد والداعم للصهاينة والمسهل لهم سبل الهجرة والإقامة، والذي تغاضى عن جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني، وعلى أثر اشتداد الثورة الفلسطينية وزيادة التضامن العربي معها اقترحت بريطانيا تقسيم فلسطين إلى ثلاثة أقسام ، إلا أن العرب رفضوا بشدة هذا الاقتراح ، ومع ازدياد واتساع المعارضة العربية قامت بريطانيا بإحالة القضية الفلسطينية للأمم المتحدة والتي بدورها قررت في اجتماع الجمعية العامة سنة 1947 انهاء الانتداب وتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية.

لقد أدى قرار التقسيم إلى ثورة فلسطينية وعربية عارمة رفضاً لهذا القرار الجائر والمجحف بحق الشعب الفلسطيني، ورفض شعبي قاطع، فانطلقت الاحتجاجات والكفاح المسلح على أثر ذلك، ففلسطين هي أرض عربية والشعب العربي الفلسطيني هو صاحب الأرض قبل أن تتعرض للاحتلال من قبل الكيان الصهيوني الغاصب الذي استولى عليها وقتل وهجر شعبها.

إن شعبنا الفلسطيني المرابط ناضل وقاوم الاحتلال الصهيوني ببسالة وشجاعة قل نظيرها، وقدم تضحيات كبيرة من أجل استعادة أرضه وحقه المشروع في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، فقد أربكت المقاومة الفلسطينية البطلة العدو الصهيوني بثباتها وصمودها واصرارها على مواصلة النضال والجهاد من أجل تحرير كامل التراب الفلسطيني من براثن الصهاينة الأنجاس.

إن فلسطين هي أرض الرباط والجهاد بحق، فكم شهدت أرضها معارك وملاحم جهادية تسابق فيها العرب لتحقيق وعد الله تعالى إما النصر وإما الشهادة، وكم روت أرضها الطاهرة دماء زكية.

عاشت فلسطين حرة عربية من النهر إلى البحر، وعاش نضال شعبنا الفلسطيني الأبي، والرحمة والخلود لشهداء فلسطين الأبرار، والخزي والعار للخونة والعملاء الأقزام والمتطبعين الجبناء، والعز والرفعة والظفر لأمة العرب.




الثلاثاء ٢٩ جمادي الاولى ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / كانون الاول / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب خنساء الفارس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة