شبكة ذي قار
عـاجـل










أولا وقبل كل شيء علينا أن نقر بأن ما نشر على صفحات موقع ويكيليكس من معلومات كانت تعتبر في المفهوم العسكري الأمريكي بـ (classified) أي محظور إطلاع الجمهور عليه، نُضيف الى ذلك وقع الصدمة التي أحدثها الكم الهائل من المعلومات المسربة، ونحن نضع تحت كلمة المسربة خطين أحمرين، وبعيدا عن نظرية المؤامرة فإننا نواجه معلومات عسكرية غاية في السرية لايمكن أن تخرج بهذا الكم الضخم دون قوة مهيمنة داخل الدوائر الأستخبارية الأمريكية، وتحديدا البنتاغون، ولو رجعنا بالذاكرة الى الوراء قليلا وفتحنا بعض القضايا التي تتعلق بالأمن القومي الأمريكي فإننا سنجد بعضها لايحمل طابع الخطورة التي يحملها تسريب 400000 وثيقة عسكرية سرية عن حرب العراق، ولكن ومع ذلك جرت فيها تحقيقات على أعلى مستوى قضائي في أمريكا وأعتـُبرت من القضايا التي تهدد أمن الولايات المتحدة، وعلى سبيل المثال نذكر قضية ستيفن روسن مدير قسم السياسة في آيباك سابقاً مع كيث وايزمان الذين أتهما بتلقي معلومات سرية من لاري فرانكلين الموظف السابق بالبنتاغون، وتمريرها إلى مسؤولين إسرائيليين ومن ثم إلى وسائل إعلام، حيث تكشف مسودة الاتهام الأصلية ضد روسن ووايزمان، أن المعلومات التي تم تسريبها، تتضمن تفاصيل بشأن تنظيم القاعدة والتفجيرات التي استهدف منشآت عسكرية أمريكية في الخُبر بالمملكة العربية السعودية، فضلاً عن السياسة التي تنتهجها إدارة واشنطن تجاه إيران، وهذا لايشكل تهديدا مباشرا لخطط الولايات المتحدة مقارنة بما تشكله تسريب مئات الألوف من الوثائق التي تدين أمريكا بشكل مباشر في حربها ضد العراق، فهل نحن أمام قضية العصر؟


وإذا ما أخذنا في الأعتبار إن معظم تلك التسريبات تتعلق بالمليشيات وعملها في العراق إضافة الى إتهامات واضحة للمالكي بدعم تلك المليشيات وتجاهل الكشف عن الكثير من التقارير والمعلومات الأستخبارية عن مجازر الفلوجة والنجف والأسحاقي، أو لنقل لم يماط اللثام عنها لحد الآن، فإننا أمام إنتقائية أمريكية جديدة يراد منها تمرير لعبة أخرى من خلال إشغال الرأي العام بوثائق أثُبتت على أرض الواقع ومنذ سبع سنوات من خلال الصحافة والإعلام خلال فترة حرب أمريكا على العراق وأفغانستان وثبوت تجاوزات خطيرة على حقوق الأنسان وأنتهاك سيادة الدول والسيطرة على مقدراتها وإرجاعها الى الوراء عشرات السنين.


لسنا بالضد من نشر تلك الوثائق بل العكس، فذلك يثبت ما سطرته أقلام الباحثين عن الحقيقة من الوطنيين والأحرار في العالم، ونتمنى أن تأتي هذه التسريبات بجديد لدعم قضيتنا العادلة بتحرير العراق، ولكن لن نذهب بعيدا في الأعتقاد بأن نشر مثل تلك الوثائق سيجلب المتهمين الى قاعات المحاكم الدولية، فلازال هنالك الكثير مما لم يكشف بعد، فأسرار غزو العراق لا زالت غير موثقة، ولازال الغموض يكتنف العلاقات المشبوهة بين أمريكا وإيران في العراق من خلال دعمهما لنفس الشخوص من العملاء، ومازلنا نبحث عن أسرار إعدام الرئيس الشرعي للعراق الشهيد صدام حسين، وكيف تم التنسيق مع المالكي لتسليم الرئيس الشهيد له في يوم عيد، وأسرار تدمير الفلوجة البطلة، والدور الأمريكي في الحرب الطائفية التي ذهب ضحيتها مئات الألوف من العراقيين، وكشف ملابسات تفجير المرقدين العسكريين، ومسلسل سرقة النفط العراقي، ومئات القضايا التي لم يعلن عن نتائج تحقيقاتها لحد الآن.


أمام موقع ويكيليكس الكثير لإثباته بالرغم من إن 400000 وثيقة ليس بالشيء الهين، ولكن المهم ليس بالكم بل بالنوع، فمعظم تلك الوثائق تحتوي على مراسلات وتقارير عسكرية مملة عن مهمات قتالية وأخرى روتينية لاتحمل أية تفاصيل مهمة، مع إستخدام الرموز بدلا من الأسماء وهذا يضر كثيرا في حال إستخدام تلك الوثائق كأدلة ثبوتية في المحاكم في المستقبل.


لن ننتظر الكثير من ردود الأفعال في الدوائر الأمريكية تجاه من قام بجرائم ضد العراقيين، إن كانوا من المليشيات أو من أفراد الجيش الأمريكي، ولكننا اليوم أمام مسؤولية أخلاقية وقانونية على الدول والمنظمات والهيئات الدولية أن تتحملها بعد أن شهد شاهد من أهلها.


بأنتظار نتائج تلك التسريبات على الواقع السياسي العراقي المتأزم، والذي يمكن أن يؤكد أو ينفي شكوكنا في إن نشر تلك الوثائق يمكن أن تكون قرصة أذن للمالكي المتمسك بكرسي الرئاسة بقرار إيراني، والضغط بإتجاه تشكيل حكومتهم العميلة، دون أن ينفي ذلك تأثر المخطط الأمريكي في العراق، ولكن تلك هي السياسة الأمريكية، فاليوم نرى تركيز الضوء على جرائم المالكي ومليشياته وإعتباره مشكلة العراق الحقيقية، بينما تم التغاضي عن نشر الكثير من الجرائم التي تتهم الجيش الأمريكي بالإبادة الجماعية لشعب العراق.


إذا كانت تلك الوثائق قد سربت من البنتاغون، فإن وثائق المخابرات المركزية الأمريكية ما زالت (classified) ، ولازال هنالك الكثير لكشفه أمام المجتمع الدولي، فهل يستطيع موقع ويكيليكس الأستمرار؟ أم سيواجه تُهم المحكمة القضائية العليا للولايات المتحدة الأمريكية؟

 

 





الثلاثاء١٨ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٦ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب وليد المسافر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة