شبكة ذي قار
عـاجـل










تطور القوانين والتشريعات العراقية  بعد  ثورة عام ١٩٦٨م في العهد الوطني. وعلاقتها بحقوق الإنسان.

 

د عامر الدليمي

 

مرّ القانون وتطبيقاته بأدوار عديدة في ظل ألأنظمة التي تعاقبت على العراق ، وتعددت مهامه بصدد المنازعات الحقوقية عبر هذه الانظمة منذ العهد العثماني والاحتلال البريطاني حتى العهد الوطني .

لاشك أنه من غير الممكن وجود مجتمع بدون قانون ينظم حياته وحقوق الانسان فيه ، فالقانون صنو المجتمع ولا يمكن ان يفترقا ،لأنه وليد هذه المجتمعات ، ومتى كانت متقدمة ثقافيا وسياسيا فإنها تستطيع إنشاء قواعد قانونية تتناسب والحال التي تعيشها ، بل تطمح لمستقبل أفضل لأجيالها .

 

اولا:- بعد عام ١٩٦٨م كان لابد من مراجعة القوانين والتشريعات النافذة في حينها، وتماشيا مع الوضع الجديد صدر القانون رقم (٣٥) لسنة ١٩٧٧م ( قانون اصلاح النظام القانوني) وكان إنعكاسا لإرادة الشعب وليس لإرادات فردية او فئوية او طائفية او عرقية ، فأكد على تعزيز حقوق الانسان في العدالة والمساواة أمام القانون دون تمييز طبقي أو عرقي أو مذهبي ، وأبرز سمات الدولة ومعايير تطويرها وتقدمها، ووضع حقوق الانسان كقاعدة اساسية للبناء والتنمية سواء كانت حقوقا مدنية أو سياسية أو اجتماعية أو غيرها ، وتوافقا مع الإعلان العالمي لحقوق الانسان لعام ١٩٤٨م، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام ١٩٦٦م ، وحقوق الإنسان الصادرة عن الجامعة العربية لعام ٢٠٠٦م ، اذ عدّ النظام القانوني مرتكزا أساسي للنظام القانوني في البلاد بهدف إظهار الحقوق الانسانية ونشر العدل وتطبيقه  ودحر الظلم ، وفي حقيقة الأمر نستطيع القول أنه شكل نقلة نوعية في القانون والتطبيقات القضائية ، ونظم القانون عمل السلطة ومباشرة وظيفتها القضائية للنظر في جميع الخصومات ، وفي أهم موضوع وهو إلتزام  الوزارات واجهزة الدولة كافة بورقة إصلاح النظام القانوني، كخطوة تشريعية ومنهجا طموحا في مضامينه الحقوقية والانسانية وحماية أمن المواطن وتحقيق العدالة والمساواة ، وقد عالج قانون اصلاح النظام القانوني المواضيع الاساسية التالية :-

١. احترام حقوق الانسان اثناء الاجراءات القانونية التحقيقية، وبخاصة المتهمين ابتداء من إصدار مذكرة أمر القبض والتوقيف والإستجواب والتحقيق حتى المحاكمة وإجراءات  التمييز، وضمن قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقية وقانون العقوبات .

٢. السماح للمتهم بالدفاع عن نفسه بالوسائل التي يمتلكها أو بواسطة محامي الدفاع أثناء تعرضه للاتهام كحق قانوني، وقاعدة جوهرية من أساسيات النظام القانوني العام .

٣. ألتاكيد على حماية المجتمع من السلوكيات والانحرافات المحتملة لدى بعض الأفراد، والكشف السريع عن الأفعال الجرمية التي تهدد أمن المجتمع والعمل بسرعة في حسم القضايا .

 

ثانيا:- لأول مرة في العراق شرع قانون خاص بالإدعاء العام ذي الرقم (١٥٩) لعام ١٩٧٩م ، ولعله من القوانين القليلة التي تخص الإدعاء العام في المنطقة العربية وأوكل إليه المهام التالية :-

١.الرقابة على حسن تطبيق القانون ومتابعة الجرائم التي ترتكب على أموال الدولة والقطاع العام وأية جريمة أخرى ، بإعتبار ان أموال الدولة والقطاع العام تساهم في التنمية الاجتماعية وتطوير المؤسسات.

٢. الرقابة على تنفيذ القرارات والأحكام والعقوبات الصادرة من المحاكم المختصة لإشاعة الطمأنينة والعدل ومنع التعسف عملا بالقانون .

٣.من المبادئ الأساسية إسهام الإدعاء العام في تقييم المشروعات المنجزة لمعرفة مدى ملائمتها للواقع والتطور، كعامل مساعد للتنمية في جوانب الحياة المتعددة .

٤. العمل والاسهام في حماية الأسرة والطفولة والأعمال التي تمس تشريد الأطفال بإصدار قانون رعاية الاحداث رقم (٧٦) لعام ١٩٨٣م الذي يهدف الى الحد من ظاهرة الجنوح من خلال وقاية الحدث وتكييفه اجتماعيا وفق القيم والقواعد الاخلاقية بالاستناد الى أسس علمية لوقاية الجنوح وشموله بالرعاية .

 

ثالثا :- كما صدرت تشريعات قانونية في مختلف مجالات الحياة تساهم في التنمية الاجتماعية وحقوق الانسان .

وإصدار قوانين الاشراف على شؤون العمل والعمال وتعويضهم ووقايتهم من أخطار المهنة ، وتعزيز شؤون الرعاية الاجتماعية وترسيخ العمل النقابي وتأسيس النقابات والاتحادات العمالية ومن أهمها :-

أ. قانون العمل رقم( ٥١ ) لسنة ١٩٧٠ م.

ب. قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم (٣٩) لسنة ١٩٧١م وقانون رقم (٧١) لسنة ١٩٨٧م .

ج. قانون تنظيم العمل النقابي للعمال رقم (٧٢) لسنة ١٩٨٧م.

إذ أكدت هذه القوانين على حرية العمل النقابي وشؤون التشغيل والتدريب والتأهيل، وهي أشمل وأكبر المساهمات في التنمية الاجتماعية والاقتصادية وحقوق الانسان ،لما تشكله هذه الشريحة من قطاع واسع.

 

رابعا :- تشريع قانون الجمعيات الفلاحية التعاونية رقم (٤٣) لسنة ١٩٧٧م الذي أرسى الحياة الديمقراطية في الريف ، وتشكيل الجمعيات الفلاحية في الأقضية ، ورئاسة للاتحاد العام للجمعيات الفلاحية ، وقد أدى ذلك إلى تعميق دور الفلاح في مجتمعه ، مما إنعكس على زيادة الإنتاج وتطويره لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

 

خامسا:- تنشيط حركة النوادي الكشفية والرياضية والثقافية والفنية ، وبناء المدارس التي تعدى عددها المئات في مراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة والاعدادية وعشرات الجامعات .

أ. إصدار قانون رقم (١١٨) لسنة ١٩٧٦م المتضمن مجانية التعليم من مرحلة رياض الاطفال حتى الدراسات العليا.

ب. إصدار قانون رقم (٩٢) لسنة ١٩٧٨م لمكافحة الأمية وتقديم مساعدات مادية أو معنوية وكانت تحرير ٢،٣ مليون مواطن عراقي من آفة الأمية وقد نال العراق جائزة اليونسكو الدولية لمحو الأمية ( كروبسكايا) عام ١٩٧٩م.

 

سادسا :- تحرير المرأة بوصفها انسانا يمثل نصف المجتمع والاهتمام بها في إطار نظرة متوازنة تنسجم مع كل مرحلة من مراحل تطور المجتمع، فتم تأسيس ألاتحاد العام لنساء العراق عام ١٩٦٩ م ، كمنظمة جماهيرية ديمقراطية تمثل النساء للمساهمة في الحياة السياسية والاجتماعية.

هذه الإنجازات لايمكن أن تتحقق على الصعيد العملي إلا من خلال آليات تهدف بمجموعها الى تنظيم العلاقة بين السلطة والحرية في إطار الدولة. وما تؤدي اليه سيسهم في بناء وتأسيس المجتمع المدني كونه عملية تراكمية لا يمكن إنجازها في زمن محدد، إنها عملية مستمرة وهي فضلا عن ذلك ليس عملية مختبرية تتم وفق خطة مرسومة وإجراءات منضبطة، إنها عملية تتداخل فيها عناصر عديدة، إذ ان المهم هو توفير مناخ للحرية يساعد على تكوين هذا البناء، ويحقق التوازن في الدولة والمجتمع ، أي الموازنة بين السلطة وحقوق المواطن، لتوفير الضمانات الأساسية المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ، مع الأخذ بالاعتبار الخصوصيات التاريخية والثقافية والحضارية للبلد ، فالمجتمع الذي يقوم على التعددية والتنافس ضمن إطار سيادة القانون من شأنه  ان يؤدي الى عملية تغيير متواصلة في مصلحة الشعب .

كما هناك قوانين وتشريعات كثيرة تتعلق بحقوق الانسان كحرية الصحافة والتنمية الاجتماعية والحريات الأخرى التي تتعلق بالتنمية الديمقراطية في العراق.






الاثنين ١٧ ربيع الاول ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / تشرين الاول / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د عامر الدليمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة