شبكة ذي قار
عـاجـل










ان النهاية التاريخية للطائفية وأحزابها متحققة حتى وإن كانت هي التي تحكم العراق اليوم ولكن ليس في الغد القريب جدا بعد أن انتزعها الجمهور من عاطفته وعرفهم على حقيقتهم، وقد وصلت هذه الاحزاب إلى نهاياتها بعد أن أطبق عليها الفساد والاستبداد والقمع الوحشي لو أطلق مثل هذا الشعار ( نهاية الطائفية ) عام 2004 و2005 حين كانت جذوة العاطفة الشعبية المذهبية متقدة ومدعومة بحرارة من مرجعية السيستاني العميل المزدوج لأمريكا وايران في قوائم الأحزاب الطائفية خلال الانتخابات لما تم تصديق ذلك، ولكن اليوم وبعد ثلاثة عشر عاما مما حصده حكم الاحتلال والطائفية يصبح مثل هذا الشعار مقبولا عند الناس قبل السياسيين.

لقد اختصرت تلك الأحزاب الطائفية بحزب الدعوة العميل لأنه فرض هيمنته على كل من التكتلين المهمين في الحياة السياسية الراهنة ( مجلس الحكيم والتيار الصدري ) ، ولهذا فالحزب يتحمل المسؤولية التاريخية في ما وصل إليه الوضع في العراق من نهاية مفجعة قريبة لتلك الأحزاب وعملائها، ولا بد من التذكير بأن قيادة الاحتلال الأميركي لم تسمح في بداية عهد ذلك الاحتلال المر اللعين بعد عام 2003 لأي تنظيم سياسي وطني عراقي حقيقي بأن ينشط إلا إذا كان خاضعا للعبة الطائفية، إلى درجة أن أمين سر الحزب الشيوعي العراقي، حميد مجيد، وضع تحت لافتة “شيعية” لكي يتمكن من دخول انتخابات العام 2006، ومعلوم أن حزبنا المجاهد البعث العظيم كان قبل الاحتلال يدير قيادة السلطة والنظام السياسي بصورة وطنية شاملة حيث يجتمع العراقيون جميعا تحت خيمة المواطنة لهذا تم اجتثاثه وملاحقة منتسبيه من إخواننا وابائنا في أقسى عملية ثأرية ارهابية في التاريخ.

نقل لي أحد المقربين من الحاكم الأميركي بول بريمر بأنه كان يسأل عن الشخص المرشح لمسؤولية ما هل هذا الشخص بعثي وإن أجيب بالنفي يكرر التأكيد إن كان سنيا أم لا؟ لأن نمطا خاصا من السياسيين السنة مقبول بالعملية السياسية وهم الاخوان الكافرون وحزبهم اللااسلامي. كان ربط الأميركان للبعث بالطائفة السنية مدفوعا من تيارات اليمين المتطرف في واشنطن وبنصائح عملائهم في الداخل من الخونة ولعل الأميركان كانوا متعمدين هذه الخلطة الطائفية، فمنذ الأيام الأولى للاحتلال استبعدوا الكثير من السياسيين والمثقفين والإعلاميين والعلماء رغم أنهم علمانيون وغير طائفيين وكانوا معارضين للنظام الوطني وحاولوا تسويق العهد الأميركي الجديد ظنا منهم بأنه سيبني “الديمقراطية الفريدة” في المنطقة.

لكن ماكنتهم السياسية عطلت، وتراجعوا وتركوا الملعب لأصحاب المشروع الطائفي الايراني، بعد أن علموا بأن الأميركان لا يعطون الفرصة سوى لأصحاب المشروع الطائفي، ولأن اللعبة الطائفية بالنسبة إلى الأميركان ميدان حيوي للفرقة والفوضى وكان ذلك مفيدا لمشروع الشرق الأوسط الكبير والذي اندحر وفشل بعد فشل مشروع الاحتلال العسكري بالعراق على يد المقاومة العراقية الباسلة ورجال البعث العظيم ... ان بعض هؤلاء الليبراليين يحاولون اليوم تجريب حظهم بالعودة للعب دور فاشل باسم الاعتدال والوسطية، ويعتقدون بأن العمل السياسي من داخل بيت التحالف اللاوطني وهو في أوهن حال سيقود إلى تحقيق مشروع الاعتدال والوسطية، مع أن الواقع سيفضي إلى توظيف هذا الدور الليبرالي العروبي الهامشي الضعيف لصالح الحكم الطائفي العميل.

ان المشروع الايراني هو أنه يدعو إلى تسيّد الطائفة زيفا، لأن الطائفة الشيعية أصبحت أكثر اضطهادا وحرمانا في ظل الحكم الطائفي الذي يدعو كذلك إلى بناء نظام يضطهد الطائفة الأخرى ويحطمها، ويهين كرامة أبنائها مستثمرا شعارات متجددة وجاهزة مثلما يسوق اليوم شعار “محاربة داعش” حيث تهان كرامة العرب السنة في ظله ويصبحون “داعشيين” لكي لا يتعاطف معهم أحد وتتم إبادتهم بشتى أنواع الأسلحة ويساق شبابهم إلى الموت.

واليوم تحرق مدينتنا المجاهدة الفلوجة وتهدم مساجدها تحت شعار تحريرها من داعش، ويشارك في هذه اللعبة الدموية الطائفية بعض المرتزقة أنصاف السياسيين من الحزب اللااسلامي .

ان الطائفية في العراق لم تعد نزعة فردية أو جماعية استثمرت المذهب سياسيا لكي تحمي نفسها، لقد أصبحت منظومة سلطوية حاكمة ومتشابكة تتعاون مع امبراطورية الفساد في العراق. وما زالت تختفي حول المذهب والطائفة لحماية نفسها، ولهذا يدعي الطائفيون السياسيون أن من يتعرض لواجهاتهم ومنظوماتهم السياسية فكأنما يتعرض للمذهب، والمذهب براء من الطائفية، أو يصبح داعشيا، ولعل مثال الحراك الشعبي منذ عام ولحد اليوم والذي تبلور إلى حالة قريبة من الانتفاضة والثورة الشعبية ضد الحكم الطائفي العميل وقد جوبه بقوة لأنه يستهدف هذا الكيان المهلهل الذي أصبح على حافة السقوط، واستنفرت قوى عديدة محلية وإقليمية ودولية للمحافظة على هذا الكيان الطائفي الهزيل، فمن يستهدف الفساد جديا معناه يستهدف النظام الطائفي الذي تحميه شبكات الفساد. ولهذا يجدد الأميركان بقوة حمايتهم للنظام الطائفي من السقوط وكذلك إيران، وهم غير مكترثين بالحرص على هذا الاسم السياسي أو ذاك بل إن ما يهمهم هو النظام، لكن فرصة استمرار بقاء الأحزاب الطائفية بالحكم أصبحت معدومة، فمظاهر الحكومات لا تغرن أحدا فخلال العقد الأخير سقطت عروش – لم يتخيل أحد سقوطها – كأوراق الخريف والقادم أعظم ومالنصر إلا من عند الله.

السلام عليكم ورحمة اللة وبركاته





الاحد ٣٠ شعبــان ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / حـزيران / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق الجميلي الوفي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة