شبكة ذي قار
عـاجـل










إيران: مجازفة غير محسوبة

ضرغام الدباغ

 

أقدمت إيران، تلبية لإرادة فرضت عليها من قبل الولايات المتحدة / بريطانيا والكيان الصهيوني، ولهوى قديم في نفسها، على أن تنضم للتحالف ضد العراق واحتلاله، ولكي لا نظلم التحالف الأسود، فإن أي فكرة تتضمن إلحاق الضرر بالعراق يلاقي الهوى الجارف لدي قيادة الملالي، فيندفعون بشكل أهوج، والفارق هنا، أن الإنكليز والأمريكان قد يرحلون في أي وقت يشاؤون فيه ذلك، ويسجلونها في سجل خسائرهم الطويل، أما الصهاينة فالكل يعلم أن وجودهم وقتي، ولكن من سيعاني ويتحمل الغلطة ولواحقها وتداعياتها هم الفرس ودولة الملالي،

إيران الدولة، لم يظهر اسم هذا الكيان إلا عام 1935، حين أخترع الإنكليز هذا الاسم، في رؤية استعمارية للمساحة الممتدة من المشرق العربي حتى حدود الهند وجعلوها ساحة توازنات، فانتزعوا الاحواز العربية، لكي لا يتحول الخليج العربي لبحيرة عربية داخلية، وبلوشستان لكي لا يمنحوا قوة إضافية لباكستان أو أفغانستان، ثم انتزعوا أذربيجان الجنوبية، لكي لا يمنحوا ممرا لتركيا إلى الكيانات التركية في آسيا، ثم يحولوها إلى دركي في المنطقة. دولة إيران في خدمة الغرب ومخططاته، هكذا بدأت وهكذا هي اليوم.

ولكن ........

ولكن إيران كالضرير الذي عندما يدعوه لوليمة، لا يعرف أن يأكل بأصول، والسبب أن الفرس شعب لا يعرف السيطرة على رغباته الدفينة، فيطير خفة، ورعونة، ويبالغ في كل أمر وخطب. فملكهم هو ملك الملوك (آريا مهر) وملكتهم هي شمس الشموس،  وملاليهم (آية الله وحجة الإسلام)، فاندفعوا في تدمير العراق دون تحسب أو فطنة، ماذا يمكن أن يتسبب هذا التدمير عدا البهجة الداخلية بتدمير أي بلد عربي واسلامي.. ففرحتهم برؤية أشلاء الآخرين، هي المكسب السياسي الأهم.

إيران دمرت العراق بشكل كامل ظناً منها أن ذلك سيسهل السيطرة عليه، ولكنها بذلك دمرت سداً عالياً سوف تؤدي الهزات الارتدادية لسحق وتدمير إيران أضعاف ما دمر في العراق، فإيران اشبه بمنضدة مصنوعة من قطع موزاييك يمتد على مساحة كبيرة. وإذا كان النسيج العراقي الداخلي قوي وصمد حيال الهزات، رغم كل الخسائر، ويمتلك بمحيطه العربي والإسلامي أسباب ومقومات النهوض، ولكن كيف ستصمد إيران، إذا هبت العناصر العربية والبلوشية والآذرية والكردية، تنشد استقلالها، والافلات من دولة الفرس الحافلة بالمتاعب والمشاكل ...؟

لا يمكن التعويل على هدف بعيد المدي (استراتيجي) بناء على معطيات سياسية، فالسياسة جوهرها المؤكد هو التغيير. وسوف يضطر ذات يوم سياسيو إيران الدولة، الاعتراف أن ما فعله نظام الملالي، هو أسوء بكثير مما فعله الشاه محمد رضا بهولي، فالشاه كان لا يتوانى أن يتحرش بالعراق بحذر شديد، في ألعاب مخابراتية، ولكنه كان بفعل ذلك مع استعداده للتراجع بسرعة، وترميم العلاقات دبلوماسياً، ولكن الملالي اساءوا إساءة بالغة، لست أتبين طريقة إصلاحها، حتى بعد رحيل نظامهم المشؤوم على الشعوب الإيرانية في المقام الأول. الفرس يضعون يدهم على مقدرات شعوب أخرى، وهذه قدرات مؤقتة، فعلاقاتهم مع أذربيجان / تركيا، ملتهبة، ومع الأفغان ملتهبة/ صامدة بالكاد، ومع دول الخليج على شعرة، ومع العراق على فوهة بركان، ومع باكستان في نزاع لا يتوقف ...!

الملالي يبيحون لأنفسهم ويشرعنون التدخل وبالأذرع والميليشيات، والهيمنة المباشرة، وصولاً إلى تهيئة أجواء الانفصال ونظام الأقاليم .... دون أن يسألوا أنفسهم أن هذه ممارسات يمكن أن تجرب في إيران ذات يوم ... بالضبط حين ينقلب السحر على الساحر ... فهم أباحوا ومهدوا للتجزئة .... وما يجيزونه هنا يمكن أن بيسري هناك أيضاً .. وسيشهد التاريخ أين توجد عوامل الفرقة وأين يسهل الانقسام ...

الملالي لا يصلحون للحكم، لأنهم يتعاملون بقيم غير موجودة ... وهم يلعبون دون توقف أو استراحة، ألعاباً خطرة.. يحتمل أن تكون بعض تحركاتهم بدفع من مشغليهم، ولكن ربما أن بعض آخر منها هي من بنات أفكار الملالي... دون حذر وتبصر، وإذا دخلوا في برزخ الألعاب الخطرة فالخروج منها على الدوام سالماً مسألة غير مضمونة ...!






الاحد ١٠ رجــب ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / كانون الثاني / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ضرغام الدباغ نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة