شبكة ذي قار
عـاجـل










لم نالفها محطمة الاغصان تعيش فيها اكوام القمامة ،كانت المتنفس الوحيد الذي يتحلق فيه اطفال المحلة يلهون ويلعبون وعلى مساطبها الخشبية ينشتل الشباب والكبار ،وفي ايام الجمع تجد العوائل وقد حملوا طعام الغداء ، يتناولونه على الهواء الطلق تحت الاغصان الورافة وظلال الاشجار ،فتغدو لوحة حلوه، رسومها ابناء الحي وبناته،والوانها الوان ملابسهم وقسمات وجوههم ، وموسيقاها زغاريد الاطفال التي تحاكي اروع اصوات البلابل،
لكن الايام لا تدوم فكل شيىء فيها بات غريبا عن طبيعته ،حتى حيطان البيوت المطلة على الحديقة عادت تتشح باصباغ لا تعرف ، الوان قاتمة لاتمت الى الفرح بشيىء ،الاعلام توحي بالحزن ، كل شيىء حزين ،الشوارع الجميلة السلسة عوقتها المتاريس المصطنعة الوحشية،واثار سير العجلات الثقيلة والمدرعات التي تزور المحلة زيارات ثقيلة غير مرحب بها ،الناس في وجل ، نساء تطل بانصاف الوجوه من الابواب تحسبا لضيف ثقيل ،كل شيىء يوحي بقرب حصول عاصفة لئيمة ،.....


فجأة انبعثت اصوات من الشوارع خلف البيوت كانت الاصوات بعيدة بدات تقترب وتكون ،واضحة الناس ارتقت سطوح المنازل ،اشارات بين ابناء الحي ، ايادي تلوح ،شيىء غريب حصل ،الوجوه يعلوها حزن كبير ، همهمات غير معروفة ،كانت ام عبد الصاحب واقفة،تتامل وجوه الصغار ،وتتفقد ابناء المحلة ،ملامحها ترسم صورة حنان الام للجميع ،وعيونها تغرق في حيرة وتامل ،في هذه الاثناء انكشفت الضوضاء والزعيق عن رتل بملابس سواداء مغطى الوجوه جميع الرتل يتابط اسلحة ،يتقدم الرتل طفل بعمر الورد ،يصرخ يكاد الاول في الرتل ان يلمسه وهو يسعى ان يمسك به الا ان الطفل يحاول التخلض فيزاور ذات اليمين وذات الشمال ، عثر بالحاجز المصطع فسقط على الارض وتكوم عليه افراد الرتل ذوي الوجوه المحجوبة بغطاء اسود الا فتحات العيون ، كأن الطفل على موعد مع ام عبد الصاحب امراة في عقدها الرابع او اكثر ممتلئة الجسم فارهة الطول ، قوية الشخصية ذات صوت رخيم مؤثر ،كانت موضع قبول من قبل الجميع في المآتم والافراح، ولم يك غريبا عليها ان تدخل المضيف ويقدم لها فنجان القهوة على غير العادة للنساء ، ام عبد الصاحب تخلت عن عباءتها ،التي لم تعتد التخلي عنها يوما ، واندفعت صوب الطفل وكانها تعرف كل القصة ، بل هي ام تنقض على ابنها لتخلصه من افواه الوحوش التي المت به ، موقف يثير الاعجاب ويستدر الدموع ، ابنها عبد الصاحب او صاحب كما يحلو لنا ان نسميه ،دخل سجون الاحتلال واخلي سبيلة بعد ان قضى فترة من الالم والتعذيب تحت سياط الجلادين ،ام عبد الصاحب رغم منطقها الرائع الا انها اذا ارادت ان تقرا بصوت مرتفع فانها تتلعثم ، لانها نسيت بعض الحروف التي تعلمتها في مدارس محو الامية قبل الاحتلال ،وهي لم تتوانى عن الاعلان عن موقفها حيال الغيمة السوداء التي حاولت حجب الشمس عن العراق .دون ان تخشى لومة لائم،من يتامل صورتها في ذلك الموقف البهي الشجاع يرى فيها خولة بنت الازور ،وشجاعتها، والزرقاء وحكمتها وصبر الخنساء في زمننا هذا .


ام عبد الصاحب احالت جسها كله الى درع يحمي الطفل الذي بات صراخة يلامس شغاف قلبها وابت ان تسلمه الى الايادي الارهابية الباغية ، ولوكلفها ليس لسع السياط لجلدها وانما روحها لانها شعرت به عبد الصاحب تكنفه ، الدماء تسيل من ظهرها والبغاة يحاولون سحب الطفل من تحتها لكن هيهات!!! فجسم ام عبد الصاحب الذي تدرع بالغيرة والحمية بات عصيا على ارادتهم ، وتناخت نساء الحي لانقاذ ام عبد الصاحب والفريسة التي طاردها الوحوش ، احس الرتل ان الامور بدات تتطور ، صرخ احدهم اتركوهم ؟؟؟!!!


انسحب الرتل الارهابي بعد ان انتصرت ام عبد الصاحب وانتصرن نساء الحي ، زغردت ام عبد الصاحب ، زغردن نساء الحي ، تجمع الاطفال يقبلون صاحبهم الذي انقذته ام عبدد الصاحب من افواة الغول .
بعد ساعات انتشر الخبر والكل يتحدث عن ام عبد الصاحب البطلة ،كأحد العمالقة في هذا الزمن الردىء

 

 





الاربعاء ٢٨ شعبــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / تمــوز / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب بشار الشويلاتي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة