شبكة ذي قار
عـاجـل










ما أحوجنا اليوم نحن العرب أكثر من أي وقت مضى أن نستحضر في كل يوم أهم الصفحات الناصعة في تاريخ الأمة العربية ونتذكر كل من ساهم في صنعه من كتاب وأدباء ومفكرين وعلماء وأبطال وقادة باعتبارهم رموز شاهدة على عظمة هذه الأمة لأن ما يحدث اليوم على الساحة القومية من أزمات أمنية وفكرية وثقافية تهدد كيان الأمة بالضياع والذوبان نتيجة ما يحاك ضدها من مشاريع تهديم للإنسان في الوطن العربي . فالأعداء وكل من سايرهم من عرب الجنسية يحاولون طمس كل معلم شامخ وكل مرجعية تعبر عن الهوية وبالتالي يحاولون سلخ شباب الأمة العربية عن ماضيهم وعن رموزهم ليصبحوا لقمة سهلة المضغ في افواه الوحوش التي تحاول ابتلاع الأمة وتغييبها لتبقى الأرض العربية ساحة للاقتتال وحقل للتجارب وتنفيذ كل ما انتجته مخابرهم .

 

اليوم لا أحد من ابناء الأمة العربية من المحيط الى الخليج في مأمن من مخاطر هذه المشاريع بكل طوائفهم وانتمائاتهم . واليوم نقف عند ذكرى استشهاد القائد صدام حسين باعتباره بطلا قوميا ليس لأنه رئيس جمهورية العراق فحسب بل لأنه مناضلا قوميا استشهد من أجل مواقفه الوطنية والقومية والدفاع عن القضية الفلسطينية والقضايا المصيرية للأمة ، وبالتالي فهو رمز من رموز الأمة العربية .فهو نتاج نضالات البعث الذي يحمل مشروعا حضاريا للعرب من خلال مبادئ الوحدة والحرية والاشتراكية فلا غرابة اذن أن يستهدف من قبل أمريكا والكيان الصهيوني ضمن مشروع اجتثات البعث . فصدام حسين كان يفكر ويعمل من أجل بناء تجربة رائدة في الوطن العربي وفعلا تجسد هذا على أرض العراق فتلاحم الشعب والقائد لتنفيذ مشاريع رائدة سواء في مجال الصناعة والزراعة والتعليم والصحة وتطوير القدرات العسكرية الى الوصول الى تكنولوجيا الفضاء والصواريخ .

 

فلا يمكن لأحد أن ينكر هذا إلا ناكر . فصدام حسين كان دائما يتكلم باسم الأمة العربية ففي احدى المؤتمرات تحت عنوان الحوار العربي الأوروبي قال صدام مخاطبا الغرب اذا أردتم أن نتعامل معكم ونفتح صفحة جديدة للتعاون خدمة لمصالح الشعبين العربي والأوروبي عليكم أن تعترفوا بأنكم تسببتم في تخلفا باعتباركم مستعمرين فلم تقدموا لشعوبنا أي شئ بل سرقتم ثرواتنا وجزأتمونا . أما نحن العرب المسلمون حملنا معنا أثناء الفتوحات الاسلامية العلم والثقافة الأخلاق والقيم الانسانية وأنشئنا العمران وشواهده في اسبانيا ومعالم كثيرة في أوروبا .

 

فاغتيال صدام حسين هو بداية اغتيال الأمة العربية وما لحق بها اليوم من تفتيت واقتتال في الكثير من الأقطار جاء مباشرة بعد احتلال العراق بالقوة وتصفية قادته . فنشر الفتنة بدأت على أرض الجزائر خلال العشرية السوداء في التسعينات من القرن الماضي فتم استهدافها وضرب استقرارها فزهقت أراح ودمرت مصانع ومنشآت وشردت عوائل وهجرت الكفاءات فلولا وحدة الجيش وتجنيد المواطنين من دفاع ذاتي وحرس بلدي ومجاهدي الثورة التحريرية لحلت الكارثة وتم بفضل الله اخماد نار الفتنة ( والفتنة أشد من القتل ) واليوم تنعم الجزائر بالاستقرار ولكن على الساسة من مراجعة الكثير من السياسات الخاطئة لكي لا نعطي فرص اخرى للأعداء للعودة من جديد لتنفيذ أخطر مما سبق .

 

فصدام حسين رمزا لوحدة العراق واستقرارها رغم ما أحيك لهذا القطر من مؤامرات فخاض حروب من أجل التصدي لها منذ العدوان الفارسي عام 1980 . وبعد رحيل صدام حسن هاهي العراق تعيش أسوأ مرحلة في تاريخها من اقتتال طائفي و فقر وتخلف وهجرة الأدمغة والكفاءات ودمر كل ما بناه العراق خلال حكم النظام الوطني بقيادة البعث . فلم تتوقف آلة التدمير عند حدود العراق بل انتقل الى سوريا واليمن وليبيا مصر وتم تقسيم السودان وتجزئة القضية الفلسطينية . اذن ما هو السر في وصول الأمة العربية الى هذا الواقع المرير مباشرة بعد احتلال العراق ؟ ببساطة أن الأعداء أدركوا جيدا أن بقاء مصالحهم وبقاء الكيان الصهيوني على أرض فلسطين وبقاء ثروة النفط في أيادي الشركات الاحتكارية العالمية هو ضرب مشروع الوحدة العربية الذي يناضل حزب البعث العربي الاشتراكي من أجل تحقيقه وبالتالي لابد من ضرب رمز الوحدة العربية هو الشهيد صدام حسين ومحاصرة كل صوت شريف غيور على وطنه في جميع الأقطار العربية .

 

اذا كان الغرب الاستعماري الصهيوني والنظام الفارسي في ايران و كل قوى الشر في الأمة ممن يرفعون شعار الدين لتنفيذ مشروع التفتيت وتجزئة المجزأ ونشر الطائفية والمذهبية وكذلك من يحملون شعار الحداثة من مروجي ثقافة التغريب الذين يعملون على ضرب هوية الأمة. فعلى الشعب العربي من المحيط الى الخليج أن يدرك أن التغيير الحقيقي الذي ينشدونه لا يتأتى إلا في ظل الخطاب الوحدوي ورصص الصفوف ونبذ الطائفية والعرقية والعنف والاعتماد على نفسه وقدراته الذاتية . فمشروع التفتيت لابد أن يقابله مشروع الوحدة فهو الضامن الوحيد لبقائنا كأمة قوية .






الاحد ٦ ربيع الاول ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / كانون الاول / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ع. سعدوني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة