شبكة ذي قار
عـاجـل










لا يزال العراق يعيش على وقع الانتفاضة العارمة المباركة التي انطلقت شرارتها الأولى مطلع تموز – جويلية الماضي.

وشكلت هذه الانتفاضة – الثورة علامة فارقة ومحطة مفصلية في تاريخ العراق المعاش بما هي استفاقة جماعية خطت فصلا جديدا من الوعي المتقدم بضرورة تغيير واقعهم جذريا، وبحتمية إزالة مخلفات الغزو الأمريكي الامبريالي الصهيوني وخاصة العملية السياسية الجاسوسية القائمة على المحاصصات الطائفية والدائنة بالولاء الأعمى لإيران راعية الفتن الطائفية ومغذية الجرائم الإرهابية في العراق.

وباغتت هذه الملحمة الشعبية العراقية الجديدة حكام العراق المحتل، وعجزوا كليا على التفاعل مع التطورات على الأرض.

فرغم تنوع وتعدد محاولات حكومة الاحتلال لتطويق الهبة الثورية المباركة لأحرار العراق بتشويهها أو تجاهلها أو التعتيم عليها إعلاميا، ظل قبس الثورة ملتهبا، وبقيت إرادة التحرر والانعتاق ثابتة متصاعدة لا تفتر ولا تنثني.

وإزاء هذا الفشل الذريع، لم يبق بيد القائمين على العملية السياسية المتهاوية إلا خلط الأوراق والاستنجاد بالحيل الماكرة وإثارة الفتن لمحاصرة ثورة العراق وحرمانها من الإسناد الشعبي من جهة والتأييد الدولي من جهة أخرى.

فرغم ما ميّز هبة العراقيين الأحرار من رقي وتحضر وسمو بأن استمسك ثوار العراق بالطبيعة السلمية لاحتجاجاتهم وتشبثوا بالشعارات الراقية والهادفة والمعبرة عن مدى الضيم والجور منذ 15 سنة كاملة، ورغم خسارة رهان عملاء المنطقة الخضراء وبيادق إيران على ثني العراقيين عن مواصلة جهدهم المبارك بوسمهم بالإرهاب وباستخدام التخرصات المشروخة من قبيل " المتظاهرون يتحركون بأوامر خارجية، وأغلبهم مندسون ومحسوبون على النظام السابق، وهؤلاء دواعش.. إلخ.. "، ورغم غياب مظاهر الانفلات في تلك التحركات وتوجه المطالب والفعل الثوري رأسا إلى مكامن الداء وأسباب العلة فاستهدفت العملية السياسية والأحزاب والميليشيات الطائفية المجرمة والأفعى الإيرانية، فإن محاولات ضرب تلك الانتفاضة من قبل بيادق الاحتلال لا تنفك ولا تنتهي.

فلقد تطورت المستجدات مؤخرا في العراق، وجدّت عمليات تخريبية طالت السفارات الأجنبية وكذلك أعمال شغب في عدد من المقرات والمؤسسات التابعة للدولة.

وهنا، يتوجب توضيح أن تلك الأحداث التخريبية والاعتداءات لا يمكن أن تصدر عن الجماهير المنتفضة التي التزمت منذ اليوم الأول بأرقى مظاهر التحضر، وأكدوا أن غاية هبتهم قلع الفساد ومحاربة المجرمين الذين قذفهم مشروع الغزو.

ويعلم المتابع لتفاصيل الحراك المتواصل أن أغلب التحركات كانت مسجلة صوتا وصورة وموثقة بالتفصيل، وتبنى فيها الثوار التحركات التي استهدفت مقرات الأحزاب والميليشيات العميلة وقادتها، وتبنوا الشعارات والدعوات لمقاومة المد والاحتلال الإيراني للعراق، لكنهم تبرؤوا من الاعتداءات التي طالت المقرات والسفارات ووثقوا عدم اقتراب المتظاهرين منها أبدا.

وعليه، فإن استهداف السفارات وأحداث الشغب، لا يمكن أن تكون إلا من أعمال المجرمين من ميليشيا العصائب وقادتها لتضررها من مآلات إسقاط العملية السياسية في العراق، ولإمكانياتهم المادية واللوجستية التي تمكنهم من تنفيذها، وهم أكبر المستفيدين منها، فمن شأنها تحجيم وتقليص الضغوط الدولية المسلطة على زمرة الخونة في المنطقة الخضراء.

وفي هذا السياق، يأتي التحذير الأمريكي الأخير لإيران ووكلائها وفق بيان صادر عن المكتب الإعلامي للبيت الأبيض الذي اتهم إيران بأنها لم تمنع الهجمات التي وقعت في الأيام الأخيرة على القنصلية الأميركية في البصرة ومجمع السفارة الأميركية في بغداد.

وقال البيان " إيران لم تتحرك لوقف هذه الهجمات من قبل وكلائها في العراق الذين تدعمهم بالتمويل والتدريب والأسلحة."

وأضاف البيان :
"الولايات المتحدة ستحمل النظام في طهران مسؤولية أي هجوم يسفر عن وقوع إصابات بين أفرادنا أو إلحاق ضرر بمنشآت حكومة الولايات المتحدة. أمريكا سترد بسرعة وبشكل حاسم دفاعا عن أرواح الأميركيين".

ومن خلال ما تقدم، نخلص إلى أن هذه الأعمال التخريبية من تنفيذ العصائب وغيرها من الميليشيات، وهي مخطط فارسي صرف يهدف لإجهاض ثورة العراق والتعجيل بإسقاط مشروع الغزو والفتن الطائفية المعدة لتقسيم بلاد ما بين النهرين، كما ننبه إلى أنه على الثوار التنبه إلى أن الدسائس الإيرانية لن تتوقف عند هذا الحد، بل ستتواصل ما ظلت الثورة مستعرة، وهو ما يدعوهم لمزيد من اليقظة والتوثب والجهوزية العالية لإفشالها جميعا.





الخميس ٣ محرم ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / أيلول / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة