شبكة ذي قار
عـاجـل










رغم أنّ الضرورات الوطنيّة العليا تستدعي الإنكباب والتركيز على معالجة الملفات المعقّدة، والتي تستلزم إيجاد مخارج حلول لها وبدون تأخبر أو عرقلة، وأبرزها إقرار الموازنة العامّة، ووضع الخطط المطلوبة للنهوض بالإقتصاد الوطني، وتحقيق الإستقرار الحياتي للشعب، وترسيم الحدود البحريّة مع فلسطين المحتلّة والتمهيد للمباشرة بالحفر التجريبي كما هو مقرّر نهاية هذا العام وذلك لتفادي إضاعة فرص إستفادة لبنان من محزون الغاز في مياهه الإقليميّة ومنطقته الإقتصاديّة الخالصة، ومواجهة التأثيرات السلبيّة للإجراءات والخطوات التي يمكن أن تتخذها الولايات المتحدة الأميركيّة والكيان الصهيوني لتنفيذ "صفقة القرنّ خاصّةً ما له علاقه باللاّجيئين الفلسطينيّين وعدم فرض أجندات الطرفين على لبنان، وغير ذلك مثل الأزمات والتقصير المتراكم في قطاعات البيئة والمياه والكهرباء والنقل، يطغى على حراك وزير الحارجيّة جبران باسيل التوجّه لتمهيد الأرضيّة اللآّزمة لرئاسة الجمهوريّة بعد ثلاث سنوات وبضعة أشهر والتي لا تؤثّر فقط على المواضيع المشار إليها أعلاه بل وكذلك بشكل غير مباشرعلى الإستقرار والسلم الأهلي.

تستند خطّة الوزير باسيل للتمهيد إلى الرئاسة على أربع ركائز:

1ـ وجود كتلة نيابيّة كبيرة للتيار الوطني الحر الذي يرأسه، و 11 وزيراً في الحكومة ممّا يسمح له بتمرير أو إيقاف أيّ قرار يطرح في مجلس الوزراء ويحتاج إلى ثلثي الأصوات.

2ـ توسيع مروحة زياراته للخارج والإلتقاء مع اللبنانيّين هناك ممّا يؤمّن له تأييداّ من قبلهم واستثمار دورهم في التاثير وإن كان محدوداّ على مواقف دول الإغتراب خاصّةً تلك التي لها دور فاعل في الأوضاع الداخليّة اللبنانيّة بما في ذلك الإنتخابات.

3ـ ألتوسّع في فتح مراكز للتيار الوطني الحرّ في معظم المناطق وذلك لتأمين قاعدة شعبيّة واسعة عابرة للطوائف والمناطق وذلك لإظهار نفسه قائداّ وطنيّاً جامعاً، وهذا مطلوب بإلحاح لتأسيس أحزاب وطنيّة عابرةً للطوائف والمذاهب. لكنّ الكثير من التصاريح الصادرة عن الوزير باسيل وبعض الإجراءات التنفيذيّة ضمن مسؤوليّاته لا تتطابق مع هذا السعي بل تتماهى مع التوجّه الطائفي الذي تتميّز بها العديد من الأحزاب السيّاسيّة في لبنان.

4ـ إبرام إتفاقيّات ثنائيّة تتعرّض للصعود أو الهبوط ولكنّها تبقى رغم اهتزازاتها قائمةً وذلك لحاجة جميع الأطراف لها مثل التفاهمات مع حزب الله، وحزب القوّات اللّبنانيّة، وتيّار المستقبل، وتواصل لم يصل إلى درجة إتفاقيّات أو حتّى تفاهمات مع القوى السياسيّة الأخرى. هذه الركيزة اصطدمت بهزّة كبيرة في الشوف ـ عاليه حيث بعد اللقاء الكبير في دير القمر بحضور الحزب التقدمي الإشتراكي جاءت خطوة زيارة الكحّالة ـ كفرمتّى ـ خلدة، والتي لم تكتمل، بالتفاهم مع الشخصيّات الدرزيّة المتماهية مع التيار الوطني الحرّ، ممّا يحقّق جسراً معه موازيا" للجسر مع الحزب التقدمي الإشتراكي، ممتدّاً من عاليه حتّى خلده مروراّ بكلّ القرى والبلدات بينهما إضافة إلى قرى وبلدات الشحّار وهذا ما لا يستطيع أن يتحمّله رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي الوزير السابق وليد جنبلاط ولا يستطيع تمرير تكريسه مهما تكن النتائج، لأنه إذا ما تحقّق سيمسك الوزير جبران باسيل بطرفين في الشوف ـ عاليه يحاول فيما بعد كلّ منهما التقرّب منه لحفظ مكتسبات في السلطة مستقبلاً. وإذا ما أضيفت التصريحات من قوى سياسيّة متعدّدة خلال الأسبوعين الفائتين يمكن فهم التصعيد الذي حدث يوم الأحد في البساتين ـ قبر شمون والذي أدّى مع الأسف الشديد إلى سقوط ضحيتيّن وأربعة جرحى، وتوتّر الوضع في المنطقة وانعكاس ذلك على الوضع العامّ في كلّ أرجاء الوطن ممّا دعا الأجهزة الأمنيّة لإتخاذ إجراءات سريعة. ونظراً لخطورة ما جرى دعا رئيس الجمهورية إلى عقد إجتماع للمجلس الأعلى للدفاع والإلتقاء برئيس الحزب الديموقرطي اللبناني، والوزير صالح الغريب وذلك لوضع الأمور على مسار الإتصالات السياسيّة والمتابعة الأمنيّة والقضائيّة. وبانتظار ما سوف تسفر عنها التحقيقات الأمنيّة والقضائيّة يؤمل من المرجعيّات الدينيّة والسياسيّة القيام بدورها الإيجابي في تهدئة النفوس وتغليب لغة العقل على رد الفعل منعاً لتفاقم وتعقيد الأوضاع ووقوع ضحايا جدد، وتطور الأمور إلى ما لا يحمد عقباه.

إنّ تحاشي الوقوع بأحداث شبيهة تستدعي قراءة جميع الأطراف الواقع اللبناني بموضوعيّة ومسؤوليّة تبتعد عن المراهنة على "ضربات الذكاء" في تغيير المعادلات، وإنّما على الإنتخابات فقط. إنّ لبنان لا يحتمل خضّات أمنيّة وصراعات داخليّة جديدة، ويكفي أن يأخذ الجميع العبر من الحرب الأهليّة والتي لم يخرج لبنان من مفاعيلها السلبيّة حتّى الآن، وكذلك من الصراعات الكبيرة التي مر فيها في التاريخ القديم.





الاثنين ٢٨ شــوال ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / تمــوز / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. علي بيان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة