شبكة ذي قار
عـاجـل










حاولت جهدي أن أتابع التفصيلات التي أحاطت بالعملية الأنتخابية لأختيار رئيس جديد للولايات المتحدة الأميركية التي جرت مؤخر عبرمتابعة حركة التغطيات الأخبارية لعدد من الفضائيات العربية والأجنبية التى يعنيها أمر هذه الأنتخابات وجندت لهذه المهمة جيشا من المراسلين والمعلقين والمحلليين المتخصصين والمصورين عربا وغيرهم من الأجانب .

 

وأتاحت لي هذه المتابعة التي أستغرقت ساعات طوال فرصة الأطلاع عن كثب على الكثير من الحقائق المتصلة بها من باب معرفة المزيد مما يطبخه أعداؤنا لنا كعراقيين وعرب قبلنا أم رفضنا , أو بالدقة رفضه حكامنا بداية ليقبلوه في النتيجة كما كان يجرى دائما متوخين الأحاطة بأكثر من شاهد أنتخابي يتمثل في :

 

الأول :-الأحاطة ببرنامج المرشحين الديمقراطي باراك أوباما للفوز بفترة رئاسية ثانية والجمهوري ميت رومني في محاولته الثانية للأسترخاء على كرسي التنافس ليحظى بفرصة الحصول على موافقة ما يسمونه بحزب البيض الجمهوري ولكنه خسر فرصة خوض التنافس مع أوباما الأسود عام 2008 لأن ربعه الجمهوريين أختاروا غيره لخوض معركة التنافس الأولى وفشلوا لأن الرأي العام الأميركي وخصوصا الفئة الأجتماعية المتوسطة والعمال والشباب والنساء كانوا ساخطين على سياسات بوش الجمهوري العدوانية التي أمتدت لفترتية منناليتين بين عام 2000 وعام2008 ولم يجن الأميركيون منها سوى الموت والأختنقات الأقتصادية والأجتماعية وارتفاع نسب البطالة وتردي الرعاية الصحية والأجتماعية التي داهمتهم بسبب شنه الحرب العدوانية على العراق وشعبه وتصعيد الحرب العدوانية على أفغانستان وأن زجت فيها قوات مثلت عددا من الدول الأوربية تقودها واشنطن تحت راية الأمم المتحدة تمويها !!

 

الثاني:- المفارقات الى سادت العملية الأنتخابية , وما يهمنا الأشارة اليه , في المقدمة من ذلك هو أن التنافس بين المرشحين كان حادا جدا , وأزداد مساره حدة مع ظهور النتائج الأولية , فقد ظلت اعصاب المتنافسين مشدودة وخصوصا رومني ومن كان مؤيدا له لأن التقارب في نتائج فرز الأصوات التي حصل عليها المرشحان ظل سائدا طوال ساعات فرز الأصوات الذي بدأ في وقت مبكر من مساء الثلاثاء السادس من تشرين الثاني الجاري وأستمر في التعادل حتى وقت مسائي متأخر وكانت لوحة النتائج تؤشر بداية ارتفاع رصيد ميت على باراك بأقترابه من الأمساك بحدود المائتي نقطة بحسب مؤشر المجمع الأنتخابي الي تعداه بعد فترة وجيزة ليحط عند النقاط الثلاث بعد المائتين في حين كان رصيد باراك أقل من ذلك بثلاث عشرة نقطة ثم عاد التعادل .

 

وهنا وفي وقت متأخر من تلك الليلة بحسب توقيت شرق الولايات المتحدة بدأ ميزان النقاط يتغير لصالح باراك بشكل سريع عنما بدأت الولايات التي تمتلك حصة أكبر من النقاط التي وصفتها وسائل الأعلام الأميركية بأنها لم تفصح مبكرا لمن ستعطي صوتها كما عبرت عن ذلك بقية الولايات التي كشفت عن ذلك وصار معروفا لمن ستصوت في وقت مبكر.

 

واستمر رصيد باراك في التقدم حتى بلغ 275 نقطة فأعلن عن فوز الديوقراطي الأسود باراك على الأبيض ميت الجمهوري , أي قبل أعلان النتائج النهائية لفرز الأصوات لأن اعتبار الفائز ب 270 نقطة من مجموع النقاط المحتسبة للولايات المتحدة المختلفة يحسب فائزا فيها وأ ن لم ينته الفرز بالكامل.

 

وعلى الرغم من ذلك أستمر رصيد باراك بالأرتفاع حتى وصل الى 303 نقطة في حين لم يزد رصيد ميت الا تلاث نقاط فقط على 203 فأصبح 206 نقطة !!

 

فأعتبر الفارق بين المتنافسين ليس أعتياديا بالنسبة لنتائج الأنتخابات الرئاسية منذ الثلاثينات من القرن الماضي ويعزى ذلك كما أكدت ذلك تعليقات المحليين السياسيين الذين تولوا متابعة ظهور نتائج فرز الأصوات أولا بأول في هذه الانتخابات المثيرة والأكثر حساسية ليس بين المرشحين ومؤيديهم حسب , بل بين التيارين الأميركيين اللذين يمسكان بمقود تحريك المنافسة الأنتخابية التي عدت معركة ساخنة بين مصالح يريد الحزبان الحمهوري الذي يبدو أن نجمه قد بدأ بالأفول بين أوساط مختلفة من الأميركيين بسبب سياسة بوش الصغير العدوانية المتسلطة على الدول والشعوب من دون أستثناء وبتفريط بالأصدقاء والحلفاء الذين تورطوا بدعم واشنطن حتى بمواقفها العدوانية فخسروا أقتصاديا وفرطوا ببقايا بريق سمعة أدعت أوربا فيها أنها واحة للحرية والديمقراطية ولحقوق الأنسان في العالم ,وهذا ما أساء للولايات المتحدة وأسقط سمعتها الى الحضيض بين الشعوب والدول !!

 

وهو ما ما أدعى الديمقراطيون أنهم يسعون لتصحيحه عن طريق أستثمار تعاطف الأميركيين مع باراك لتركيزه على الشأن الأميركي الداخلي , وسنأتي على شرح تفاصيله لاحقا , وليس الحديث عن بصيص أمل في مواقف واشنطن لأعادة النظر في سياساتها المعادية لحريات الشعوب وتطلعاتها لبناء أوطانها بعيدا عن التسلط الأجنبي وطغيان العدوانية والحروب التي تعتمدها لتمرير هيمنتها المطلقة على خيرات الشعوب والأنفراد بتسخيرها لخدمة مصالح أغنيائها ليزدادوا غنى ورفاهية , ولتبقى الشعوب محاصرة بالموت والجوع والفساد والقهر المنظم الذي مارسته قوات الأحتلال مباشرة أوعن طريق حكام قتلة فاسدين مفرطين بوحدة العراق شعبا وأرضا نصبتهم الأدارة الأميركية على العراق عندما أستبدلت أحتلالها البلاد بالقوات العسكرية مباشرة الى الأحتلال المدجج بالأجهزة الأمنية الخاصة والدبلوماسية المغلفة بالجهد المخابراتي الأميركي , وأدعت أنه أسترجاع للسيادة العراقية وان شعب العراق عاد حرا في تقريرالمصير تحت ثقل أتفاق أمني وصف بالستراتيجي يستبدل الأحتلال بآخر العن منه !!!

 

أي أستبدال أحتلال العراق بنتشارالقوات العسكرية المباشر بأحتلال من قبل جيش أمني يقوده دبلوماسيو (السي آي أي) المخابرات المركزية الأميركية بعد سحب القوات الغازية هربا من موت يطارد عناصرها على يد المقاومة الوطنية العراقية بجميع فصائلها التي وضعت الأميركيين أمام أحد خيارين (حلوه ) يتحقق في (مره) فليس هناك لدى الأدارة الأميركية أي أدارة ديمقراطية كانت , أم جمهورية الا أن تضطر على أختيار طريق تهريب قواتها من العراق بهدف حمايتها من صعق صار يصليهم بنيران الحق العراقي المقاوم .

 

فأختار باراك أوباما تجرع مرارة تهريب جيشه على الرغم من أنه ظل يطنب الحديث عن جيشه كونه اكبر جيوش العالم عددا وتدريبا وعدة وانه الجيش الذي لا يهزم , متناسيا ان تهريب الجيش الأميركي قد تم أمام مقاومتنا التي هي أقل عددا واقل في العدة المتطورة من جيش العدو , ولكن مقاتليها أكثر بأسا وأقوى أندفاعا وتصميما على مقارعة قوات الغزو والحاق أقسى الضربات في صفوف جيش الأدارة الأميركية الذي صمم لخدمة مصالح أغنياء الولايات المتحدة وأدامة سطو شركاتها الأحتكارية وخصوصا النفطبة على ثروات الشعوب وتسخيرها لخدمة هدف رفاه الطغم الحاكمة التي تتناوب على رسم سياسات البيت الأبيض العدوانية الطاغية كظل قاتم السواد على شعوب ودول العالم أجمع .

 

الثالث:- النتائج والرؤية المتوقعة لما بعدها ؟؟!

يخطئ من يظن او يتصور أن ثوابت السياسة الأميركية الستراتيجية يمكن تتغير تأثرا بمجيئ هذا الرئيس الديمقراطي وذهاب ذاك الجمهوري الجديد في التعامل مع قضايا الشعوب والدول في أن تكون حرة الأرادة مستقلة في أتخاذ قراراتها بمعزل عما تريده مؤسسة الحكم في الولايات المتحدة القائم على سلوك يانكي أهوج يرى العالم بمنظارالتابع الذي لا يجيزلأحد بما فيهم الحليف أ ن يتقدم عليه في أي شيء , بل يظل قابعا بكل ما أمتلكه من أقتدار أقتصادي وصناعي أو من غنى ثروات زراعية أو تقدم علمي تقني متقدم تحت مظلة خيمة أميركية تسلبه حقه في التعمل مع القضايا الانسانية برؤية مستقلة ,لأن نظامه مقيد بأتفاقات قديمة أو محدثة من قبل حكام محاطين بقيود لا يمكنهم الفكاك منها والا فرطوا بمستقبلهم أمام سطوة الأميركيين على العالم بقوة السلاح أو بالقهر الأقتصادي أو بفعل مخابراتي منظم ومنتشر في العالم , وبدأ يتصاعد بعد تدخل واشنطن في الحرب العالمية الثانية في وقت متأخر وكان بأمكانها ان تبكر في ذلك , ولكنها فضلت أن تتخذ موقف المتفرج على أصدقائها الأوربيين وهم في الأغلبية نازحين منها, بعد أن تكون حرب هتلر قد أنهكتهم تماما وعرضت شعوبهم الى الهلاك وبلدانهم الى الدمار ليستسلموا لها كمن يتعلق بقشة تنقذهم من غرق محقق .

 

وقد اتاح لها ذلك , فرصة فرض شروط عليهم , أسس لمشروع أيزنهاور لمساعدة أوربا في أعادة بناء دولها في حين أستل منهم قرارهم الوطني في التعامل مع دول العالم على وفق المصالح المشتركة , وليس على وفق قياسات المصالح الاميركية !!

 

وعلى وفقه ولدت الهيمنة الأميركية على القرار الأوربي مدعومة بأنتشار الأساطيل الأميركية في جميع القارات , وعلى وفقها ألغيت الأرادة الدولية الحرة وصارت الأرادة الأميركية ومصالحها الخاصة هي المتسيدة عالميا بعد أن قبلت الدول الأوربية وخصوصا الكبرى بريطانيا وفرنسا والمانيا أن ترهن قراراتها في التعامل مع دول العالم برضا واشنطن عنها وتتقبل وصاياها التي تحدد أدوارها في الشأن الدولي .

 

والأمثلة التأريخيةعلى ذلك كثيرة وقد تصاعد دورها مع الوقت حتى صارت تنحت أدوار الدول الأوربية نحتا , كما هو الحال بالنسبة لبريطانيا متمثلة برؤساء وزرائها في جميع فترات توليهم الحكم وان بزت من سميت بالسيدة الحديدية تاشترالأخرين بتقديم الخدمات للبيت الأبيض وكان الأسوأ بينهم توني بلير الذي أستخدمه البيت الأبيض في زمن بوش الصعير كأجير جند لخدمة العدوانية الأميركية على العراق بزج قوات بريطانبة لتنفيذ الصفحة الأولى لغزو أميركا للعراق وأستمر في هذا الدور حتى أنتهاء فترة حكمه في بريطانيا ليعين بترشيح من بوش أ جيرا في الأمم المتحدة لأدارة ملف يستكمل التآمر الأميركي على القضية الفلسطينية يتوليه رئاسة اللجنة الدولية لتسوية القضية الفلسطينية على أساس عادل , وظل يترأس الأجتماعات ويلفح الرواتب والمخصصات السخية المترتبة له نتيجة تنقلاته بين العواصم الأوربية ومقرالأمم المتحدة وأقامته في فنادقها باهضة التكاليف وخلال سنوات طويلة لم نسمع منه مايشير الى أنه حقق نتيجة تذكر عما كلف به من واجب فهذا لم يكن يتوقع منه لسبب بسيط لانه عين لهذه المهمة أعترافا بالأخدمات التي قدمها ليوش وهو يعرف جيد موقف أميركا من حقوق الشعب الفلسطيني وكما يعرف دور بريطانيا التأريخي المنحاز للصهاينة فهي التي منحتهم وعدا بأنشاء وطن بسمة دينية على أرض عربية فلسطينية وهكذا فعل بلفور وزير خارجية يريطانيا عام 1917فوهب اليهود في أوربا وغيرها من بلدان العالم أرضا لم يكن يمتلكها !!!

 

ولم تخرج المانيا ولا فرنسا المتميزتان بخصوصيتهما القومية من الأمتثال لما تريده منهما واشنطن من توافق مع سلوكها العدواني ضد أي دولة تتمسك بقرارها الخاص وسيادتها الوطنية , كما حدث مع العراق وما تلى تدميره من أستباحة لعدد من الأقطار العربية التي شهدت حراكا وطنيا منتفضا يستهدف تغيير الحكام العرب الذين ربطوا مصيرهم بعجلة الظلم الأستعماري الذي تقوده واشنطن .

 

وهي أستباحة غلفت بشعار الربيع العربي الساعي الى الألتفاف على الأنتفاضات العربية المتصاعدة ضد أنظمة غاصة بوعي منها حتى الأذنيين في الدنس الأمبريالي الأميركي متورطة بالعمالة للأجنبي وكان الهدف من هذه الأستباحة أيضا بقاء الحال على ما هو عليه ولكن بتغيير الوجوه , كما رسم ربيع بايدن _ هيلاري المعادي أساسا للعرب وخصوصا لقضيتهم المركزية فلسطين.

 

وهنا يطرح السؤال الآتي , في ضوء البرنامج الذي طرحه باراك أوباما هل يستشف من ذلك أن هناك نية لأعادة النظر في توجهات الأدارة الأميركية الجديدة , أم أنها ستصر على العمل لتنفيذ المخطط الذي بدأته قبل أربعة أعوام في التعامل مع الشأن العراقي والعربي ؟؟

 

مثل هذا ورد في ذهني وأنا أتابع المناظرات التي تمت بين باراك ومنافسه ميت وكذلك متابعتي لسير عملية الأقتراع وردود أفعال المحللين على نتائجها وهي تعلن تباعا ومباشرة عبر مواقع فرز الأصوات وكذلك عبر ما عبر عنه المرشج الفائز والمرشح الخاسر فيها في كلمتيهما بعد أعلان نتائجها بفوز باراك لتتكون لدي فكرة واضحة عما يرجح أن يفعله أوباما في فترة حكمه الثانية ّ ويمكن أن تلخص بالتركيز على الشأن الداخلي للولايات المتحدة الأميركية دون أن يطرأ أي تغيير على مواقفه المتصلة بسياسته الخارجية التي يؤكد عليها برنامجه الأنتخابي الذي دافع عنه بأصرار وهو يواجه نقدا قاسيا ومتكررا من منافسه ميت وصل درجة أتهامه بالأهمال والتقصير في أعطاء الأهتمام المناسب بالسياسة الخارجية الأميركية محملا أياه مسؤولية عدم توفير الحماية اللازمة للقنصلية الأميركية في بنغازي مما أدى الى اكتساحها من قبل الغاضبين من أبناء الشعب الليبي وبالتالي تدميرها وقتل خمسة من المسؤولين فيها في مقدمتهم السفير الأميركي .

 

ويلاحظ أن برنامجه اعطى أولوبة اولى لمعالجة الأختناقات التي لحقت بالشأن الداخلي الأميركي نتيجة العدوان التدميري الذي شنه بوش الصغير مما أنعكس سلبا على الوضع الأقتصادي الأميركي وتوجب أستمرار التوجه لمعالجتها وأيجاد الحلول اللازمة لها خلال الفترة الثانية لتوليه الحكم حيث لم بتمكن انجاز هذه المهمة الصعبة خلال فترة الحكم الأولى وتتضمن أصلاح ما تسببب به بوش من خراب أقتصادي وأجتماعي في حياة الأميريكيين بسبب الكلفة الماليةالباهضة التي تحملتها الولايت المتحدة نتيجة غزوه العدواني للعراق عدا خسائره البشرية وبالأسلحة التي دمرت على يد المقاومة الوطنية العراقية وهي كالتالي :-

 

أولا - الأصلاح المالي ومعالجة المديونية التي لحقت بالميزانية الأتحادية نتيجة لحماقات بوش خلال فترتي وجوده على رأس الدارة الأميركية الممتدة بين العام2000 والعام2008 التي شهدت فيها الولايات المتحدة ركودا أقتصاديا أثر بشكل كبير على ماعرف به أقتصادها من فاعلية ونمو دائميين مما دفع اوباما للاعلان عبر أول خطاب مباشر يوجهه للأميركيين أمام حشد من مؤيديه تجمعوا في موقعه الأنتخابي الرئيس للأحتفال بفوزه بعد اعلان نتيجة فرز الأصوات

 

حيث أكد بأنه تلقى تهنئة من ميت رومني منافسه الجمهوري وأتفق معه على لقاء قريب لمناقشة موضوع التعاون المشترك بين الحزبين لأيجاد ( وصفة ) وصفها المتابعون للشأن الأقتصادي الأميركي ( بحلول وسط ) بين ما يراه الديمقراطيون وبين ما يتمسك به الجمهمريون من حلول لمعالجة اليتعقد ويهدد بأنهيار كبير يكسر غطرستهم لعلهم يعودون الى رشدهم ويعون بسرعة بأن العدوان على الشعوب وترويعها لن يجعل دولتهم الأغنى والأقوى في العالم !ّ!

 

بل ان ما تعاني منه دولتهم الآن هو نتيجة طبيعية للأزمات السياسية والأقتصادية والأخلاقية التي اخذت تطاردها من الداخل وليس من خارجها وان الحل لاستعادة عافية أقتصادها لا تأتي عن طريق الأمساك بالسلوك المعوج في التعامل مع الشعوب بل بالتوقف عن التدخل في الشأن الداخلي للدول المستجيبة لتطلعات شعوبها لبناء حياتها بحرية وبعيدا عن النفوذ الأجنبي الذي عانت منه طويلا ..

 

فلا بتنصيب الحكام الفاسدين على الشعوب, ولا بتلاعبهم بمصائرها يمكن كسب ودها وقد اثبتت الحقائق التأريخية لها وللعالم أجمع وقبلها لأجهزتها المخابراتية أيضا بأنها كانت الخاسرة في أي عدوان شنته على الشعوب . ويكفي أن نذكرها بصور هزيمتها المزرية , وهي تلملم على عجل عناصرها من (سايغون) هربا من أنتفاضة الشعب الفيتنامي التي طاردت فلولها المنهارة أمام زحف شعب فيتنام لتحرير أرضه وتوحيدها .

 

فهي لم ولن تحصد سوى لعنة تلك الشعوب المبتلية بعدوانية أميركية وقحة بأدعائها ان عدواناتها تستهدف تحرير الشعوب وهي تستمرأ المضي في هذا الطريق الشيطاني الذي يجسد اللؤم الصهيوني المتأصل في جذر الطغمة الحاكمة في الولايات المتحدة وخصوصا في زمن ولاية ترومان في الأربعينات الذي كان أول المعترفين بدولة الكيان الصهيوني على وفق قرار أممي روج له المندوبان الأميركي والبريطاني في الأمم المتحدة والضغوطات الممارسة من قبلهما على ممثلي الدول الأعضاء فيها .

 

ومن بعد ذلك ولد تقليد رئاسى أميركي يلتزم بترديده كل مرشح للرئاسة في مستهل حملته الأنتخابية ,كانه رديف للقسم القانوني الذي يردده وهو يتقلد مسؤولية الرئاسة الأميركية , لا بل يسبق ذلك بأعلان الولاء لتل ابيب وهو يقول بأن أمن الولايات المتحدة الأميركية من أمن (أسرائيل) وهي سمة الدخول للمنافسة الأنتخابية تليها دفوعات اللوبي اليهودي المالية الداعمة لحملات المرشحين الأنتخابية وهذا ما حرص وتسابق على ترديده مبكرا باراك وكذلك ميت .

 

وثمة تحديات ليست سهلة تواجه الرئيس المجددة ولايته يجب أن يعالجه ليمكنه من توفير شروط تمريرأهداف خطته الأنتخابية التي يفترض ان يلتزم بتحقيقها أوباما , وتتمثل الخطوة الأولى منها بنجاح التعاون بين الحزبين المتنافسين وفي مقدمتها تفادي منحدرا ماليا صار يتهدد واشنطن كما حذر من وقوعه خبراء أقتصاديون عالمون بأشتداد الأزمة الأقتصادية في البلاد وهم يؤكدون أن الرئيس أوباما يحتاج للعمل مع الجمهوريين الذين يمتلكون أغلبية مريحة في مجلس النواب لمنع حدوث هذا ,,المنحدر المالي,, الذي يلوح في الأفق ويتطلب زيادة الضرائب على قطاعات غنية في المجتمع وبخفض الأنفاق الحكومي .

 

وحذر خبراء أقتصاديون أخرون من أن فشل مفاوضات الحزبين في أيجاد حل للأزمة الأقتصادية الراهنة سيضعف أمكانية احتواء تأثيرات حدوث هذا المنحنى في الموعد المتوافق مع تأريخ انتهاء سريان قانون خفض الضرائب الذي سن في عهد بوش في كانون ثاني المقبل .

 

ومما سيعرض حكومة أوباما الى مواجهة أجراءات خفض تلقائية وألزامية واسعة في ميزانية الجيش والأنفاق الداخلي المتصل بقضايا ملحة ينتظرها المواطنون من ذوي الدخول المحدودة والعاطلون عن العمل وغيرهم الذين لا يتمتعون بالرعاية الصحية وقد وعدهم باراك بأيجاد السبل الكفيلة بزيادة الأيرادات الحكومية لمعالجة العجز الحالي في الميزانية الأتحادية وتوفير الأموال اللازمة للنهوض بمسؤولية معالجة الأزمات التي أثقلت كاهل المواطنيين الأميركيين .

 

ويبدو أن هناك أستجابة من جانب الجمهوريين لدعوة أوباما بأن يتعاون الجانبان لوقف التداعي الأقتصادي الأميركى بأحتواء وقوع المنحدر المالي الجديد قبل وقوعه فقد ورد على لسان المرشح الخاسر ميت دعوته المسؤولين في الحزبين الى معالجة الموقف بروح المواطنة بعيدا عن التحزب .

 

كما ألمح الجمهوري جون بوينر رئيس مجلس النواب الأميركي الى أمكانية موافقة حزبه على زيادة أيرادات الحكومة الأتحادية مقابل موافقة أوباما على ادخال أصلاحات على قانون الضرائب , وبهذه الأستجابة يمهد لبدء المفاوضات بين الديمقراطيين والجمهوريين الذي أقترحها أوباما التي ستبدا هذا الأسبوع بتوافق مع بدء اجتماعات لمجلس الشيوخ هذا الأسبوع أيضا مكرسة للبحث عن سبل تفضي الى أحتواء وقوع المنحدر المالي الجديد الذي يهدد الأميركيين بأنكماش أقتصادي آخر.

 

ثانيا –التحديات التي تواجه أوباما نتيجة لما ورثه من أختناقات أقتصادية من أدارة بوش .

 

1- الدين العام الذي بلغ في نوفمبر تشرين ثاني الجاري نسبة107 % من أجمالي الناتج الداخلي للبلاد , ومع زيادة الديون من المتوقع أن يسفر تصويت الحزبين اللذين يمثلان مصالح فئوية وطبقية لا تتقاطع في خدمة مصالح المؤسسة الأميركية في فرض الهيمنة على العالم ولكنها تختلف في أساليب تنفيذ تلك السياسات بشرط أن لا تتقاطع هذه الأشاليب مع الأهداف الستراتيجية للبيت الأبيض , ولتحقيق هدف مهم يؤمن رفع سقف الدين الحالي بحسب ما وعد به الرئيس المنتخب ,فمطلوب منه العمل المشترك مع الجمهوريين على تخفيضه لذلك يتركز جهد أدارة باراك أستهلالا على العمل لحسم الخلاف معهم بهذا الشأن .

 

2- تعتبر البطالة التي بلغت نسبتها 7,9 % في أكتوبر- تشرين أول الماضي ثاني أكبر تحد يواجه الرئيس الذي أعيد أنتخابه وتأتي أهمية مواجهتها من كونها تمثل المطلب الشعبي الرئيس للمواطنين الأميركيين الذين يتطلعون لتنفيذ خطة توفر لهم الحماية الأقتصادية من خلال توفير فرص عمل للعطلين منهم أضافة الى تأمين الرعاية الصحية التي يفتقدون لها والأنفاق على البنية التحتية والخدمات العامة التي تحتاج لها مناطقهم السكنية وهم من منخفضي ومتوسطي الدخل ومن المعاقين الذين جاءت أعاقاتهم بسبب زجهم في حرب الرديء بوش على العراق وهم ليسوا قلة كما تدعي واشنطن.

 

3- أما ثالث التحديات وأصعبها فتكمن في طبيعة برنامج أوباما الذي يتقاطع مع مصالح القلة الأغنى والموسرة أكثر في أميركا والشركات الكبرى وفي مقدمتها الشركات النفطية , فقد تضمن برنامجه مشاريع قوانين تركز على :-

 

أ- خفض الضرائب عن الطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل بهدف توفير الحماية الأقتصادية لهم .

ب- فرض الضرائب على الطبقات الأكثر ثراء والصناعات الأكثر ربحا , مثل البنوك وشركات النفط والتأمين .

ج- تأمين أستحقاقات معالجة أسياب البطالة , بتوفير فرص عمل للعاطلين .

د- الأتجاه نحو الأنفاق المباشر للبنية التحتية والتعليم والصحة والطاقة .

هـ- توسيع نطاق الرعاية الأجتماعية لتشمل قطاعات شعبية كانت محرومة منها بسبب الظروف الأقتصادية التي أحاطت بالولايات المتحدة في ظل أدارة جورج بوش الصغير .

 

وهي مهمات ليست سهلة كما يلاحظ الخبراء المتابعون للشأن الأميركي , بل يجدون الطريق الى حلها شائك , تتداخل فيه نوايا المؤسسة الراسمة للأهداف الستراتيجية العليا للولايات المتحدة والأدارات الأميركية التي تنتخب كل أربع سنوات لأدارة مهمة تنفيذية محددة لا يجوز ان تتقاطع مع ما هو ستراتيجي كما واجه فترة رئاسة اوباما الأولى عندما تولى مهمة أحتواء الأنكماش الأقتصادي الصارخ الذي ورثه من بوش الموغل في العدوانية على العراق وتجاوزت تكاليفها بحسب تقديرات هؤلاء الخبراء الثلاثة بليون دولار .

 

ويقدر خبراء أخرون أن كلفة العدوان على العراق وأفغانستان بلغت ثمانية بليون دولار تحمات الدول الأوربية المشاركة ضمن القوات الدولية جزءا منها لذلك أخفق أوباما في أعادة العافية للأقتصاد الأميركي المغرق بالديون والأنكماش وأدارة معارك خارجية تحت غطاء دعم ما اسموه بالربيع العربي وما هو بالربيع ولايمت للعرب بصلة سوى أن تلك العدوانية الموكلة مهمة تنفيذها لدول أوربية شملت عددا من الأقطار العربية ولكن بأشراف أميركي مباشر تولت مهمته السيدة كلنتون .

 

فأختلط الأمرعلى أدارة أوباما ,هل يركز على أصلاح الداخل الذي يستقطب أهتمام غالبية الأميركيين , أم ينحاز للربيع المصنع أميركيا أرضاء لأربعة بالمائة من أهتمامات الشعب الأميركي بحسب أستطلاعات الرأي التي صاحبت الأنتخابات الرئاسية الأخيرة

 

ويبدو ان اوباما لم يوفق في تحقيق نسب نجاح نوعية في معالجة الشؤون الأقتصادي كما قشل مساعدوه في أقناع العرب بأن تدخلهم في الشأن العربي لن يولد ربيعا حقيقيا مستجيبا لأرادة الأمة العربية الحرة في تحقيق السيادة والتوحد والعيش الرغيد .

 

فلا غرابة أن اعادة الكره لأستكمال مشوار الأصلاح الداخلي لفترة رئاسية ثانية وحبذا لو أستطاع أن يكف يد واشنطن عن التدخل في شؤون الغير فيريح الأميركيين ويريح الشعوب من غث خططهم الستراتيجية , ولكنني لا أظنه سيفعل ذلك لأنه سيصطدم يالسقف المححد له من قبل المؤسسة الأميركية التي تضع السياسات الستراتيجبة للولايات المتحدة الأميركية ليتحرك ضمنها ولا يجوز له التحرك خارجها !! , وهذا ما سنتناول في الحلقة الثانية انشاء الله .

 

يتبع في الحلقة الثانية _ هل يوحي تصريح بايدن الجديد بوجود مستجد في موقف الأدارة الأميركية

الجديدة – القديمة أزاء العراق وهل تكف واشنطن عن التدخل في الشأن العربي ؟؟

 

 





الخميس ١ محرم ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / تشرين الثاني / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ضياء حسن نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة