شبكة ذي قار
عـاجـل










مما لاجدال حوله ولاخلاف بشأنه ، ان لبنان لم يعش ازمة سياسية اقتصادية كالتي يعيشها الان.اذا لاول مرة في تاريخه منذ ولجعهده الاستقلالي ، يقف على حافة الانهيار المالي الذي تتجلى مشهدياته بعجز الدولة عن الايفاء بالتزاماتها ،وتفقد السيطرة علىالتحكم بالسوق النقدي ،وتنهار العملة الوطنية تجاه العملات الاجنبية والذي انعكس ارتفاعاً مريعاً في اسعار السلع والخدماتوخاصة تلك المرتبطة بالامن الغذائي واستقرار سوق العمل.

امام هذا الوضع المأزوم الناجم عن عبء التثقيل الاقتصادي بمديونية عالية تراكمت ارقامها على مدى عقود من جراء السياسات الاقتصادية التي ادارتها منظومة غارقة بفسادها من اذنيها حتى اخمص قدميها ، ومن جراء تثقيل سياسي، تمثل بعبء المشروعالايراني الذي اتخذ من ساحة لبنان منصة له بكل ما يتعلق بتدخله في الشؤون الداخلية العربية ،ازدادت حدة الازمةالتي تجاوزتتعقيداتها حدود السيطرة على مضاعفاتها.

هذه الازمة التي تفاقمت تداعياتها الاجتماعية والمعيشية ، لم تقارب الحلول لها انطلاقاً من تشخيص موضوعي لها باسبابها الداخلية والخارجية ،بل جاءت المقاربة لتدور حول الشكليات دون الجوهر.

فأزمة بحجم تلك التي ينوء لبنان تحت اوزارها ، لاتعالج برفع سقف الخطب السياسية التعبوية ، ولابرمي التهم والنحي بالمسؤولية على الحقبات السابقة وان كانت لاتعفى من ذلك ، ولا بتوجيه الرسائل الدورية الى الشعب من على منصات الاعلام ، ولا بعقدالاجتماعات المتعددة الاطارات التي وان تنوعت تسمياتها الا انها تعتبر بحكم الاطار الواحد ، لان الحكم والحكومة هما فريق واحدوان تعددت اطرافه ، وان ايقاعهما السياسي يرسم خارطة طريقه "مرشد الجمهورية".

بعد اكثر من اربعة اشهر على تشكيل الحكومة ، يستغرب المرء كيف ان رئيسها يعلن ان الحكومة حققت ٩٧ ٪؜ مماوعدت به.فاذاكانت الانجازات وصلت الى هذا المستوى فلماذا تستمر تداعيات الازمة بكل انعكاساتها الشعبية والاقتصادية والمالية والنقدية؟ ولماذاتعقد الاجتماعات لاجتراح الحلول ؟ واخرها الاجتماع في القصر الجمهوري يوم٥٢حزيران.؟

لو كانت الحكومة حققت نذراً يسيراً مما وعدت به ، لما كانت تهاوت العملة الوطنية ، ولما كانت الناس تقف مذلولة امام محلات الصيرفةبعدما ذاقت الامرين من عسف اجراءات المصارف.

لوكان صحيحياً ماتزعمه الحكومة من تحقيق انجازات عملية ، لما استنفر القصر الرئاسي ادواته لعقد الاجتماع تلو الاخر ،تارة تحتعنوان البحث عن مخرجات اقتصادية للازمة ، و تارة تحت عنوان درء الفتنة ، وفي كل الحالات ، فان هذه الاجتماعات ليست سوىضجيج دون حجيج لان الهدف منها ليس اجتراح الحلول بل لتوفير تغطية سياسية لاداء حكم وحكومة اثبتا عقم المعالجات التيينتهجاها والتي برز ت بشكل واضح من خلال الخطة الاقتصاديةالتي سميت انقاذية ولم تنطو الا على الاسم من اسس ومعطياتالانقاذ ، كما برز من خلال التباين في تحديد ارقام الخسائر المالية بين رؤية الحكومة ورؤية الهيئات الاقتصادية ومنها المصارفوالبنك المركزي.

ان الحكومة والحكم لو كانا قادرين على مقاربة الحلول الاجرائية اولاً، والمستدامة ثانياً للازمة ،لكان اعلنا صراحة ،ان المنظومةالسلطوية الحالية لاتستطيع تقديم الحلول ، لانهما لايستطيعان المصارحة والتصريح ان لبنان لايحتمل التثقيل الايراني لساحتة وهواختبر سابقاً نتائج مشروع تثقيله باعباء حلف بغداد ، ونتائج تثقيله بعبء وجود الثورة الفلسطينية يوم اقفلت الساحات العربيةامامها ،وفي كلتا الحالتين انفجر الوضع اللبناتي لعدم قدرة بنيته على تحمل اثقال مشاريع اقليمية ودولية، والمشروع الايراني هوعنوان التثقيل الحالي.ولو كان الحكم والحكومة يمتازان بشفافية في ادائهما السلطوي ، لكانت اولى الخطوات التي اتخذاها هيتنفيذ اجراءات تحفظية على ناهبي المال العام وهو معروفون جداً ،ووقف الهدر والتهريب والسمسرة وتفعيل هيئات الرقابة القضائيةوالمالية والادارية ورفع الوصاية عن المرفق القضائي.اما وان شيئاً من هذا لم يحصل ، فان حركة الحكم والحكومة ،هي عملية دورانحول الذات ودوران في الحلقة المفرغة ، ولهذا فإن الازمة مستمرة هي الى مزيد من التفاقم مع هذا الخواء الموصوف في الاداء السلطوي.
 





السبت ٢٩ شــوال ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / حـزيران / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحرر السياسي لطليعة لبنان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة