شبكة ذي قار
عـاجـل










العراق معقل الخلافة العربية العباسية ومستقر العُلماء العَرب وصاحب المشروع النووي الذي قضى عليه العدو الصهيوني، كان العراق ركيزة أساسية من ركائز الأمن القومي العربي، وحارساً أميناً للبوابة الشرقية للوطن العربي، جندل أعداء العروبة والإسلام في القادسيتين، وأقبر مشروع إيران التوسعي الاستعماري في منطقة الخليج العربي.

 

لقد أكدت ثورة 17 تموز الخالدة أن طبيعة السياسات التي ينتهجها حُكام طهران بصورة مباشرة أو غير مباشرة تؤثر تأثيراً كبيراً على الأوضاع العربية، وطالما حذرت منها لكونها حلقة مهمة في المخطط الاستعماري الغربي الذي تقوده واشنطن والصهيونية العالمية.

 

حين انتصر العراق على إيران في عام 1988 في معركة القادسية الخالدة، تأكدت واشنطن والصهيونية العالمية أن الدور الذي سيلعبه العراق القادم في المنطقة خطير جداً وسيتمكن من تهديد مصالحهم وسياساتهم وسيقف مانعاً لمخططاتهم، ومن أجل القضاء على حكومة 17 تموز أعطت واشنطن والعدو الصهيوني منذُ بداية منتصف سبعينات القرن الماضي دوراً سرياً وخاصاً ومتميزاً لحكام طهران تمثل بتأسيس مجموعة من الأحزاب السياسية ذات الصبغة (الشيعية) التي أشعلت القلاقل والاضطرابات في مختلف محافظات العراق وتخندقت في جبهة إيران العسكرية والسياسية حتى احتلال العراق ونالت المقاعد الأولية في دفة الحُكم وأصبحت إحدى آليات النظام الإيراني في العراق تتأمر بأمره وتنفذ أجنداته.

 

ومن العراق بعد احتلاله امتدت نيران السموم الإيرانية إلى الوطن العربي من أجل تحقيق حُلم الإمبراطورية الفارسية السابقة العهد وإعادتها كقوة وحيدة ومسيطرة في المنطقة.

 

واختلفت سياسات الحكومات الإيرانية المتعاقبة بين العسكرية التي تقوم على العدوان والاحتلال، والسياسية في إقامة العلاقات مع الدول، والدبلوماسية المخفية في مؤازرة الشعوب الفقيرة والمحتاجة عن طريق دعمهم بالأموال وغسل أدمغتهم المُبرمج طائفياً وإعلامياً عن طريق مؤسساتها الدينية والثقافية والإعلامية المنتشرة في خارج إيران، وتأسيس أحزاب سياسية وميليشيات عسكرية عربية تكون ذراعها الأيمن في الوطن العربي. وكانت أولى ثمار سياسات النظام الإيراني هذه هو سقوط العراق بتحالفهم مع القوات العسكرية الأمريكية والصهيونية، لأن العراق كان الصخرة المنيعة والقوية في وجه أطماعهم في منطقة الخليج العربي خاصة والصهيونية في المنطقة العربية عامة.

 

وبعد أن كان العراق بقيادة ثورة 17 تموز البوابة الشرقية للوطن العربي وحامي حماها أصبح منذُ التاسع من أبريل 2003م البوابة الشرقية للمد الإيراني إلى أقطار الخليج العربي والأمة العربية.

 

والمتتبع للتاريخ الحديث يتذكر أن الإيرانيين حتى قبل تاريخ الاحتلال هذا لا يجرؤون على التقدم نحو أراضي العراق خوفاً ورُعباً من فرسانه الأشاوس الذين جندلوهم في القادسيتين، وبعد الاحتلال لم يقبل أي حُر عراقي بالتعامل معهم والقبول بهم إلا أولئك الإيرانيو الأصل الذين تربوا في أحضانهم وتطعموا من أرزاقهم، وكانت حصيلة توليتهم على مقدرات العراق الملايين من القتلى والجرحى وسرقة ثروات العراق النفطية والغازية والثقافية والتاريخية من أراضيه. وطالب هؤلاء الولاة المأجورين بتعويض إيران عن خسائرها المادية والعتادية والبشرية في حرب عدوانها على العراق التي استمرت ثمان سنوات متواصلة.

 

وقد حذر قادة العراق القادة والحُكام العرب الأخطار المترتبة على احتلال العراق مِراراً وتكراراً، وما حدث في العراق وفلسطين واليمن والبحرين ولبنان وفي أقطار المغرب العربي والسودان اليوم هي من بصائر ذلك التحذير.

 

لقد آن الأوان أن يقف العرب وقفة أمة واحدة ضد المخططات والسياسات الإيرانية التي تستهدفنا أمة وشعباً وثروات، ألا يكفي ما تم تنفيذه منها؟ أم ننتظر حتى يتم ابتلاع أرضنا العربية شبراً وراء الآخر؟ ألا ننظر إلى العراقيين كيف يعيشون في ظل الاحتلال؟ ألا نشاهد ونسمع عن حياة الفلسطينيين على أرضهم؟ ألا تصلنا أخبار وعن ما يجري للشعب الأحوازي العربي؟ وقد صدق الخليفة عُمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث قال عندما أخبروه بفتح بلاد فارس (ابتلى الإسلام بهم، واللهم اجعل بيننا وبينهم جبلٌ من نار).

 

إن مَن يقرأ التاريخ الإيراني ويدرك جيداً ما بين سطوره يَعرف باطنية هؤلاء القوم ومدى حِقدهم على العرب والإسلام، وقد أدركت ثورة 17 تموز مُبكراً ذلك الشر والحقد، فانتقمت إيران ومَن وقف مع العراق في حربه معها شر انتقام.

 

واليوم تقف واشنطن والحركة الصهيونية العالمية مع المخططات الإيرانية مستغلين التواجد (الشيعي) في الأراضي العربية ويوظفونهم لتنفيذ تلك المخططات، متناسين أن (الشيعة) من أبناء الأمة العربية يرفضون الانحدار إلى هذا المستوى السيء من الفِكر والتخطيط، وأنهم أولاً عرب ينتمون إلى الأمة العربية لغةً وتاريخاً ووجوداً، ومسلمون ثانياً ينتمون انتماءً حقيقياً إلى الدين المحمدي الذي يَجمع ولا يُفرق، الدين الصحيح الذي لا يحتوي على المصطلحات المذهبية والفئوية، دين يهدف إلى الإصلاح والمساواة والعدل بين كافة أبناء الشعوب، ويدعو إلى التعايش مع أبناء الإنسانية جمعاء بعيداً عن اختلاف اللغة واللون والعِرق.

 

لقد فشلت السياسة الإيرانية التي اعتمدت على هذه الكثافة الشيعية فشلاً ذريعاً، كما فشلت سياسات الكذب في الدفاع عن المستضعفين والمحرومين، ولم يعد لهذه السياسات أية مصداقية، وفقدت الفئات الواعية من أبناء البحرين والأمة العربية الثقة بالإيرانيين نهائياً، ولن يتأثر بعد اليوم بإدعاءاتهم أحد حتى ولو كان هذا الشخص حيادياً بين الإلحاد والإيمان.

 

إن الكذب والإيمان لا يجتمعان، ونحن مطالبين اليوم بدعم وحدتنا العربية والخليجية التي ستكون بإذن الله تعالى هي البوابة التي ستحمينا من أعداء الأمة لكي تعود الأمة العربية والعراق معها قلعة الصمود والتحدي والبوابة الشرقية للوطن العربي.

 

 





الاحد٠٣ رجـــب ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٥ / حــزيــران / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد علي الغسرة نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة