شبكة ذي قار
عـاجـل










الديموقراطية المركزية ( 3 ) ..

أن مبدأ الديمقراطية المركزية. وتطبيقه عمليا يعني فيما يعني وعي أشكال النضال وأساليبه المختلفة ومنها أسلوب النضال السري والعلني وشبه العلني وتطبيقها عمليا في ضوء الظروف الملموسة. غير أن حزبنا ظل يعرف الأسلوب الوحيد في العمل وهو أسلوب النضال العلني حتى عام 1949 .. وكان يعتمد الأساليب التقليدية نفسها التي تلجأ اليها الأحزاب التقليدية .. ولم يكن يعرف اسلوب النضال السري الذي دخل في نضاله وأساليب عمله فيما بعد. على الرغم من أن معرفة هذا الأسلوب وتطبيقه غير مرتبطين بالضرورة بالأخذ بمبدأ الديمقراطية المركزية .. وهو أسلوب تطبقه كثير من الأحزاب البرجوازية والمنظمات الوطنية في حياتها .. وادا لم يأخذ بعد التأسيس ولم يعرف حتى عام 1949 شكل النضال السري. ولم يكن له أي تنظيم سري وكان تنظيمه الوحيد هو التنظيم العلني - فلابد أن هذا التنظيم كان على الرغم من الحماسة والروح النضالية العاليه في صفوفه .. ضعيف الانضباط والطاعة الحزبية, والمشاركة في تحديد سياسة الحزب ورسم استراتيجيته وتقرير شؤونه, وكان قليل الاهتمام بجعل العمل السياسي والنضال الجماهيري يقومان على أسس تنظيمية واضحة .. ولهذا ترتب عليه عندما بدأ يواجه ظروف الارهاب والملاحقة في عام 1949 أن يعير أهمية خاصة بقضايا التنظيم وأن يشعر بالحاجة إلى اعادة النظر في النظام الداخلي للحزب .. والي اعتماد أسلوب التنظيم السري .. وفضلا عن دلك فقد كانت قواعد الحزب على نحو خاص تشعر بالحاجة وبالضرورة.لتطبيق الأساليب الديمقراطية في حياة الحزب .. ومنها أسلوب الانتخابات باعتباره من أهم المبادئ التي تقوم عليها الديمقراطية .. ويمكن القول أن الحزب قد خطأ خطوة هامة على الطريق نحو الأخذ بمبدأ الديمقراطية المركزية ودلك عندما جرت أول انتخابات حزبية في نهاية عام 1949 وتم.تشكيل أول مؤتمر للحزب-كان يطلق عليه انداك أسم ( مجلس ) .. وضم هذا المؤتمر ممثلين عن قطري لبنان و الأردن وأكثرهم من الطلبة والمثقفين وكانت هذه المؤتمرات القطرية تعتبر في الوقت نفسه مؤتمرات قومية لأنه لم يكن للحزب حتى دلك الوقت تنظيم قومي ..

ان مجمل ممارسات الحزب خلال هذه الفترة كانت تؤكد افتقاره الي المنطلقات التنظيمية والعمل التنظيمي. القائم على أساس الديمقراطية المركزية. وعلي أساس تحقيق المبادئ الديمقراطية في حياة الحزب وفي مقدمتها المشاركة في تقرير شؤونه ورسم سياسته وانتخاب هيئاته القيادية. والقائمة كدلك على تحقيق مبادئ المركزية وضمان الانضباط في صفوف الحزب وتحقيق العلاقات الحزبية الموضوعية الصحيحة بين مستوياته المختلفة وضمان قيادته بفعالية وحزم .. وقد استطاعت قواعد الحزب الطامحة الي بناء حزب قومي أن تؤكد ارادتها باستمرار. وأن تدفع الحزب نحو مزيد من الوضوح وأن تزيد من دورها ومشاركتها في حيات وقد تجلي دلك في الانتخابات التي جرت لأول مرة عام 1949 وفي النقد الذي وجه للقيادات العليا. وعلي رأسهم عميد الحزب نتيجة رسالته التي وجهها الى حسني الزعيم .. وتجلى كدلك في دفع قيادات من الصف الثاني لقيادة الحزب خلال الفترة الممتدة ما بين 1952-1954 فترة ديكتاتورية الشيشكلي .. عندما غادرت قيادة الحزب البلاد مضطرة الى خارج القطر العربي السوري

الديموقراطية المركزية ( 4 )

لقد كانت فترة ديكتاتورية الشيشكلي فترة هامة جدا في تاريخ الحزب .. ففي هذه الفترة خاض الحزب نضالا جماهيريا واسعا ضد الديكتاتورية. الأمر الذي أغني مفاهيم الحزب على الصعيد التنظيمي .. ولاسيما أن هذا النضال قد مورس من خلال التنظيم السري للحزب.وهو التنظيم الدي عرفه الحزب لأول مرة في تاريخ مسيرته بصورة جدية ..

وقد تولى الصف الثاني من صفوف الحزب قيادة النضال بصورة فعلية. لأن القيادة كانت قد غادرت القطر العربي السوري الى لبنان ثم روما .. وفي أواخر عام 1952 تم دمج حزبي ( البعث العربي ) .. و ( العربي الاشتراكي ) في حزب واحد هو حزب ( البعث العربي الاشتراكي ) وفي هذه الفترة-وجد الحزب نفسه بعد خروجه ظافرا من نضاله ضد ديكتاتورية الشيشكلي العسكرية- أما العديد من المسائل المتعلقة بالنواحي الفكرية والتنظيمية والمتصلة بشكل رئيسي بتحقيق وحدته الفكرية والتنظيمية .. وفي تلك الفترة انعقد المؤتمر القومي الثاني عام 1954 وكان علي الحزب أن يواجه هذه المسائل وأن يواجه الحاجة الملحة التي كانت قائمة بظهور التنظيم القومي .. وقد قام هذا المؤتمر بإقرار نظام داخلي جديد للحزب ألغي بموجبه النظام الداخلي الذي كان يقوم على أسس وحدة القيادة في شخص العميد .. واحدث منصب الأمانة العامة للقيادة القومية. وتم انتخاب قيادة قومية تضم ممثلين عن أربعة أقطار هي سوريا ولبنان والأردن والعراق وجرى التأكيد علي ضرورة الاهتمام بالتنظيم القومي. ولاسيما بعد ظهور فروع للحزب في عدد من الأقطار العربية ..

وكذلك جراء التأكيد على ضرورة الاهتمام بتحقيق العلاقات الحزبية الصحيحة واقامة علاقة تعاون وتفاعل ايجابي بين القواعد والقيادات وضرورة الاهتمام بالهيكل التنظيمي للحزب والبناء الحزبي وانشاء الهيئات والمؤسسات الحزبية على مختلف المستويات التي تستدعيها ضرورات العمل الحزبي ( قيادات .. فروع .. شعب .. فرق .. مكاتب .. ) لقد كان هذا المؤتمر هاما في حياة الحزب لأنه كان يعاني في هذه الفترة من التناقضات داخل هيئاته القيادية ولاسيما بين ممثلي القطر العربي السوري في القيادة القومية على الرغم من ازدياد جماهيره ونفوذه وامتداده داخل الأوساط الشعبية بما فيها الجيش. وظل يواجه المسائل الفكرية والتنظيمية الملحة والهامة والمتعلقة بعقيدة الحزب ومنطلقاته التنظيمية. وأساليب عمله والأسس التي تقوم عليها

وقد نشأت من التناقضات القائمة في قيادة الحزب وضع مرتبك وبلبلة واسعة في الحزب وفي تنظيماته .. وظهرت انحرافات وتكتلات واتجاهات خطرة تهدد وجود الحزب نفسه وخلال الفترة الممتدة بين 1954-1958 عقد مؤتمرات ( مجلسان ) في القطر العربي السوري الاول في كانون الثاني عام 1955 بعد أن جرت انتخابات حزبية على أساس مشروع نظام داخلي مؤقت وقد حاول هذا المؤتمر أن يتغلب على المشكلات التنظيمية التي كان يعاني منها في تلك الفترة بعد انتقاله إلى النشاط العلني لأول مرة بعد سقوط الشيشكلي وبعد دمج الحزبين .. ولكن هذا المؤتمر لم يحقق نجاحا ملحوظا في هذا المجال .. ولعل أبرز التطورات الداخلية في حياة الحزب. خلال هذه الفترة هي ظهور قيادات جديدة. وضم أعداد واسعة من العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين الى الحزب .. الا انها ما لبثت أن انخرطت في تناقضات وتكتلات مرضية كانت انعكاسا التناقضات القيادية مما أضعف الحزب وافقده كثيرا من فعالياته ونشاطه, وعاقه عن تنظيم نفسه كحزب طليعي ثوري .. وعندما استفحل أمر هذه التناقضات دعت قيادات الفروع في القطر العربي السوري عام 1957 الي عقد مؤتمر جديد يهدف الى طرح مجمل قضايا الحزب العقائدية والتنظيمية ..

وقد اضطرت القيادة تحت ضغط قواعد الحزب الى الموافقة على عقد المؤتمر .. فانعقد في تموز عام 1957 تحت اسم ( مجلس الحزب الانتقالي ) وقد نجح هذا المؤتمر بالفعل في طرح أبرز القضايا التي تهم الحزب وقواعده , وانتخب قيادة قطرية من صفوف قياداته الجديدة .. وأقر نظاما داخليا جديدا للحزب .. غير أن هذا المؤتمر الدي يمكن اعتباره اهم مؤتمر بعد المؤتمر التأسيسي من الناحية العقائدية والتنظيمية بسبب تطويره المنطلقات النظرية الأولى للحزب. ولإعادة تنظيمه على أسس جديدة تتلاءم مع المهام الكبيرة المطروحة أمامه

لم يتح له ولا للحزب في القطر العربي السوري أن يضع مقرراته موضع التطبيق الفعلي والجدي بسبب حل تنظيم الحزب في القطر العربي السوري في شباط عام 1958 أي بعد أقل من ثمانية أشهر على انعقاده , وازاء الوضع المهتز الدي صار اليه الحزب بعد حل تنظيمه في القطر العربي السوري وبعد نكسته في الأردن والعراق .. وبعد أن بدأت تظهر فيه اتجاهات و انحرافات خطرة .. كان لابد من عقد مؤتمر قومي لمعالجة هذا الوضع. وضمان وحدته .. وتأكيد هويته الثورية والقومية ..

وانعقد المؤتمر في الفترة الواقعة بين آب وأول أيلول عام 1959 لبحث وضع الحزب والأزمة الناشئة فيه والتي تتجلى في الاتجاه الخطر الرامي لتفتيت وحدة الحزب القومية .. وتخريب الحياة الداخلية فيه وافساد العلاقات الحزبية الصحيحة بين أعضائه وبين هيئاته ومنظماته ومؤسساته المختلفة .. وقد درس هذا المؤتمر أوضاع الحزب التنظيمية والوضع العربي على المستوى القومي. وبحث في استراتيجية الحزب وخطه السياسي في المرحلة المقبلة .. واتخذ قرارات هامة تتعلق بتدعيم وحدة الحزب القومية وتطهير أجهزته ورفع مستواه التنظيمي وفعليته النضالية ..





الثلاثاء ٢٤ رجــب ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / نيســان / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد المؤمن الخربي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة