شبكة ذي قار
عـاجـل










 حين اخترنا التواصل الفكري الشبابي العربي عنوان "من شباب الأمّة إلى شباب الانتفاضة" لم نفعل ذلك فقط إدراكاً منا لأهمية الانتفاضة وهي الفعل المضيء في حياة أمّتنا العربية المتشحة بالظلم والظُلمة، بل أيضاً لأننا نبحث عن فضاء تتوحد من خلاله همم الشباب، وتتضح عبره سلامة السبل، انطلاقاً من شعورنا بأنه ما من مرّة ابتعدنا عن فلسطين إلاّ وقد افترستنا كواسر التجزئة والانقسام والاحتراب والعصبيات المريضة، وما من مرّة اقتربنا من فلسطين إلاّ وقد انفتحت أمامنا السبل وتعزّزت إمكانات النهوض ...

ومنذاثنا دون انقطاع ذكرى إعلان الوحدة المصرية –عاماً لم يكن ذلك مجرد حنين إلى ماضٍ، وهروب إلى ذكريات جميلة، بل كان إصراراً منا أن تبقى راية الوحدة العربية مرفوعة رغم كل ما نراه حولنا من تشرذم وتناحر وتباغض واقتتال وتجزئة المجزئ وتقسيم المقسم؛ لأننا ندرك أن أفضل وسائل الدفاع بوجه أعدائنا المتلاعبين في مصيرنا هو الهجوم، وأن أفضل وسائل الهجوم هو الوحدة لا لأنها طريق الاستقلال والديمقراطية والعدالة والكرامة والتنمية والتجدد الحضاري فقط، ولا لأنها بوابتنا الإجبارية لدخول عالم لا يقيم وزناً للدول الصغيرة فحسب؛ بل لأن الوحدة العربية بكل أشكالها، تضامناً أو تكاملاً أو اتحاد فيدرالياً هي الضمانة للوحدة الوطنية في أقطارنا المهدّدة بالتمزق، والانقسام والحروب التي لا تنتهي، ولكي نتذكر دوماً أن العراق هو جناح الأمن القومي في الأمّة، بل إن الكيان الصهيوني نفسه ما أقيم أصلاً إلاً من أجل إقامة حاجز بين العراق والوطن العربي ليقوم حاجز أبدي بين مشرق الوطن العربي ومغربه ...

وحين أكّدنا مراراً وتكراراً أن يكون "التواصل" اسماً ؛ فلأننا ندرك أن في التواصل قيم ومعانٍ تتصل بكل أهداف مشروعنا النهضوي، فالتواصل هو الخطوة الأولى في رحلة التكامل والوحدة، والحرف الأول في أبجدية الحرية والديمقراطية التي قبل أن تكونا في صناديق الاقتراع والدساتير هما تواصل بين مكونات الأمّة لا مكان فيه للاستبداد، أو الإقصاء، أو الاجتثاث، كما أن التواصل هو قاعدة التضامن الذي بدونه لا تستقل الشعوب، ولا تقيم العدالة بين طبقاتها، ولا توفر السبل للتنمية المستقلة، بل إن التواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل، هو ضمانة تجدّد الأمم الحضاري، والتواصل ليس فقط مع من يتفق معنا في الرأي أو يشاركنا المنبت الفكري نفسه، ولاسيما تواصل مع من نختلف معه بالرأي على القاعدة العظيمة: "رأي صواب يحتمل الخطأ، ورأيك خطأ يحتمل الصواب"...

وإذا شدّدنا على الطابع الفكري بالشبابية مركزين على أن تكون الأوراق والمناقشات محصورة بالشباب وحدهم، فلأننا نؤمن أن الفكر يحصن حركة الشباب، ويصون طاقاتهم من التبدد، ويحفظ تضحياتهم من الضياع، كما أن الشباب يجدد الفكر ويحول دون تجمده أو تكلسه أو إصابته بالوهن والشيخوخة، فالأفكار كالبشر تشيخ وتموت إذا لم تجد من يجدّدها، ومن أجدر بالشباب من تجديدها الأفكار بالحوار، والنقاش، والجهد العلمي، والنضال العميق البعيد عن الارتجال ..

كما أن تشديدنا على الدور الفكري للشباب هو إسقاط لكل التنظيرات التي تحاول التقليل من القدرات الفكرية والثقافية للشباب، بل من قدرتهم على تحمل المسؤوليات في تحقيق أهداف الأمّة مؤمنين تماماً أن شبابنا ما امْتُحنوا يوماً في قدرتهم الفكرية والعلمية والنضالية إلاّ أبلوا البلاء الحسن، وها هي ميادين المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، وميادين مقارعة الفساد، والعدوان والغلو، والتوحش في سورية، واليمن، وليبيا، وأقطار الأمّة، وميادين البحث العلمي والتقدّم التكنولوجي في أرقى جامعات العالم تشهد بذلك، وتثبت عن جدارة أبناء الأمّة.
 





الاربعاء ٢٣ جمادي الاولى ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / أذار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب خالد ابن الوليد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة