شبكة ذي قار
عـاجـل










عودة إلى فكر حزب البعث ومنطلقاته النظرية نجده حزبا قوميا انسانيا جعل الانسان العربي هدفه في التغيير وخلق مقومات السعادة والعيش الكريم له أينما كان في أقطار الامة ، فهو ليس بحزب قطري وإنما جعل وجوده في القطر الواحد قاعدته في دعم الحركة الوطنية والقومية في الأقطار الأخرى ومركز إشعاع لها ، واعتماد السياسات التي تدعم وتخدم عوامل وحدة الامة العربية ليس بصيغة الوحدة الاندماجية كما يتصور البعض وانما بصيغة العمل المشترك والتعاون المشترك واعتماد الاتفاقيات الرصينة في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ، والتي تؤسس وتهيأ بدورها إلى خطوات أكثر عمقا ورصانة في تعزيز آفاق العمل القومي الوحدوي ، والذي تنعكس ثماره على تحقيق النهضة والتقدم والبناء الاقتصادي والمادي وسد حاجات ومتطلبات العيش والحياة الكريمة لكل أقطار الامة ، ومع العرض ان الأنظمة العربية التي تترأس وتقود السياسات في أقطار الامة لم تكن بعثية فالبعث ولد في نيسان من العام 1947 ولم يستطيع الوصول إلى السلطة الا في قطريين مهمين هما سورية والعراق في اذار وشباط من العام 1963، ومن هذا التاريخ وبعده كان للبعث صوتا مسموعا وتنظيمات شملت كل اقطار الامة الا ان الغالبية من الانظمة العربية كانت تعمل بالضد من وصول البعث للسلطة في اقطارها وتمنع التوجهات والانشطة القومية لشعوبها ، لانها تعتمد سياسات قطرية ذات مصلحة في ديمومة وجودها وجزء اساس من هذه السياسات هو ارتباطها بدول الغرب وأمريكا وهي دول لا تريد للامة العربية ان تتحرر من سيطرتها وارتباطاتها لما تشكل أقطار الامة لها من أهمية سياسية واقتصادية واستراتيجية في منظور الغرب وامريكا ، فالبعث يقف عقبة كاداء في طريق مصالح الاجنبي غير المشروعة والهادفة الى الاستحواذ والسيطرة على مقدرات الدول الأخرى ، فأرض العرب غنية بكل شيء وعلى رأسها مصدر الطاقة ومحرك الصناعة والزراعة والمشغل للمصانع العملاقة ومصدر توفير النقد والأموال أنه النقط ، ومن هنا فإن حزب البعث لم يستطيع أن يحقق أهدافه التي أعلنها في مؤتمره التأسيسي الأول على مساحة أرض الامة ، لما لا قاه من دساءس ومؤامرات لكنه في الوقت نفسه حقق خطوات كبيرة على مستوى القطر الذي حكم فيه وكانت هذه الإنجازات لا تروق بل لا تحضى بالدعم والاستقبال ليس من الاجنبي فحسب وانما من ذات الاقطار العربية التي ربطت سياساتها بالاجنبي ، والاجنبي كان يدير ويخطط لإجهاض المنجزات الوطنية والقومية في كل من العراق وسورية والتزم بتحقيق هدفه المهم وهو ان لا وحدة بين القطريين ، لان الوحدة بينهما هي بداية الطريق لتقويض المصالح الامريكية والغربية في المنطقة وتقويض الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين العربية والغاء وجوده ، وان لا تقارب او تغيير في طبيعة الأنظمة العربية الأخرى المحسوبة على حصة الاجنبي ، وكانت أكثر الاقطار ارتباطا وانصياعا لأمريكا ودول الغرب هي دول الخليج العربي ، ومصر السادات ومبارك ، وتونس ولبنان والأردن والمغرب ، والتي وقفت بوجه المشروع القومي العربي ، وسهلت وتعاونت مع امريكا لإسقاط هذا المشروع بعد انهاكه واستنزافه في مواقف ومطبات وإجراءات ومواجهات كانت السبب في تهيئة المسرح السياسي والاقتصادي والاجتماعي للانقضاض عليه وعلى النظم الوطنية والقومية التي تشكل ادواته وأبعادها عن الساحات السياسية بالاحتلال وبالحضر والاجتثاث والعزلة والعقوبات وتشكيل منظومات الارهاب وزجها في معترك الصراع ، والعمل على تفكيك المنظومة القومية ، ووضع المناهج والاساليب للقضاء عليها وتشويه تاريخها وفكرها النير وصورتها الوضاءة في عيون وعقول ابناء الامة ، وهذا ما حدث للعراق وليبيا وسورية واليمن ، وما يحدث على بقية أقطار الامة ، وعلى الرغم من كل ما حصل لكن يبقى الفكر البعثي يمثل البوصلة الصحيحة والدقيقة لما تعانيه الامة ويعد الرد الحاسم على حالة التدهور والضياع والتفتت والتفرقة الطائفية والعرقية ، فالبعث هو الاطار الواسع لكل الشعب العربي ولكل الأقليات والقوميات التي سكنت هذه الأرض وامتزجت مع الامة العربية في ثقافة واحدة وتاريخ مشترك واحد مع الاحتفاظ بخصوصياتها التي تشكل جزءا من عاداتها وحقوقها الدينية والقومية ، فالبعث هو الوعاء الذي يستوعب كل الشعب على اساس ان الانسان هو القيمة الاجتماعية الاسمى والهدف الاكبر وما دونه فهي وسائل يمارسها في إطار حرياته التي يسعى البعث الى تحقيقها واحترامها ، وهذا هو صلب الجانب الإنساني في عقيدته وقوميته الانسانية التي لم تعرف اضطهاد الشعوب والسيطرة على مقدراتها ، والدليل على ذلك عندما احتضنت القومية العربية الدين الاسلامي وحملت رسالة كالسماء وبلغت بها الى الناس كافة اكدت ان الناس متساوون في الحقوق والواجبات ، والناس سواسية كاسنان المشط ليس لابن البيضاء على بن السوداء سلطان الا بالحق ، والحق هنا هو اعلى مرتبة في منازل الخلق

من هذا فإن البعث يمتلك مقومات وجوده وديمومة حياته وشروط نجاحه مهما كانت حجم الهجمات والممارسات التي تعمل بالضد منه وفي المقدمة منها القضاء على كوادره وعزله عن جماهيره ، وقيادة الحملات الإعلامية المضللة لتسقيطه والصاق التهم الباطلة به من خلال بروباغندات معدة لهذا الغرض وذات اهداف دنيئة وبوسائل قذرة تشترك فيها أطراف دولية معروفة أولها امريكا وايران وإسرائيل وتحضى بقبول أطراف عربية ما زالت تعيش عقدة البعث ، وتنفذها حكومات الاحتلال واحزابها الطائفية ، وبقدر هذا الحجم من التآمر للقضاء على البعث وفكره ، فعلى البعث ان يبتكر الأساليب والطرق القادرة على ديمومة الصراع مع أعدائه في مجالات الفكر والسياسة والثقافة والاجتماع وتحقيق نجاحات بينة عليهم تنقله إلى حالة التحدي المقترن بنزع الحقوق الوطنية والقومية ، ومن هذه الأساليب اسلوبان وطريقان يعزز أحدهما الآخر ويوازيه في القول والفعل والتنفيذ وهما المقاومة المخطط لها بإتقان وبطرق مبتكره تجعل من العدو صيدا سهلا عليها وتجعله يدفع ثمنا باهضا تقوده للاستسلام والهروب ، والطريق الآخر هو العمل السياسي والفكري المرتكز والمستند على ايديولوجية البعث القومية وروحها الانسانية المتطورة والمتنورة التي تستوعب الاحداث والمواقف وتحللها وتجعل منها جسرا للعبور إلى الانتصار وتحقيق الهدف المنشود ، وليس التقوقع والضياع بين الأطر الجاهزة ، فالمرحلة لها شروطها ولها معطياتها ولها قراراتها المعبرة عن جوهر تلك الشروط والمعطيات وهذان الطريقان لا يمكن النجاح فيهما دون توفر قيادة تاريخية متميزة ومن طراز خاص ، وإمكانات مادية تناسب الهدف ، ووسائل مبتكرة يقودها رجال خبروا البعث بفكره ومواقفه واقدامه . ان ما حصل في العراق من احتلال وتدمير واعدامات وتصفيات جسدية وملاحقات للقوى القومية وفي مقدمتها حزب البعث لن تثني هذا الفكر ورجاله من مواصلة جهدهم وجهادهم في مقاومة الحملات الشرسة والقوانين الظالمة التي أرساها الاحتلال وتنفذها بكل تطرف الاحزاب الطائفية المرتبطة به من خلال المساءلة والعدالة وقانون الحظر وإعداد المناهج الدراسية لما سموه جرائم البعث لتدريسها في الكليات والمدارس والصاق مادة 4 / ارهاب بمن يعارض سياسة الحكومة واعتماد المخبر السري والصاق التهم الكيدية بالبعثيين والوطنيين للتخلص منهم وحرمانهم من وظائفهم ومرتباتهم .





الخميس ١٦ ذو القعــدة ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / تمــوز / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ياسين شاكر عبد الله نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة