أكدت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية ، سيطرة ميليشيات موالية لزعيم التيار الصدري
“مقتدى الصدر” على مدينة سامراء بمحافظة صلاح الدين عبر الآلاف من مسلحيه، مشيرة
إلى أن الصدر ما زال يحتفظ بدوره لإخضاع قوانين العراق لحكمه الخاص.
وقالت الصحيفة في تقرير لها: إن “الدور الذي يلعبه رجل الدين العراقي “مقتدى
الصدر” في الحياة العامة بعد فوز ائتلافه في الانتخابات الماضية، وخاصة في مدينة
سامراء من فرض الأمن فيها جعله يتحول من عدو، إلى الرجل القوي الأمين، ويقدم صورة
للدور الجديد الذي يلعبه في حكم العراق”.
وأضاف التقرير أن “سرايا السلام -وهي الفصيل الذي يقوم بحماية مدينة سامراء
بشكل قوي- يقيمون نقاط التفتيش على الطرق، ويستجوبون السائقين ويحققون معهم، في حين
تجلس القوات الحكومية على الجانب”.
وتابع التقرير أن “أتباع الصدر، البالغ عددهم قرابة 12 ألف مقاتل، يحمون هذه
المدينة، ويضمنون السلام في المدينة التي تعد موطنا لأحد أقدس الأماكن الشيعية في
العالم، ويعكس دور سرايا السلام في سامراء تحول الصدر من العدو إلى الرجل القوي
فارض النظام وداعم قدرة الدولة ويقدم أدلة قوية على كيفية لعب دوره الجديد في حكم
العراق”.
وفي آيار الماضي، فاز ائتلاف الصدر بشكل غير متوقع في الانتخابات الوطنية بعد
أن قدم برنامجا للقضاء على الطائفية، ومحاربة الفساد، وتهميش النفوذ الأمريكي
والإيراني.
وبحسب الصحيفة، “رغم أن الصدر لا يسعى إلى أن يصبح رئيسًا للوزراء، فقد ظهر
الصدر على أنه صانع الملوك المحتمل، ومع فوزه بأغلبية المقاعد البرلمانية، فهو في
موقف قوي لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة واختيار زعيم الأمة”.
وأشارت الصحيفة إلى أن “فوز الصدر أحدث مفاجأة من رجل الدين البالغ من العمر
44 عاما، الذي كان في بداية الاحتلال خارجا على القانون ضد الأمريكيين وثورياً بين
أتباعه ، مبينة أن تحول الصدر، إلى جانب فوزه في الانتخابات، أدى إلى تساؤل بغداد
وواشنطن وطهران: من هو مقتدى الصدر الحقيقي؟”.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي قوله “هناك ارتباك حقيقي بشأن ما إذا كان
الصدر مستقبل العراق أم مجرد بقايا من ماضيه القريب يرتدي قناعا”.
ووفقا للصحيفة فإن “أداء سرايا السلام يشير إلى أن الصدر تخلى بصدق عن خطاب
سابق، وهو ملتزم بتضميد الجراح السنية ـ الشيعية التي أفسدت المجتمع والأمن في
العراق ، لافتة إلى أن تصرفات الكتائب في سامراء تظهر أيضا أنه ربما لم يكن سريعًا
للغاية للتخلي عن ميوله، وما زال يحتفظ بدوره لإخضاع قوانين العراق لحكمه الخاص”.
وسامراء هي إحدى مواقع التراث العالمي لليونسكو، وهي مدينة غنية بالتحف التي
تعود إلى العصور الوسطى من العهد العباسي.
وقبل عقد من الزمان، كانت المدينة في بؤرة حرب أهلية مدمرة، قام مقاتلون
مشتبه بهم من القاعدة بتفجير مرقد الامام علي الهادي والحسن العسكري مما أدى إلى
نشوب صراع طائفي دام طوال سنوات.
وتم قبول المقاتلين الصدريين الجدد بحذر من قبل السكان السنة وقادة الجيش
العراقي، الذي انهار في وجه هجوم داع.
وسعى رجال الحشد التابع للصدر إلى بناء جسور مع المجتمع من خلال إعادة خطوط
الكهرباء، وشبكات المياه في المدينة، وأرسلوا وفودًا للاحتفال بأعراس محلية ولتشييع
الجنازات.
وقال المسؤول الإقليمي في المدينة ، إنهم “يخنقون المدينة، ويسيطرون على
حركات الجميع، وتخضع لهم الشرطة والجيش. إنهم يتصرفون مثل دولة بوليسية وهذا يظهر
نواياهم الحقيقية”.
وأرسل الصدر إشارة متضاربة، وأعلن مؤخرًا أنه سيدخل في ائتلاف حاكم مع شخصيات
تضم قادة لفصائل في الحشد تسعى إلى البقاء مستقلة عن قوات الأمن العراقية، ومع ذلك،
قال البعض إن تطور الصدر صادق وينبئ بعراق قوي يحدده حكم القانون وسياسة خارجية
مستقلة.
السبت ٢٣ شــوال ١٤٣٩هـ - الموافق ٠٧ / تمــوز / ٢٠١٨ م