شبكة ذي قار
عـاجـل










من يتعامل مع ما يجري في ليبيا بأنه تغيير نظام حكم أو إسقاط حاكم فهو واهم أومتقصد التضليل، فالذي يجري هو غزو غربي وإحتلال إستعماري لقطر جديد من أرض العرب، وهو واحد من حلقات مخطط تقطيع أوصال الأمة العربية وتدجينها لأجل تحقيق هدفين عدوانيين ضد العروبة والإسلام وهما:


1. زرع أنظمة خادمة وحكومات عميلة منفذة لمخططات التحالف الصهيوني الغربي، وتعميم الفتن المتنوعة، دينية ومذهبية وعرقية وقبلية ومناطقية، ونشر الفساد المالي والإداري في المجتمعات والدول، وتنصيب أراذل القوم كحكام عليهم لتضمن تدهور الوضع التنموي والإقتصادي، وتدمير وتخريب البلاد العربية، بغية ضمان موضوعين هما:


• تعامل تلك الحكومات مع الكيان الصهيوني، وضمان إعترافها بشرعية وجوده، وموافقتها لتنفيذ المخطط الأمريكي الصهيوني بعقد معاهدة سلام (إستسلام) عربي صهيوني وتطبيع العلاقات بشكل كامل معه.


• الهيمنة الأمريكية والغربية على منابع النفط ومصادر الطاقة، بما يتيح لأمريكا التحكم بالإقتصاد العالمي ومن خلال ذلك السياسة العالمية، وممارسة ضغوط غير مباشرة وحتى مباشرة على دول العالم خاصة المستوردة للنفط والغاز.


وكلا الأمرين لمواجهة مخاطر حقيقية تهدد الكيان الرأسمالي عموما والأمريكي بشكل خاص تتمثل بالآتي:


• بروز تداعيات خطيرة في الإقتصاد الغربي الرأسمالي، ولو تم تقييمها بشكل إقتصادي مهني وعلمي بعيدا عن التضليل الإعلامي والتكتم على حقائق إقتصادية ومالية مهمة، لإنتقل الحال من أزمة مالية أو إقتصادية عالمية الى حالة تدهور إقتصادي قد يتحول الى إنهيار إقتصادي وسياسي للغرب.


• مع تنامي المقاومة الوطنية والشعبية خاصة في الدول التي قامت أمريكا وحلفائها (حلف الناتو أوغيره) بغزوها وإحتلالها، وتنامي الكراهية والحجوم من قبل شعوب العالم ضد أمريكا وحلفائها، أدى ذلك وأثر بشكل كبير على تعامل وأقتناء وشراء الناس المنتجات والبضائع الغربية (الأوربية والأمريكية)، رغم إجبار أمريكا للحكومات على شراء منتجات وسلع خصوصا الأسلحة، حتى بكميات أكبر مما تحتاجه تلك الدول وأكثر من قدرات جيوش البلدان المستوردة لتلك الأسلحة على إستخدامها، كما يجري مع دول الخليج العربي، وهذه المقاطعة الشعبية العامة في كل دول العالم ستكون لها عواقب وخيمة على الإقتصاد الأمريكي، والذي أنتج الأزمة الحالية والمتطورة بإتجاه الإنهيار المالي لأمريكا ودول أوربا الرأسمالية والسائرة في ركب الغرب الإستعماري.


• أحد أبرز أسباب إستهداف لبيا، هو كمية إحتياطيها النفطي، وحجم إنتاجها اليومي، فأمريكا وحلفائها لا يهمهم ولا يعنيهم بل هم مشاركون في إستباحة حقوق الإنسان خارج بلادهم، لكن هناك أسباب موضوعية وذاتية ترجح تقديم غزو ليبيا على غيرها، وهذا الأسباب هي: كما تقدم حجم الإحتياط النفطي الليبي، مساحة ليبيا المترامية الأطراف وكونها الدولة الوسطية بين الجزائر الدولة العربية النفطية والكبيرة، ومصر وتونس الذان فجر بهما الشعب أخطر ثورتين لو تحققت أهداف الجماهير بتفجيرهما، قلة حجم السكان في ليبيا، ضعف بنية جيشها كونها دولة لم تدخل حرب ولا تهديد عليها، إذن هي فرصة أمريكا التي تبحث عن مخرج لأزمتها المالية والإقتصادية، وهي فرصة لإضافة منابع النفط والغاز الليبي إلى منابع النفط في العراق والخليج لتكون أمريكا تتحكم بثاثي منابع النفط في العالم وهذا يتيح لها التساوم والتفاوض بقوة مع روسيا والصين والهند وغيرها من الدول التي تتعامل مع النفط الليبي، إضافة الى كون العدوان على ليبيا وإستهداف الأخ القائد معمر القذافي يمثل ثأرا مما فعله في قمة الأمم المتحدة وما تحدث به عن البغي والهيمنة للدول الكبرى وجرائم أمريكا في العراق، إضافة الى تنصيب نظام حكم عميل سيجعل ليبيا فاصلا سياسيا بين المصر والسودان وبين دول المغرب العربي، وهذا يكشف الخلق والمنهج الباغي للغرب الإمبريالي بقيادة أمريكا، وزيف ديمقراطيتهم.


• بروز الصين كعملاق إقتصادي يمكنه خلال سنوات قليلة ليس أن يكون الإقتصاد العالمي الأول فحسب بل يمكنه أن يكون الإقتصاد المهيمن عالميا والدائن لكل من أوربا والولايات المتحدة بديون كبيرة جدا.


• نمو الإقتصاد الهندي وخشية الغرب الرأسمالي من تناميه ليكون إقتصاد مؤثر في العالم خلال سنوات قليلة جدا، وكذلك البرازيل وغير هذه الإقتصادات من الدول التي كانت تعتبرها أمريكا والغرب إقتصادات نامية أو ثانوية لا تشكل تهديد لهيمنتها الإقتصادية على العالم.


• نجاح ثورتي تونس ومصر وخاصة مصر، وتوجهاتها الشعبية نحو إستعادة مصر العروبة لدورها القومي، وتحجيم معاهدة الذل والقيد والخيانة مع الكيان الصهيوني.


• ماشهده الإقتصاد الروسي من تعافي لدرجة بات يشكل الإحتياط النقدي الروسي من العملات الأجنبية حجما يؤشر تطورا كبيرا في الناتج القومي، وإستعادة الإتحاد السوفيتي الصديق لدوره الدولي كقوة عظمى مكافئة ورادعة لقوى البغي الغربي بزعامة أمريكا، بعد تجاوز روسيا لظروف سياسية وأقتصادية شكلت صعوبة للوضع التجاري الروسي للفترة 1988- 2008، خاصة لو أخذنا بنظر الإعتبار ما كان يعانيه الإقتصاد الروسي قبل تفكك الإتحاد السوفيتي، والذي يعتبر الوضع الإقتصادي وتدهوره أحد أبرز أسباب إنهيار القطب الشيوعي، كما لابد من ملاحظة أن تعافي ونمو الإقتصاد الروسي حدث بمرافقة تدهور عالمي لعلاقات روسيا مع كثير من دول العالم النفطي ووالبلدان الغنية، نتيجة أسباب مهمة ومؤثرة هي: الأول: إنكفاء روسيا لأكثر من عقدين من السنين نتيجة ما تطلبه إعادة الوضع السياسي والإجتماعي والإقتصادي الناتج عن تفكك الإتحاد السوفيتي وتبعاته، والثاني: هيمنة أمريكا والغرب على السياسة العالمية وتفرد أمريكا بالعالم، وإستهتارها بالقوانين والمعاهدات الدولية وإرهابها للدول والحكومات في تغيير تعاملها السياسي والإقتصادي مع كل دول العالم وبالأخص روسيا، بل وإستخدامها للقوة والعدوان وإستباحتها للمنظمة الدولية ومجلس الأمن وإستخدامهما لشرعنة بغيها وعدوانيتها للدول والشعوب، كما حدث في العراق وإفغانستان ومن ثم ليبيا، مما تسبب في تقليص صادرات روسيا العسكرية خاصة الأسلحة والمعدات والتي تشكل حجما مهما في نمو إقتصادها، وناتجها القومي.


2. تحجيم الإسلام بل كل رسالات السماء وتحويل كتب وبيوت الله الى مجرد كتب وعضية وتراث أخلاقي وقيم مثالية تدعوا لتطهير النفس البشرية، وبهذا يتحول الإسلام من دين ومنهج حياة الى مجرد قناعات فكرية وقيم أخلاقية تدعوا لتوحيد الله وتنصح للعمل الصالح، ولا تختلف عن أي فلسفة فكرية أو روحية في تاريخ البشرية، كالكونفوشية والزرادشتية والديانات الوضعية والفلسفات الأخلاقية، أو مجرد كتب جميلة المضمون كما هي كتب الفلاسفة والروائيين المبدعين، وهذا هو المخطط لتكون كل رسالات الله تعالى وكتبه لهدي البشر قد حرفت وعاد الناس للضلال، وهو أحد أبرز أهداف القوى الخفية (قوى وجنود الشيطان وجيوش الدجال) التي تحكم الغرب الإستعماري، متمثلةَ بتحالف قوى البغي والإرهاب والصهيونية العالمية عبر ثلاثة أسلحة:


• السيطرة على رأس المال ومصادر الطاقة.
• إستخدام القوة الغاشمة ( أسلحة الدمار الشامل والقتل الجماعي ).
• الإعلام التضليل ( لتجنيد مرتزقة من داخل الشعوب عبر وسائل كثيرة منها حقوق الإنسان والديمقراطية، وأمريكا ودول الغرب أكبر أعداء للإنسان وحقوقه وللشعوب وحريتها ).


هذا هو العامل الذي حقق التحالف بين المتاجرين بالإسلام وهو منهم براء ( إخوان المسلمين والأحزاب والتيارات وعلماء الدنيا ومفتي الشطنة والمال التي تدعي أنها إسلامية وتتخذ الدين غطاءا لتجارتها )، فكلا الطرفان لا يهمهم الدين كتشريع ورحموة وفرض رباني، ولا يفهموه هكذا، وإن فهموه لا يعملوا به، بل يستغلوا الدين ويوظفوه توظيفا دونيا ومناقضا لما نزله الله ودعو له أنبيائه ورسله، لا أعني كل المتدينين من السياسين ولا كل مجاهد صادق في جهاده يسعى ويقاتل في سبيل الله حقا ولا يعتدي على أحد ولكنه يعمل بما فرضه الله على العباد عموما والمؤمنين خاصة، ويمارس حقه القانوني والوطني الذي يكفله القانون الدولي في مقاومة الإحتلال. ( قاتلوا الذين يقاتلوكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ).

 

 





الاحد٢٨ رمضـان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٨ / أب / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سعد أبو رغيف نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة