شبكة ذي قار
عـاجـل










إنَّ سعي المنضوين إلى تجمُّع إياد علاَّوي وقائمته الانتخابيَّة لتسويقه "منقذًا" لشعب العراق من محنته الراهنة، وإسداء النصح والمشورة له، ومدِّه بالدعم والإسناد، ورفع رايات "انتصاره الانتخابي"، وتقديمة قائدًا منتخبًا من أبناء شعب العراق، أمر مفهوم ومتوقَّع، لا شأن لنا به ولا بأصحابه.


اختيار نفر من هؤلاء المنخرطين في عمليَّة المحتل السياسيَّة لمناصرة إياد علاَّوي ضدَّ منافسيه، والدفاع عن مشروعيَّة مطالبته برئاسة الوزارة، أمر مفهوم أيضًا. دوافع هؤلاء معروفه وتشكِّل جزءًا من الأدوار المنوطة بهم لإنجاح مشروع الاحتلال.


نفهم أيضًّا مسوِّغات اهتمام شرائح اجتماعيَّة، دفعت بها كوارث الاحتلال، وجرائم العصابات الطائفيَّة، والتأثير الإعلامي إلى الاقتراع لصالح إياد علاَّوي واختيار قائمته، ثمَّ القبول بهم كأقلِّ الخيارات المتاحة سوءًا وعمالة ولصوصيَّة وغيرها من معايير الحدود الدنيا، مقايسة بمنافسيهم المتهافتين على نيل بركات المحتلِّين وهباتهم. فهمنا لدوافع الاقتراع لقائمة علاَّوي لا يعني بأيِّ شكل أو صيغة اتِّفاقنا مع تلك الدوافع أو قبول مشروعيَّتها.


إذا كان فهمنا مفردات الحراك السياسي في العراق المحتلِّ وطبيعته، واستيعابنا لما يتعرَّض له شعبنا من ضغوط متعدِّدة الجوانب والأهداف، وأهمُّها وأكثرها خطورة تلك المهدِّدة لوحدته وهويَّته الوطنيَّة والقوميَّة، تمكِّننا من تفهُّم اضطرار نسبة من المواطنين للاقتراع لصالح المرَّشح "الأقل سوءًا" و "الأقلُّ عمالة" و"الأقلُّ إيرانيَّة"، غير أنَّنا عاجزون عن تفسير الدوافع وإقدام شخصيَّات سياسيَّة محسوبة على خندق الوطن والمقاومة، أو هكذا أوحي إلينا، على تسويق إياد علاَّوي خيارًا سياسيًّا مقبولاً يمكن استثماره لإنهاء كارثة الاحتلال، وحسم تغلغل المؤسَّسات الإيرانيَّة في العراق. لا، بل لم يتردَّد عدد منهم إلى تقديم النصح والمشورة له، وتقديمه خيارًا انتخابيَّا لأبناء شعب العراق!


اهتمامنا بهذا التوافق المتناقض بين الترويج لعلاَّوي والقبول به خيارًا سياسيًّا من جهة، ورفض الاحتلال وإدانة العملاء والخونة، ودعم المقاومة والدعوة إلى الجهاد من جانب آخر، لا يتعلَّق بتحليل هذا النمط من التناقض ودوافعه، بل بما يُلحِقه أصحاب تلك المواقف المتناقضة من أضرار، وما يخلقونه من تشويش على مواقف الأحزاب والحركات الوطنيَّة المقاومة للاحتلال والرافضة لعمليَّته السياسيَّة ورموزها وآليَّاتها وتبعاتها.


قد يكون من المفيد تذكير أفراد هذه الجوقة ببعض مفردات السجلِّ "الوطني والبطولي" للمرشَّح "الأقلِّ سوءًا " و" الأقلِّ عمالة"، آملين أن يتريَّثوا قبل المغامرة برصيدهم وسمعتهم، والأهم من ذلك، قبل إلحاقهم الضرر بمواقف الأحزاب والحركات الوطنيَّة المناهضة للاحتلال.


الحقيقة الأولى: عمالة إياد علاَّوي لأعداء العراق، وعمالته للأجهزة الاستخباريَّة الأمريكيَّة والبريطانيَّة والإيرانيَّة تحديدًا حقيقة موثَّقة، اعترف بها هذا العميل الخائن الفاشل، ولن يتمكَّن حتَّى أكثر أنصارعلاَّوي مغالاة وحماسًا من إنكارها. خيانته قضيَّة محسومة، لن تتناطح عليها عنزتان.


الحقيقة الثانية: جرائم إياد علاَّوي ومشاركته في جريمة استباحة شعب العراق وتدمير مقدَّراته، ودوره في جريمة استباحة مدينة العز، الفلوُّجة وتدميرها، وذبح سكَّانها، حقائق موثَّقة، نشكُّ في وجود من تقوده السذاجة ليطالبنا بتقديم أدلَّة وبراهين على تلك الجرائم؟


الحقيقة الثالثة: علاقة أياد علاَّوي بالمحتلَّين الأمريكي والإيراني موثَّقة أيضًا، وحرصه على نجاح مصالحهم واستعداده المطلق لحمايتها حقيقة أخرى يصعب دحضها.
إزاء هذا السجل المخزي، هل ثمَّة مَن تفاقمت سذاجته ليتصوَّر بأنَّ من الممكن لخائن وعميل صغير ساهم في استباحة شعبنا وتدمير مقدَّراته ومصادرة حرَّيَّته وسيادته أن يكون منقذًا لهم!


شخص يحمل مثل هذه السمات الخيانيَّة، وعمل بجهد متميِّز خلال العقدين المنصرمين لتسويق مخطَّطات أعداء شعبنا، وساهم في خلق مبرِّرات للاحتلال الأمريكي وتسويق أكاذيبه، وشارك في تدمير قدرات شعبنا وتفتيت وحدته الوطنيَّة، لن يتمكَّن من تحقيق طموحات شعبنا وأمانيه، ولن يعمل على استرداد حرِّيَّته المسلوبة وسيادته المصادرة.


هذه الحقيقة يجب أن يدركها المبشِّرون بقائد "الحدود الدنيا". وعليهم أن يدركوا من الممكن انتقال امرئ من خندق الوطنيَّة إلى مستنقع الخيانة، لكن من المستحيل أن يتحوَّل خائن إلى وطنيٍّ. كما يكرِّر صديقنا وشيخ كتَّاب المقاومة عوني القلمجي.


من الصعب علينا فهم كيف يتوقَّع نفرٌ أن يدافع مجرم مغتصب عن ضحيَّته وأن يستردَّ حقوقها. ثمَّ كيف ومتى رُفع اسم علاَّوي من قائمة خونة العراق وباعته؟ مَن يملك الحقَّ على منح شهادات البراءة والغفران للخونة والعملاء أمثال علاَّوي؟


لقد توصَّل المعنيُّون في هذه المساهمة إلى قناعاتهم "العلاَّويَّة" الساذجة لاعتمادهم قرءات وافتراضات ومقارنات خاطئة لمزايا إياَّد علاَّوي وعيوبه مقايسة بتلك الخاصة بالمالكي. أهمُّ الافتراضات الخاطئة تعاملهم مع علاوي مرشًّحًا أقلَّ سوءٍ وبُعدٍ عن تأيرات القرار الإيراني. وأنَّ التعامل العقلاني والموضوعي مع المتغيِّرات السياسيَّة في العراق وضرورات وقف الزحف الإيراني تفرض القبول بإياد علاَّوي ومساندته، وبأنَّ الأضرار الناجمة عن الحكومة العلاَّويَّة أقلُّ حجمًا من تلك التي تترتِّب من إعادة انتخاب المالكي أو تشكيل أحد رموز عصابات بدر الوزراة. لماذا؟ لأنَّ إياد علاَّوي أكثر بُعدًا عن الاملاءات الإيرانيَّة من منافسيه الآخرين!


أكثرما يلفت النظر في هذا النمط من المواقف، تركيزها على مخاطر إعادة انتخاب المالكي دون أدنى اعتبارٍ لمخاطر حكومة عميلة يقودها علاَّوي وانعكاساتها على مسيرة المقاومة والتحرير واسترجاع السيادة.


ان اختزال الخيارات السياسيَّة المتاحة للشعب العراقي بخيارين اثنين ، وتعليق خيار المقاومة الأكثر فعَّاليَّة وتعبيرًا عن إرادة الغالبيَّة المطلقة من شعب العراق الرافضة للاحتلال ومشاريعه، ينمُّ عن تفكيرٍ ساذج وخاطئ وخطرٍ على مسار قضيَّتنا الوطنيَّة.


محنتنا الوطنيَّة ليست أزمة سياديَّة أو دستوريَّة، ولا تكمن في تركيبة الحكومة أوهويَّتها أو برنامجها ومشاريعها حتَّى تتم المقايسة بين المتنافسين وفقًا لمعايير الحدِّ الأدنى. ومشكلة شعبنا لا تنحصر في نقص الخدمات العامَّة وتفشِّي الفساد المالي والإداري وانعدام الأمن وغيرها من الكوارث الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة التي تعصف به، بل تكمن في الاحتلال الأمريكي الإيراني المزودج، وفي مصادرة السيادة، ومخاطر تفتيت وحدتنا الوطنيَّة وتجزئة الوطن إلى إمارات طائفيَّة وعرقيَّة.


ومن نافلة القول إنَّ حلَّ محنتنا الوطنيَّة، والكوارث التي يعاني منها شعبنا لن يأتي عبر قوائم عميلة متنافسة لاستقطاب رضى المحتلِّين وبركاتهم في أكبر مزايدة علنيَّة لبيع وطن شهدها تاريخ البشريَّة. ولن يأتي الحلُّ عبر بوَّابات عمليَّة المحتلِّ السياسيَّة أو من خارجها، بل عبر اجتثاث الاحتلال وعملائه ودحر عمليَّته السياسيَّة المقيتة من خلال المقاومة الوطنيَّة الشاملة للمحتلِّين وبرامجهم. فلا خيار وطنيٌّ إلاَّ خيار المقاومة. ولا وسيلة أكثر فعَّاليَّة لتحقيق أهداف شعبنا من هذا الخيار.


تفاقم الكارثة الوطنيَّة التي يعاني منها شعبنا، يتطلَّب حلاًّ حاسمًا وسريعًا، وهذا الأمر لن يتحقَّق إلاَّ بانتصارالمقاومة الوطنيَّة العراقيَّة ودحر الاحتلال وبرامجه.


لذا، المطلوب تكثيف الجهود الوطنيَّة ورفع وتائرالمقاومة، وتوحيد الجبهة السياسيَّة الوطنيَّة الشاملة المجابهة للاحتلال وتوحيد فصائل المقاومة من أجل تسريع النصر واسترداد الكرامة الوطنيَّة.
 

 

 





الجمعة١٨ شعبـان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٣٠ / تموز / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سعد داود قرياقوس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة