شبكة ذي قار
عـاجـل










كذلك من المفاهيم التي تغيرت مفهوم النظام ، والنظام في الفلسفة التقليدية يعني الهدوء والسكون والتقيد بالضوابط ألعامه للقانون والأعراف الايجابية ، وأن تكون حركات وأقوال أعضاء المنظمة بأذن الإدارة أو بطلب منها ، أما الأسلوب الديمقراطي يرفض هذا النظام الشكلي ويرى فيه تجميدا لحـركة الأفراد وقيدا على حريتهم ، ويرى أن للفرد كعضو اجتماعي يشكل القيمة العليا الحرية في التعبير عن نفسه بتلقائية بالفعل أو الحركة مادام ملتزم بالقواعد والأصول التي اتفق عليها أعضاء الجماعة أثناء العمل والمناقشة بجانب احترام القواعد العامة في العلاقات الإنسانية التي تربط بين أفراد جماعة ديمقراطية ، وفي هذا الأسلوب لا يجد الفرد غضاضة في التعبير عن استيائه أو غضبه أو تذمره أو عدم ارتياحه ورضاه لأي موضوع سواء كان شخصيا أو تصرفا ويجب أن تنظر الهيئة ألعامه ( المجتمع ) إلى هذه الظاهرة على أنها ظاهرة صحية وليست دليلا على الفوضى وعدم الالتزام ، فالفرد في حاجة إلى أن يعبر عن نفسه بحرية ،

 

وتعبر حرية التعبير هذه ضمان لحسن سلوكه وانضباطه في ظل القواعد التي وضعتها الجماعة لنفسها ، وقد ثبت في إحدى التجارب الشهيرة في علم النفس الاجتماعي أن سلوك الأفراد الذي يدل على التزمت كان أقل في ظل القيادة الديمقراطية منها فيظل القيادة الديكتاتورية أو القيادة الفوضوية ، كذلك كان السلوك الذي يدل على الود بين أعضاء الجماعة أكثر في ظل القيادة الديمقراطية منه في ظل القيادتين الأخر تين ، كذلك كان التجاذب ين الأفراد والعمل من أجل هدف مشترك والإحساس بالجمــاعة كل ذلك كان أظهر في الجماعة التي تتبنى الأسلوب الديمقراطي في الإدارة منه في الجماعات الأخرى ، ومن الملاحظات أن بعض الأفراد الذين نشئوا في ظل تربية تعتمد على الطاعة العمياء للكبار لا يشعرون بأي مشكلة في العمل مع معلم في المدرسة أو الإدارة في الوظيفة غير ديمقراطي يفرض عليهم أساليب العمل بل وقد يقاومون زملائهم الذين يحاولون التطلع إلى المشاركة فيرسم الخطط لأن لديهم مفهوم مسبق عن دور كل من المعلم والتلميذ والموظف والإدارة يتفق وأسلوب تربيتهم أو النشأة الأولى ضمن الأسرة والمجتمع إن كان ريفيا" أو حضريا" ، ولذا يجب ألا ينخدع بمظاهر الهدوء والسكينة والانصياع لأن هذا السلوك لا يعني دائما الرضا عن الجماعة وعن أسلوب عملها أو أنه تعبير عن التكيف الانفعالي والاجتماعي ، بل العكس فهو ليس مؤشرا على الصحة النفسية للأفراد بمختلف مواقعهم ، ولذا نجد عند هؤلاء الأفراد الهادئين استعدادات لتفجيرات انفعالية في بعض المواقف ، علاوة على مظاهر التكيف الأخرى ، ويرى علماء الاجتماع والنفس أن تتاح للإفراد فرصة التعبير عن انفعالاتهم ومشــــاعرهم وأفكارهم بحرية وتشجيعهم على هذا التعبير من خلال جملة الممارسات التربوية ، على أن يهتم بإنتاج الأفراد الفني واللغوي ، من خلال سلوكهم الثقافي ، السياسي ، الرياضي ، والاجتماعي ، والنفسي ويعمل على تحليله ليفهم مشاعر كل واحد منهم وما يجول في نفوسهم وأن يكون في كل ذلك قريبا إلى للأفراد حتى يشعروا أن المعلم ليس سلطة مسلطة على التلميذ فقط ، وإنما هو عون لكل منهم يستطيع أن يلجأ إليه متى أراد ، وهكذا الحال لأعضاء المنظمات الأخرى وبذلك يستطيع المعلم والأستاذ والاداره أن يحفظ جو العلاقات بين أعضاء جماعة الفصل ، على أن يكون هذا الجو سليما ،وهو شرط ضروري يكون واضح ومهم بين أعضاء هذه المجموعة أن مدير الدائرة والمعلم هو عون لهم ، وذلك يكون بهدف تحقيق هذه الأهداف التي يرجون ، إن العسل النقي في الديمقراطية كما يقال من حيث تذوق حلاوة الحرية والقبول من الأخر للرأي هو وهم محض لان القائمين على السلوك الديمقراطي ليس بديمقراطيين حقيقيين بل استخدموها وسيله من وسائل القفز والاحتواء ، فالديمقراطية طريق شائك ، تسلكه الشعوب لايجابيته بين حلول كثيرة ، جربتها العمليات السياسية في هذا البلد أو غيره ، فالديمقراطية افتراض أفضل نحو استقرار إستراتيجي وطمأنة إنسانيه .

 

ولا ريب إن التوجه إلى عالمها يبدأ بمرحلة التحول نحوها ، أي إن مرحلة الانتقال الديمقراطي هي لازمة ، وقد نكون أشـــــــــــبه ماد خلنا تفاصيلها . إلا إن الاشتراطات اللازمة للدخول من هذه المرحلة نراها صعبة تفرض فينا اهتزازات يقينية ، فالناظر إلى تجربة السنوات التي أعقبت الغزو والاحتلال عام 2003 يجد مماحكة حادة مع نقائض الفروض الأساسية للتحولات الديمقراطية ، فهل الفعل حقا" تغير نابع من اراد الشعب العراقي ، أم عملية انقضاض من قبل قوى خارجية تناصب الدين الإسلامي الحنيف والأمة العربية العداء على نظام وطني يؤمن بالاستقلال السياسي والاقتصادي وامتلاك المبادرة من حيث الوصول إلى الأهداف الوطنية والقومية ، فالتجربة بحد ذاتها تبدو شكلية وسطحية وتثير امتعاض الجميع بإنتاجها ما يسمى بالعملية السياسية المتسمة بالمزيد من الانتهاكات وانعدام الخدمات في كافة مناحي الحياة والأعباء ألمعيشة للأغلبية وصحة ذلك واضحة في ( أزمات الوقود ، الكهرباء ، الخدمات ، الصحة ، التعليم والسكن ....ألخ ) وفي مستوى ألأكثر تعقيدا في الأمن والاستقلال السياسي لان العراق مازال تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، ومقيد بموجب اتفاقية الإذعان التي ابرمها ألهالكي والتبعية الاقتصادية والفساد الإداري والمالي ،

 

هذا والديمقراطية كما يدعون في العراق تقترب كثيرا من صورة المثال في المستوى النظري ولكن التطبيق ( اللاديمقراطية ) تأخذ بجمال الصورة إلى الدونية في أحايين كثيرة ، فالتطبيق يمنح الحكم النهائي على صدق التجربة والحقيقة التي يعيشها العراق هي الديمقراطية التوافقية التي تتنافى مع المصالح الجماهيرية التي تجد في الاستقلال وعدم التبعية ركنا مهما في جدوى التطبيق ، ومن الملاحظ في تجربتنا التجاوز على هذا الشــــرط بسبب الوجود الثقيل الباطني والمعلن للاحتلالين الأمريكي والإيراني وكثرة تداخلاته ونصائحه واســــتشاراته في كافة مســـــــتويات الشــــــــأن العراقي ( سياسيا ، اقتصاديا ، اجتماعيا ، ثقافيا.... الخ ) مع ضعف واضح في آليات الدفاع عن الاستقلال السياسي ومحاربة الوصفات الاقتصادية الجاهزة التي تكرس التبعية والتخلف بسبب هيكلية حكومة الاحتلال الخامسة والاجنده التي يرتكز عليها ألهالكي في تعامله مع الأحداث ومطالبات الشعب ، مما شجع القوى الإقليمية المجاورة لان تمارس تدخلاتها أيضا تاركة بصماتها في مختلف الشؤون الداخلية سيما وإنها قد ركزت وجودها ألمخابراتي في مكاتب مختلفة الواجهات ، (( مكاتب إعلام ووكالات أنباء ومكاتب إغاثة ومكاتب سفريات ومجتمع مدني وغيرها ...ألخ )) ، وقد ساهمت في دعم الفوضى والدمار ولعبت على أوتار الانقسام العرقي والطائفي وساندت هذه الجهة أو تلك في الاحتراب الداخلي ، وأمعنت جديا في نقل أزماتها الداخلية وتصديرها إلى العراق ، بحثا عن مخرجا للخلاص وإبعاد ميدان المواجهة وزمانها مع الأمريكان الذين خلخلوا موازين اللعبة بغزوهم واحتلالهم العراق فصار كل يدفع بعيدا إلى أن أصبح ميدان الصراع الدولي بعد أن فوض الأمريكان أنفسهم آليات الصراع إلى أرضه واعتبروه ساحة الحرب الأولى ضد الإرهاب ( حسب خطاب الرئيس الأمريكي المجرم بوش الابن في أكثر من مناسبة ) لذلك إن الكثير من الأزمات المحلية في الدول المجاورة عكست ظلالها على الواقع العراقي فالقضية الكردية في تركيا تمثل أزمة حضارة وديمقراطية بحتة وقد مرت تاريخيا بمستويات متعددة للصراع ، وقد جرى في غضونها اختبار عسير لمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان الأمريكية والأوربية والتركية ، إذ رسبت جميعا وبان معدنها الرديء .



يتبع في الحلقة الثالثة

 

 





الجمعة ٦ ربيع الاول ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / كانون الثاني / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامـــل عــبــــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة