عصابات التسول تستغل معاناة النازحين لكسب المال




شبكة ذي قار

التسوّل في العراق أصبح ظاهرة مخيفة جداً؛ بسبب كثرة المتسوّلين الذين أصبحت أعدادهم بالآلاف، وتستغل عصابات التسول اسم النازحين لكسب عطف الناس ، فعبارة “أختكم نازحة.. ممكن مساعدة” كثيراً ما تمرّ على مسامع الجميع يومياً في الساحات العراقية العامة والشوارع والأسواق ونقاط التفتيش وقرب المساجد، كل ذلك بهدف نيل استعطاف الآخرين من أجل الحصول على المال.
 
 ووجد المتسوّلون في العراق ضالّتهم منذ أول موجة نزوح شهدتها مدينة الموصل ومدن أخرى، بعد أحداث العاشر من يوليو 2014 ولغاية اللحظة، فقد استغلّت عصابات التسوّل اسم النازحين ومعاناتهم من خلال سرد قصص وهميّة مؤثّرة على الناس مشابهة لما تعرّض له النازحون، وذلك لكسب عطف الناس والحصول على المال.
 
 وبالقرب من إحدى الإشارات المرورية وسط العاصمة بغداد وفي أوقات متعدّدة، ينتشر عدد من النساء المتسوّلات يطلبن المساعدة بحجّة النزوح والظروف المعيشية الصعبة.
 
 المتسوّلة أم أحمد، وبعد محاولات عديدة للتحدّث، قالت إن “الظروف المعيشية الصعبة وعدم قدرتها على توفير السكن ولقمة العيش لعائلتها المكوّنة من 5 أبناء، لا يتجاوز كبيرهم الـ 12 من عمره، دفعتها للانضمام إلى إحدى عصابات التسول في بغداد”.
 
 وحول سبب استغلال اسم النازحين وظروفهم الصعبة قالت إنها “مأمورة تنفّذ ما يملي عليها (العميد) ، وهو لقب يُطلق على كبير ورئيس العصابة، مبيّنة أن عبارات الاستجداء وطلب المساعدة تختلف باختلاف المكان والزمان وما يرافقها من أحداث”.
 
 وأضافت أم أحمد أن “معاناة النازحين كانت أفضل فرصة استغلّها المتسوّلون للحصول على المال طوال السنوات الثلاث الماضية ، منوّهة بأن التسوّل مهنة غير شريفة؛ تتعرّض خلالها بعض النساء إلى ابتزاز جنسيّ من قبل أفراد العصابات، بعد أن دفعتهن الظروف إلى امتهان هذه المهنة القذرة”، على حدّ وصفها.
 
 وتابعت أم أحمد حديثها قائلة إنها “وما إن تجد الظروف الملائمة وتوفر لها ولأطفالها ملاذاً آمناً فإنها ستترك مهنة التسوّل؛ لكونها ستكون مستهدفة من قبل أفراد العصابة التي انتمت إليها خوفاً على أنفسهم من الفضيحة وملاحقتهم من قبل الحكومة العراقية”.
 
 وعلى مقربة من أم أحمد تقف الطفلة فرح البالغة من العمر 13 عاماً بثيابها الرثّة ووجها الذي كساه الغبار، وهي تتنقّل بين السيارات تحت أشعة الشمس الحارقة لطلب المساعدة من أجل تأمين المبلغ المفروض عليها يومياً من قبل عميد عصابة المتسوّلين.
 
 وتقول فرح إنها “منذ أكثر من سنتين وهي تعمل مع إحدى عصابات التسوّل مع والدتها بعد فقد أبيها في تفجير إرهابي في سوق جميلة وسط بغداد عام 2015، مبيّنة أنها انتمت مع والدتها لإحدى العصابات لغرض الحصول على مسكن يؤويها هي ووالدتها التي تقف بالقرب من إحدى نقاط التفتيش.
 
 وأضافت فرح أن “المسؤولين عن العصابة يقومون بتوزيعنا على المناطق بسيارات خاصة منذ الساعة 7 صباحاً حتى الخامسة مساء، كما يقومون بتحفيظنا عبارات الاستجداء، كل حسب مهمّته، ومن أبرز هذه العبارات عبارة (أختكم أو ابنتكم نازحة ممكن مساعدة)”.
 
 ومن جانبها قالت الباحثة الاجتماعية “غدير محمد الربيعي” في تصريح لـ”الخليج أونلاين” إن “90% من المتسوّلين، لا سيما الأطفال والنساء، فقدوا مُعيلهم بسبب الصراعات الطائفية والحزبية والمعارك الأخيرة ضد (تنظيم الدولة) ، مبيّنة أن “جميع هؤلاء يعانون من تردّي الوضع الاقتصادي، ما دفعهم إلى التسوّل”.
 
 وأضافت الربيعي أن “المتسوّلين، وخصوصاً الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى من الرجال، لهم حقوق، لذا فإن على الحكومة العراقية والجهات المعنيّة متابعة خلفيّات المتسوّلين والأسباب التي دفعتهم للانضمام إلى عصابات التسوّل، ومعالجة وضعهم الإنساني والمادّي، وإنقاذهم من حالة الفقر والحرمان التي عاشوها، التي دفعتهم إلى أحضان أناس مجرمين همّهم الوحيد الحصول على المال”.
 
 بدوره قال الخبير الأمني “خالد عبد الكريم” إن “السنوات الثلاث الأخيرة شهدت تضخّماً مخيفاً في ظاهرة التسوّل في العراق، التي باتت تضمّ شرائح وأعماراً مختلفة تُمارس عملها بحرية وبأساليب مختلفة مستغلّة غياب سلطة القانون ، مشيراً إلى أن انتشار هذه الظاهرة يعكس مدى تراجع البلد حضارياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً”.
 
 وأضاف عبد الكريم أن “الحكومة العراقية ومع تفاقم ظاهرة التسوّل بكافة أشكالها مطالبة بتشكيل لجنة مشتركة من وزارتي الداخلية وحقوق الإنسان؛ لدراسة ظاهرة التسوّل وتأثيراتها في الواقع الحضاري والأمني، وحتى الاجتماعي، للحدّ من هذه الظاهرة الخطيرة”.


الجمعة ٢٤ رمضــان ١٤٣٩هـ - الموافق ٠٨ / حـزيران / ٢٠١٨ م


اكثر المواضع مشاهدة

أحمد أبو داود - شمّاعَة الخَوف مِن البَعْث يُثيرها النِظام لتغذيةِ التوافُق داخِل أجنِحَته المُتناقِضة
ملتقى الخبراء والاختصاصيين العراقيين - بمناسبة عيد العمال واقع العامل في العراق في ضوء البرامج السياسية والاقتصادية القائمة
علي الأمين - في ذكرى الميلاد الميمون
قيادة القطر السوري - "برقية استذكار لميلاد الشهيد صدام حسين وتعزية باستشهاده " إلى القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي
فاطمة حسين - الأخلاق سمة العظماء ( صدام حسين نموذجا )
علي العتيبي - ميلاد القائد صدام حسين استذكار للرجولة والمبادئ
علي العبيدي - استهداف صدام حسين كان استهدافاً للأمة
نصري حسين كساب - عمر بن الخطاب رضى الله عنه وارضاه
ابو الضرغام العباسي - ( لأجيالنا والتاريخ .. هكذا احتل ودمر العراق بالاحتلالين الامريكي الصفوي ) الجزء الثاني ( ٣٠ )
منتهى الرواف - اضـــــواء واضائــــــات ( الخباز الماهر الذي اتقن مقدار الخميرة للعجين!!!! )
د. مأمون السعدون - ايران وسلطة المالكي المتهالكة ... الى اين ؟
المحامي حسن بيان - قراءة سياسية في خطاب الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي القائد الأعلى للجهاد والتحرير في الذكرى الـ ( ٤٥ ) لثورة ١٧ / ٣٠ تموز ١٩٦٨
عبد الله سعد - وثائق ويكيليكس وتبريرات مرتزقة الإحتلال المالكي وتكتله الحكومي
صدى نبض العروبة - صدور العدد ٤٠٣-من مجلة صدى نبض العروبة- خاص بالذكرى ٧٧ لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي
الدكتور غالب الفريجات - الامريكان يصوتون لصالح الحزب الجمهوري الدموي
أحدث الاخبار المنشورة
٢٧ / كانون الثاني / ٢٠٢٤