شبكة ذي قار
عـاجـل










 

بسم الله الرحمن الرحيم 

( انما نذكر اولوا الالباب الذين يوفون بعهد الله  ولا ينقضون الميثاق )

( ولا تشتروا بعهد الله ثمنا  قليلا  انما عند الله هو خير لكم  ان كنتم تعلمون))
 
إِنَّما جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم

(صدق الله العظيم)


عندما قامت امريكا ودول التحالف بشن العدوان على العراق منذ سبع سنوات تحت زريعة والاتهامات التى حملها المسؤلون فى البيت الأبيض عن خطورة ما يملكه العراق من أسلحة الدمار الشامل وبالرغم من التحذيرات العاقلة والمظاهرات التي جابت كل دول العالم التي كانت تندد وتؤكد أن رحلة القوات الأمريكية إلى بغداد سيكون لها ثمن باهظ.. وأن ما يتردد حول أسلحة الدمار الشامل لعبة دعائية قبيحة وأن المخاطرة التى يسعى إليها الرئيس بوش لعبة حقيرة يمكن أن تؤدى إلى نتائج رهيبة. كانت حسابات الرئيس بوش وعصابته بقيادة ديك تشينى ورامسفيلد أن القوة الأمريكية التى حملت أسماء كثيرة فى التاريخ لا تحتاج إلى وقت طويل لاقتحام بغداد وإسقاط الدولة العراقية بأقل قدر من الخسائر فى الأموال والأرواح وهيبة الدولة العظمى.وان تلك القوات وفي خلال ايام قليلة تقوم باحتلال العراق وإسقاط نظام الرئيس صدام حسين وتأمين كل مصالح أمريكا فى المنطقة والعودة إلى ثكناتها بعد فترة وجيزة..


فى نهاية المطاف احتلت القوات الأمريكية العراق وسقطت بغداد ودمر الجيش الأمريكى كل مرافق المدينة وانتشرت القوات الأمريكية تعبث فى كل شىء فى بغداد. نهب الجنود القصور الرئاسية.. وسرقوا الآثار فى المتاحف وأحرقوا الوزارات والمؤسسات ودواوين الحكومة.. وأغلقت القوات الأمريكية الجامعات والمدارس وقتلت أساتذة الجامعات والعلماء والمدرسين.. واستباحت التاريخ العراقى بآثاره ورموزه ومكتباته.. ولم ينس الجنود المساجد وأضرحة الأولياء والرموز الدينية والثقافية التى تعرضت لعمليات تدمير كامل.        


وقام المندوب السامى الأمريكى بتسريح الجيش العراقى والاستيلاء على معداته وتسريح جهاز الشرطة والقضاة والعلماء.. وأغلقت المستشفيات أبوابها وقامت الإدارة الأمريكية بتسريح الأطباء وأغلقت مراكز الأبحاث والعلوم والآداب والفنون. المهم أن العراق الدولة بكل مؤسساتها التى شيدتها فى عشرات السنين سقطت أمام عصابة إرهابية تحمل شعار الحرية وحقوق الإنسان واستطاعت هذه العصابة أن تدمر وطنا بالكامل.


فى الأيام الأولى للاحتلال الأمريكى للعراق يمكن أن يسجل التاريخ أن القوات الامريكيةدمرت الدولة العراقية حامية البوابة الشرقية للوطن العربي بكل ما فيها من مؤسسات ومشروعات وخدمات وبنوك وجامعات ومدارس ومستشفيات.. كانت المؤسسة الوحيدة التى بقيت فى العراق هى وزارة النفط.. لا أحد يعلم حتى الآن حجم كميات البترول التى نقلتها القوات الأمريكية من حقول العراق إلى مواقع المخزون الاستراتيجى من البترول فى أمريكا.. لا أحد يعلم الكميات التى نهبتها أمريكا طوال سبع سنوات من مخزون البترول العراقى حتى الاحتياطى الذى كان العالم يتحدث عنه فى الأراضى العراقية أصبح الآن سرا مجهولا .. كان خبراء البترول فى العالم يؤكدون أن آخر برميل فى البترول العالمى سيخرج من أرض العراق.


حاولت القوات الأمريكية وهى تسرق بترول العراق أن تبحث عن أسلحة الدمار الشامل ولكنها لم تجد شيئـا وكانت هذه أول إدانة للإدارة الأمريكية أنها احتلت العراق تحت دعوى كاذبة بوجود أسلحة دمار شامل على الأراضى العراقية..


قلنا إن القوات الأمريكية كانت تتصور أن احتلال العراق سيكون نزهةقصيرةتستطيع الادارةالامريكية ترتيب امدادات البترول طوال السنوات المقبلة ولكن سرعان ما انتفض الشعب العراقى وقامت المقاومة العراقية لتكون اسرع مقاومة بتاريخ البشرية لتغير كل الحسابات وانطلق الشعب يقاوم الغزاة وبدأت رحلة الموت للقوات الأمريكية، عشرات القتلى كل يوم.. الطائرات تتساقط والدبابات تحترق والجنود يهربون من أشباح الموت وأمام المقاومة الضارية تراجعت القوات الأمريكية وبدأت رحلة التعذيب السجون لأبطال المقاومة العراقية وكانت فضيحة سجن أبو غريب التى هزت اركان البيت الأبيض ووضعت البنتاجون أمام فضيحة تاريخية فى انتهاك حقوق الانسان لقد نجح الاحتلال الامريكي في ان يدمر موارد العراق ويسرق البترول ولكن الثمن كان غاليا ...ما زالت المقاومة العراقية تطارد فلول القوات الغازية وما زال نزيف الخسائر يهزاركان الاقتصاد الامريكي بعنف ان احتلال العراق سيبقى نقطة سوداء فى تاريخ الحكومات العربية التى احتواها صمت بينما كانت تدق ارجاء بغداد وتسفك دماء شعبها وتستبيح مواردها  بعد 7 سنوات من الحرب خسر الاقتصاد الامريكي تريلين دولار وقتلى الجنود الامريكين حسب ادعائهم 4400قتيل بجانب 32 الف مصاب يحتاجون الى اكثر من 500 مليا دولار متطلبات حياتهم من مسكن وعلاج. ومما لاشك أن هناك نتائج خطيرة ترتبت على سقوط بغداد أهمها ظهور إيران كقوة إقليمية مؤثرة تسعى لفرض نفوذها والبحث عن دور أكبر.. كما أن تركيا بدأت تعيد حساباتها فى ظل تصورات جديدة حول دور أكثر قوة فى الشرق الأوسط يعيد لها شيئا من نفوذها القديم


لاشك أن احتلال القوات الأمريكية للعراق فرض واقعا جديدا حيث أعطى للوجود الامريكى فرصة ذهبية فى أن يكون وجودا حقيقيا على أرض عربية.. وربما أعطى ذلك ضمانات أكثر لإسرائيل وشعورا أكبر بالأمن كما أن هذا الوجود الأمريكى كان يمثل حماية لموارد البترول سواء كان البترول العراقى الضخم والذى أصبح فى يد القوات الأمريكية أو فى حماية بترول الخليج وما يمثله من أهمية خاصة للإدارة الأمريكية. كان من أخطر النتائج الداخلية التى ترتبت على احتلال العراق سقوط الشعب العراقى بين تيارات عنيفة وحادة من الفتن الطائفية بين أبناء المجتمع الواحد.. إلا أن الشعب العراقى حافظ على وحدته فى ظل دولة قوية قادرة على فرض سيطرتها على جميع الاتجاهات والتيارات والطوائف.. فتح الاحتلال الأمريكى أبواب الفتن بين أبناء الشعب العراقى.. ودارت المعارك الصاخبة بين السنة والشيعة.. والأكراد والتركمان وبدأت رحلة الانقسامات الدينية والاجتماعية ولم يستطع أحد أن يوقف هذا الطوفان

والآن هل يمكن أن تدعى الإدارة الأمريكية أنها حققت شيئا فى العراق.. لا انتصرت عسكريا.. ولا هى حققت للشعب العراقى الاستقرار والأمن ولا الديمقراطية ولاهى حققت أهدافها الاقتصادية حين تصورت أن بترول العراق سوف يحل مشاكل وأزمات الاقتصاد الأمريكى.

 

بعد سبع سنوات من الحرب بدأت كثير من الأرقام تتسرب فى صورة تقارير وابحاث ونتائج ودراسات

بسبب الحرب فى العراق زاد عدد العاطلين فى أمريكا 11 مليون مواطن.. وخسر داوجونز الصناعى 33% من قيمته فى عام 2008 وبسبب الحرب فى العراق بلغ العجزمؤشر الميزانية الأمريكية 455 مليار دولار ويكفى أن كل أسرة فى امريكاتدفع5000 دولار نفقات لهذه الحرب

 

ومع الخسائر الاقتصادية الرهيبة التى دفعتها أمريكا فى فاتورة الحرب فى العراق كانت زيادة النسبة في حالات الانتحار بين الجنود الامريكيين بجانب النفقات الرهيبة التي فرضتها الحرب لعلاج المصابين الذين تقدر بعض المصادر ان عددهم اكثر من 50 الف مصاب .

 

كان هذا جزءا ضئيلا من حصاد المغامرة الأمريكية فى العراق.. فى الوقت الذي تصورت فيه الادارة الامريكية انها امام رحلة قصيرة كان الاحتلال من اهم الاسباب لانهيار الاقتصاد الامريكي حيث زادت نسبة العجز الخارجي حيث ان الرئيس الامريكي بيل كلنتون قالها بصراحة إن الحرب فى العراق ستفرض على أمريكا أن تستدين لتكمل هذه الحرب.

 

أن المخطط كبير جدا، ومعقد أشد التعقيد وهو بداية لحروب دينية وثقافية وحضارية، ويُراد منه تفتيت أوطاننا وشعوبنا، ونهب خيراتنا والاستيلاء على تراثنا وحضارتنا، وتحويل أجيالنا إلى عبيد فنحن نرفض الاحتلال والهيمنة والمشاريع المستوردة تحت شعارات زائفة مغلفة بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، والتي لم نر منها شيئا مفيدا، بل رأينا القتل والتدمير والتهجير والرذيلة والنهب والسلب والفساد بكافة ألوانه.... سوف يتوقف التاريخ طويلا امام صمود المقاومة العراقية البطلة الباسلة التي سطرت ملحمة انتصار لهذا الشعب العظيم امام القوة العظمى الغاشمة ,ان سقوط امريكا صاحبة اكبرجيوش العالم سيكون درسا حيا لكل من يحاول امتهان هذه الشعوب واستباحة مقدراتها وثرواتها واراضيها . فلينظر العالم الى مايجري في عرقنا الجريح بعين الضمير ويحكم ,, اللهم لا نسألك كف البلاء انما نسألك اللطف فيه .. وطني .. ارضي .. شعبي .. سمائي ..عليك السلام دعونا نردد سويا:

 

يا أمتي والقلب يعصره الأسى           إن الجراح بكل شبرٍ تُسعِرُ
 والله لن يحمي ربى أوطاننا             إلا الجهاد ومصحف يتقدّر

 

 





السبت٠٩ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٨ / أيلول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق ابو ياسر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة