شبكة ذي قار
عـاجـل










عند التحقيق وتحليل الأدلة وتقديم القضية امام المحاكم، فإن كل جريمة تدرس بالظروف المحيطة بها: هل كانت اعتداءا أم دفاعا عن النفس؟ وإذا كانت اعتداءا محضا ، فما هي الأسباب التي دفعت الفاعل الى ذلك ؟ وهل ساهمت الضحية بالإغراء او بالإستفزاز؟ هل كان الغضب هو السبب؟ هل الجنون المؤقت؟ هل الطبيعة العدوانية للمتهم؟ هل له سوابق في ذلك ؟

 

في أية محكمة يدرس القضاة ظروف الجريمة حتى يمكنهم ان يتوصلوا الى الحكم السديد، إلا في المحكمة الجنائية العراقية العليا التي نصبها ومولها وأشرف عليها جيش الإحتلال الذي جاء من مسافة آلاف الأميال "دفاعا عن النفس، وعن أمريكا ضد الإرهابيين في العراق"، لأن بوش قال لشعبه "نقتلهم هناك بدلا من أن يقتلوننا هنا".

 

ومع هذا فإن هذه المحكمة حاكمت وأعدمت وسجنت مدى الحياة قادة العراق وضباط جيشه الذين دافعوا عن النفس وعن الوطن أثناء حرب استمرت 8 سنوات ثم حرب ضد 30 دولة ، وضد خونة متعاونين مع العدو،يفتحون له جبهات في الشمال وفي الجنوب، بقضايا "جنائية" بدون الأخذ بالإعتبار الظروف المحيطة بحوادث الموت. تذكرون انه في محكمة الأنفال حين كان أي من الأسرى المتهمين او محاميهم ، يتحدث عن العدو الإيراني المتوغل في الأرض العراقية كان قاضي الإحتلال يسكته بقوله " لا تخرج عن الموضوع. نحن نتحدث عن جريمة جنائية وليس حربا"، وكان الشهود يحلفون بأقدس الأيمان انه لم يكن في قراهم ايرانيون او بيشمركة متعاونون مع العدو. هذا في حين ان الانترنيت يعج بمذكرات للشيوعيين والبيشمركة يتفاخرون فيها بقتالهم لجيش بلادهم ، ولتعاونهم مع ايران، ولتسليحهم وتدريبهم في معسكرات في اليمن الديمقراطية ولبنان وحتى فلسطين، ودول المعسكر الاشتراكي. مازالت هذه المذكرات موجودة لمن يروم الإطلاع عليها في مواقع مثل ( الناس ) و ( الذاكرة العراقية ) و ( الحوار المتمدن ) وغيرها.

 

السبب في ذلك ان تهمة "الإبادة" تعني القتل بدون سبب إلا الكراهية لجنس أوعرق، او مذهب او دين او قومية معينة . القتل من اجل القضاء على هؤلاء بدون أن يعطوك أي مبرر. فإذا قلت ان جزءا من الأكراد كانوا مسلحين يعملون على فتح ثغرات في تحصيناتك و إدخال العدو الإيراني الى عمق بلادك ليتمكنوا من القضاء على جيشك، يعني ان أي اجراء تتخذه ضدهم هو دفاع عن النفس. ولهذا كانت المحكمة مسخرة ، تحاكم ضباطا وقائدا عاما للقوات المسلحة على حوادث قتل جرت أثناء حرب طاحنة دون السماح بذكر تلك الحرب، مع ان نفس الشهود كانوا يستخدمون مصطلحات عسكرية مثل ( الربايا – الفيالق الخ ) .

 

نفس الشيء حدث في محاكمة "الانتفاضة الشيطانية" دون الإشارة الى الشغب والغدر الذي حدث في الوسط والجنوب إثر انسحاب الجيش العراقي من الكويت. مع ان اصحاب تلك "المظلومية " يملأون الأجواء زعيقا وافتخارا بما فعلوه ويطلقون عليه اسم "انتفاضة" و"ثورة" ، بل أقاموا المؤسسات والأحزاب والجمعيات والمؤتمرات والمهرجانات لتخليد تلك "الثورة". ولكن المحكمة تغمض العين عن كل ذلك ، وتحاكم القادة العسكريين العراقيين على انهم "أبادوا" الشيعة في الوسط والجنوب بدون أي سبب او مبرر.

 

وقد اعترض احد الكتاب – وله كل الحق- على تصرف المحكمة بقوله :

"إن موضوعي الذي أريد أن اطرحه هو كيفية تكييف هذه المحكمة وفيلها الادعاء العام القضية ( على أن ) الانتفاضة الشعبانية هي عبارة عن قيام الجيش العراقي السابق والأمن وغيرهم من أجهزة النظام السابق ,بحملة اعتقالات وقتل للشيعة في الجنوب ودون سبب ,مما جعلها تخضع تحت طائلة القانون الدولي لأنها جرائم ضد الإنسانية غير مبرره , أما لماذا لم تعترف المحكمة بأنها انتفاضه ,لان اعترافها بأنها انتفاضهتبرر للنظام السابق كافة العمليات ضدهم مما يعني عدم التمكن من إدانتهم استنادا للقانون الدولي ,وبما إن الغاية هي إعدامهم إي الانتقام وليس العدالة ,إذن يجب التضحية بالانتفاضة وعدم الاعتراف بها بل إنكارها حتى ولو أدى ذلك إلى إنكار ألاف التضحيات " - أبو محمد العبيدي  ( المصدر )

 

ولكن هذه هي "عدالة" محاكم الاحتلال: لا ينتظر منها "المتهمون" عدلا ، ولا "الضحايا". الوحيد الذي يفوز فيها بالجائزة في النهاية هو الإحتلال.

 

دعونا إذن نرى ما هي حقيقة الإنتفاضة الشيطانية؟ سوف يخبركم بها فيما يلي أحد المنتفضين الكبار، الذي هرب بعد أن شارك في القتل والإعدامات الى ايران، والآن يكتب ذكرياته السعيدة:

بقلم : الاستاذ السيد حمزة الموسوي ( التوصيف من عنده على موقعه )

 

في هذه السطور احاول ان اسلط الضوء على احداث الانتفاضة في محافظة النجف الاشرف و توابعها ، فبعد وصول انباء تؤكد على تأجج نار الانتفاضة في محافظات الجنوب سيما محافظتي البصرة و الناصرية اخذت الجماهير في النجف الاشرف تنظم نفسها على شكل مجاميع مسلحة متهيئة و بانتظار ساعة الصفر التي سيتفق عليها المجاهدون ، و بالفعل فقد كان يوم 3/3/1991 يوما تاريخياً في حياة ابناء النجف جميعا حيث عبروا عن تلاحمهم المصيري في الثورة على نظام الطاغية انذاك .

 

فعلى الرغم من تحسبات النظام و انذاره لجميع افراد مؤسساته الذين انتشروا باسلحتهم في كافة الشوارع و الازقة و الطرق الرئيسية لمدخل النجف ، اعلنت جماهير النجف عن صرختها الثائرة حينها خرجت مجاميع المجاهدين من كل زقاق و هي تردد الشعارات الثورية الاسلامية متجهة صوب مقرات النظام و مؤسساته القمعية ، حيث تم تحرير كافة المنظمات الحزبية و مراكز الامن و الشرطة و اطلق سراح جميع المعتقلين ، كانت الحشود و الجماهير في النجف الاشرف تنطلق من ثلاثة محاور و هي من جهة جامع صافي صفا و من شارع المدينة و من مركز المدينة حيث السوق الكبير و في فترة زمنية سريعة سقط مبنى المحافظة بيد الثوار و كذلك مديرية الشرطة و الفرق الحزبية الاخرى ، و استشهد في هذه المواجهات العديد من الثوار ، كما اندفع ابناء و فئات الشعب المختلفة الى دعم الانتفاضة حيث تبرع كبار تجار النجف بالاموال الطائلة لدعم مشاريع الانتفاضة ، كما سارع ابناء النجف الاشرف الى نصب اذاعة موجهة لبث اخبار الانتفاضة عبر موجة معينة و قد ساهم في نصبها و تركيبها فنياً مجموعة من المهندسين في النجف ، فيما تشكلت مجاميع ثورية شعبية انتظمت على شكل سيطرات و مقرات خاصة و قد سجلت محافظة النجف الاشرف رقما قياسيا بين المحافظات الثائرة في تصفية " الرفاق العفالقة " خلال وقائع الانتفاضة المباركة و من بينهم " المجرم يونس الشمري " (( الذي ساهم في تضييق الحصار على الشهيد القائد الامام محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه )) اثناء الاقامة الجبرية التي فرضتها السلطة الجائرة عليه .

 

و قبضت الجماهير الثائرة على " البوق " فلاح عسكر " الذي عرف بمعاداته للاسلاميين في كل مكان من خلال قصائده و تمجيد " العفالقة " حتى بلغ به الامر ان وصف المقبور صدام في احدى قصائده بانه " خبزة شرف امتلئت بها موائد العراقيين " !!! كما كان من الذين جندهم الطاغية للقضاء على الانتفاضة في مدينة النجف الاشرف ، و بعد اسره من قبل المجاهدين انقلب " فلاح عسكر " على عقبيه و راح يكيل المدح للمجاهدين و الثوار و حملة راية الاسلام و القى قصيدة يقول في مطلعها " هذه ثورة الاحرار ... احرسها يبو السجاد ... ضوه من جامع الخوئي ... شع بشوارع بغداد " و لكن لم يشفع له ذلك حيث ان تاريخه اسود و مواقفه سيئة ، فبعد محاكمته امام الجماهير الغفيرة ، نفذ به حكم الاعدام من قبل المجاهدين .

 

اما المرجعية الدينية في النجف الاشرف المتمثلة بالسيد الخوئي و السيد السبزواري " رضوان الله عليهما " فقد كان لها دور فعال في تعبئة الجماهير و احتضانهم و توجيههم فقد كان دار السيد الخوئي مركز من مراكز عمليات الثوار حيث شهد اجتماعات الكادر القيادي للانتفاضة ، كما عين السيد الخوئي لجان مركزية لادارة شؤون المدن بعد سقوطها بيد الثوار و تنظيفها من العفالقة و كذلك تم تعيين لجان محلية في المدن و الاقضية و النواحي ، و اعتقد ان اللجنة المركزية التي شكلها السيد الخوئي من 9 علماء في النجف الاشرف للتصدي لادارة شؤون البلد ، اعتقد ان هذه الوثيقة اصبحت فيما بعد في متناول العديد من ابناء العراق في الداخل و الخارج ، كما نحتفظ بوثيقة اخرى اصدر فيها السيد الخوئي رحمه الله قراره بتعيين 9 اشخاص من وجهاء و شخصيات مدينة الكوفة المقدسة لادارة شؤون المدينة بأسم " لجنة الانتفاضة الاسلامية العيا في قضاء الكوفة " و كان معي احد اعضاء هذه اللجنة الشهيد الداعيه الدكتور ناصر الموسوي رضوان الله عليه .

 

كذلك ان موقف السيد السبزواري و وقوفه الى جانب الانتفاضة فان بيانه الذي اصدره و تصدرته الاية المباركة (( اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا و ان الله على نصرهم لقدير )) فكان البيان الذي اصدره سماحته صريحا في ضرورة مواجهة العفالقة و دعم المجاهدين و قد تلى بيان السيد الخوئي و السيد السبزواري في الروضة الحيدرية المطهرة من قبل نجليهما السيد محمد تقي الخوئي و السيد محمد السبزواري ، و قد كان لوكلاء المرجعية الدور الفاعل و المؤثر في دفع الحركة الجهادية في الكثير من المدن عبر تصعيدهم لهمم الجماهير الثائرة و تواجدهم الميداني في ساحات المواجهة .

 

اما في مدينة الكوفة فقد انطلقت شرارة الانتفاضة فيها بعد يوم واحد من انتفاضة النجف الاشرف و ذلك من محورين و هما شارع الجسر و شارع السكة في تظاهرتين حاشدتين التقيتا في ساحة مسلم ابن عقبل لتهاجم مركز شرطة القضاء و تنتقم من ازلامه ، بعدها توجهوا الى ما يسمى بــــ " منظمة 17 تموز " السيئة الصيت " و المحصنة دفاعيا فحصلت هناك مواجهة من نوع فريد استمرت زهاء خمس ساعات ، بعدها استسلم مرتزقة النظام بعد اقتحام الجماهير للمنظمة المذكورة حيث تصاعد الغليان الشعبي في الانتقام من رموز النظام و منهم المرتزقة " سعيد عبد الشهيد و مسرهد الخزاعي و مدير امن الكوفة " .

 

و ما زلت اتذكر و بكل اعتزاز و فخر الدور الاعلامي الذي قام به شباب الكوفة عبر اصدارهم لمجلة الشهيد ، حيث تضمن العدد محطات من حياة الامام القائد الشهيد محمد باقر الصدر و محطات من جهاد و عذابات الشعب العراقي ، و تضحياته في عالم الشهادة ، و اثار الانتفاضة و اخبارها ، كما اصدر المجاهدون كراسات عمل ميدانية للمجاهدين . اما العواطف الصادقة التي عبر عنها ابناء شعبنا في الانتفاضة فقد كانت تتجلى عبر تحفيز ابنائهم للانضمام الى مجاميع المجاهدين و تبرعاتهم بالاموال و المواد الغذائية و تجمعاتهم الجماهيرية الثورية ، و قد كانت ايام شعبان مليئة بالايثار و التضحيات التي لا تعد و لا تحصى و الحركة الدؤوبة التي لم تعرف التوقف فمن هجوم على وكر امني للنظام الى تصدي لاحد الجيوب العميلة للنظام ، ثم تشييع احد المجاهدين الشهداء و دفن اخرين منهم و هكذا الى غيرها من الصور البطولية الرائعة التي ستحتفظ بها ذاكرة شعبنا العراقي الصابر .

 

و اما من ناحية العباسية التي سطر ابناؤها ملاحم بطولية مازالت تتغنى بها تلك الارض الطيبة و جماهيرها ، حيث كان للعالم الديني السيد محمد بحر رحمه الله دور بارز فيها من خلال تصديه للدور القيادي هناك و لم يكسر من عزيمته سقوط ولده " مرتضى " شهيدا اثناء احتدام المعارك بين قوات المجاهدين و ازلام نظام الطاغية . كما شهدت مناطق المشخاب و المناذرة و الحيدرية و كل المناطق التابعة للنجف الاشرف جولات رائعة للمجاهدين اثبتوا من خلالها على هشاشة النظام داخلياً و قدرتهم الناجحة في استلام مسؤولياتهم تجاه الشعب في تلك الفترة العصيبة ، و تصديهم البطولي لرموز الظلم الطغيان . انها اسطر بسيطة من ذاكرة متواضعة اخطها بقلمي لتبقى لمن يريد ، و ادعوه تعالى ان يوفقني لأعطي الانتفاضة و المشاهد التي عشتها و رايتها حقها بالتدوين حيث سنوافي المتتبع بحلقات اخرى ان شاء الله، و اشكر بهذه المناسبة ادارة الموقع للمتابعة بهذا الشان و وفق الله الجميع و الحمد لله اولا و اخرا." المصدر

 

دعونا نناقش هذه الذكريات:

" على شكل مجاميع مسلحة متهيئة و بانتظار ساعة الصفر التي سيتفق عليها المجاهدون" اي انها لم تكن "انتفاضة عفوية" كما يتشدق البعض. وانما هناك اسلحة و"مجاهدون" وساعة صفر.

حديثه عن "مواجهات" في وصف ماحدث في شوارع تلك المدن ( المنتفضة ) يعني ان القتال كان يجري بين جيشين أو جيش ومسلحين.

الحديث عن "اذاعة" و" مجلة" وتمويل وتبرعات يعني ان المسألة كانت على نطاق واسع، وايضا ليس شيئا عفويا.

الحدث عن "تصفيات" ( قد سجلت محافظة النجف الاشرف رقما قياسيا بين المحافظات الثائرة في تصفية " الرفاق العفالقة " خلال وقائع الانتفاضة المباركة ) يعني ان هناك قتلى من الجانبين.

الحديث عن دور المرجعيات الدينية ووكلائهم في ادارة المعارك والحث على الشغب الشيطاني واضح.

 

الحديث عن "الانتقام" من رموز السلطة . حتى ان الجماهير اوغلت في ذلك الانتقام "حيث تصاعد الغليان الشعبي في الانتقام من رموز النظام"

الحديث عن تشييع المجاهدين ودفن الشهداء حصيلة المواجهات المسلحة ، يدحض سخافة كذبة الجيش هو الذي دفن ابرياء في مقابر جماعية.

 

إذن كانت هناك حرب ومواجهات في الأزقة ومن بيت الى بيت . ألا يسقط فيها أطفال ونساء؟ وأبرياء بدون تمييز؟ مايمكن ان يسميه الجيش الأمريكي اضرارا ثانوية غير مقصودة"؟ collateral damage

بل ان الكاتب في مقالة اخرى يقول "، وأذكر من تلك الأماكن التي أستمرت المواجهة فيها إلى قرابة الثمانية ساعات بين الثوار وأزلام الأمن في معقل حزب السلطة في حي 17 تموز بمدينة الكوفة، فتجمع الثوار وأبلوا بلاءاً حسناً حتى أن الثوار جائوا بدبابة من أحدى معسكرات الجيش وقادوها حتى وضعوها أمام المنظمة الحزبية في الحي المذكور وأستخدموها في رمي المنظمة، حتى سقطت بأيدي الثوار، وهرب من هرب من أزلام النظام، وقتل من قتل بالمواجهة"- المصدر

 

دبابة ؟؟ كانوا يقاتلون بدبابة ؟؟ يعني كانوا جيشا كامل السلاح !!

ثم تعالوا الى آخر مايفحم الكذابين : اقرأوا مايقوله مرجع "الانتفاضة" ابو القاسم الخوئي الذي كان مقره كما قرأتم أعلاه مركز إدارة "الانتفاضة"، في مقابلة جرت له مع الرئيس الشهيد صدام حسين بعد الأحداث:

الخوئي لصدام انا الذي امرت بدفن البعثيين في مقابر جماعية في النجف عام 1991

بقلم: هشام عودة - عمان ، نشر في شبكة البصرة بتاريخ 17/10/2004

قال مدير المراسم في القصر الجمهوري العراقي الذي عمل مع الرئيس صدام حسين لمدة ثلاثة عشر عاما ( والتقاه الكاتب في عمان بعد الإحتلال ) و الذي فضل عدم الكشف عن هويته لاسباب عديدة ان الرئيس صدام حسين طلب في منتصف عام 1991 ترتيب لقاء يجمعه مع اية الله الخوئي لبحث الاوضاع العامة في العراق، بعد الفوضى العارمة التي شهدها الجنوب العراقي في اذار ـ مارس 1991.

 

واكد مدير المراسم ان اية الله ابو القاسم الخوئي خاطب الرئيس صدام حسين قائلا انني يا سيادة الرئيس انا الذي امرت بدفن البعثيين الذين قتلوا في النجف ايام الفوضى في مقابر جماعية في المدينة، اكراما لهم وعلى امل ان يتعرف عليهم ذووهم بعد ان تهدا الاوضاع "

 

وهذا الكلام سمعه ملايين العراقيين ومن على شاشة تلفزيون بغداد ( في حينها ) الذي كرر بث المقابلة اكثر من مرة، بناء على تعليمات من مكتب الاعلام في القصر الجمهوري.

 

من أمر إذن بحفر المقابر الجماعية : آية الله أبو القاسم الخوئي

من الذين فيها ؟ البعثيون

ومن دفن "شهداء الانتفاضة الشيطانية "؟ نفس الشياطين، حسب مؤرخها السيد حمزة الموسوي .

يبدو ان المنتفضين كان لديهم الوقت الكافي لدفن هؤلاء وهؤلاء .

 

والشيء العجيب ياأخوان هو ان صدام حسين لم يأمر بقتل الخوئي الذي أدار المعارك مع ان صدام "متعود" على قتل مراجع الشيعة ، ياحسيناه ! بل يستقبله ويعتذر منه لأنه جشمه مشاق السفر ( في نص المقالة الكامل )

ماذا كانت التهمة في محكمة الإحتلال الموجهة الى رجال صدام حسين حسبما أوجزها المدعي العام الاحتلالي مهدي عبد الأمير؟

"القيام بأعمار محرمة وقتل آلاف الشيعة بصورة منظمة . وان حصيلة اخماد تلك الأحداث ( وليس الانتفاضة ) في مدن جنوب العراق في مارس 1991 نحو 100 ألف قتيل."

 

هل رأيتم كذبا أخيب من هذا ؟

زيارة للمقابر الجماعية

مشكلة القادة الدكتاتوريين المعروفين عبر تاريخنا الحديث ، أن أعداءهم يرونهم مبدعين ومبتكرين، يسلكون طرقا عجيبة غريبة وملتوية من اجل التخلص من معارضيهم أو بالاحرى حسب افلام المحارق والمقابر، إبادة أجناس من البشر يكرهونهم لله في الله. وطالما ان مخرجي هذه الأفلام عاوزين كدة، فأنت لا يمكنك ان تناقش المصداقية او الواقعية. اسمع وانت ساكت. وقد تم ابتكار افلام لكل دكتاتور حسب البيئة المصاحبة او الخلفية بلغة السينما. فإذا كنت دكتاتورا في جمهورية افريقيا الوسطى واسمك بوكاسا وذنبك انك تحولت الى الاسلام من المسيحية ، فإن الفيلم اللائق بك هو انك تعشق لحوم الاطفال، وانك حتى بعد موتك منفيا لسنوات، وجدوا في ثلاجتك جثث عشرات الاطفال جاهزين للأكل. لماذا؟ لأنك أفريقي ومن السهل ان يصدق الناس عنك جريمة آكل لحوم البشر، فهذا ما تروجه أفلام هوليوود، أليس كذلك ؟ هل رأيتم فيها آكلي لحوم البشر في غير أفريقيا؟ وإذا كان اسمك عيدي أمين وتهمتك انك مسلم أردت اصلاح بلادك اوغندا، تصبح تهمتك إبادة شعبك وتراوحت أساطير شيطنتك إبادة مابين 80000 و 500000 من شعبك. لايهم العدد ، من سوف يعد وراء أمريكا؟

 

لماذا ياترى لايستطيع العدو عدّ القتلى والموتى الذين يتهمونك بهم. هل توقف علم الرياضيات عند هذه المعضلة؟

 

أما اذا كنت هتلر، فنهارك أسود، كنت تضيع وقتك وجهدك ومالك ، وانت تبتكر اساليب قتل اليهود .. تشحنهم في القطارات عبر اوربا الى المعسكر الذي لن يصح قتلهم الا فيه، تشغل مصانعك لإنتاج الزيكلون وهو نوع من السماد الكيماوي وتظل الشاحنات رايحة جاية محملة بالاطنان منه الى معسكر اوشفتز، ولكنك سوف تستخدمه في قتل اليهود بطريقة مبتكرة. تضعهم في غرفة تحت الأرض احياء وتصب عليهم من فتحات في سقف الغرفة، هذا الغاز الذي له شروط حتى يكون قاتلا مثل احماء الغرفة لأنه يشتغل بالحرارة، واضافة بعض المواد اليه ، ولما ينتهي القتل، على جنودك ان ينتظروا ساعات طويلة حتى يقوموا بطرق علمية لتسريب ماتبقى من الغاز بعد القتل لأن وجوده خطر عليهم. ثم تأخذ الجثث وتذهب بها الى أفران الخبز ( الصور المعروضة في الرابط أدناه هي لأفران اليهود وهي في الواقع صور افران خبز )

http://www.flickr.com/photos/rukna/1349261985/

 

ثم تحرق الجثث حتى تصبح رمادا. وهذه عملية سوف تقوم بها لمدة 24 ساعة كل يوم ، كل يوم . وبعدين يقولون لك ان عظام الجثث وجدوها متناثرة في معسكر اوشفتز. شنو يعني الأفران ماكانت ذات كفاءة بحيث تحرق الجثة كلها وتحيلها رمادا؟ أم لأن صور عظام مكومة على بعضها تبين ( هول ) الجريمة إذا لم تكن مقتنعا حتى الآن؟

 

شوفوا هتلر السخيف، ياترى ليش كان يبذل كل هذا التعب حتى ينهي قتل 6 ملايين يهودي بهذه الطريقة العقيمة ؟ ألم تكن قنبلة مثل قنابل هيروشيما وناغازاكي كفيلة بقتل مئات الألاف في مكان واحد دون كل هذا التعب؟ أو قنبلة على ملجأ العامرية فيحترق في ثوان اكثر من 500 من النساء والاطفال؟ لماذا يقتلهم ثم يحرق جثثهم؟. ولماذا لم يرمهم الى المحرقة مباشرة وتنتهي القضية؟ هذه الأسئلة غير مسموح بها. لأن تجار المحرقة اليهود يقفون في وجهك ويسألونك عند كل سؤال متعمق حول طبيعة الغاز وما الى ذلك: لماذا تشكك؟ التشكيك جريمة يعاقب عليها القانون الدولي.

 

لماذا اختاروا الغاز لشيطنة هتلر؟ لأن مصانعه كانت كما قلنا تنتج هذا النوع من السماد. وتجار الهولوكوست يستميتون في الدفاع البائس عن هذه الأسطورة. اقرأ كيف يجيب احدهم في موقع خصصه للاجابة على تشكيك المشككين.

 

 ( يزعم منكرو محرقة اليهود أن موظفي متحف أوشفيتز قد أكدوا أن غرفة الغاز في المعسكر الرئيسي، أوشفيتز 1، ما هي إلا فكرة زائفة. وكتب دافيد إيرفنغ، الذي أعلنت المحكمة العليا بلندن بأنه منكر للهولوكوست، وعنصري، ومعاد للسامية، أن "ليكسبريس ( جريدة فرنسية ) اعترفت بأن غرفة الغاز المعروضة للسياح في أوشفيتز ما هي إلا نموذج مصنوع، بناه الشيوعيون البولنديون بعد نهاية الحرب بثلاث سنوات."

على أية حال، فإن المحرقة 1 بالمعسكر الرئيسي ليست زيفا، بل مكانا تم إعادة تشييده بأصالة ليكون تمثيلا رمزيا وذكرى لكل غرف الغاز والمحارق بمجمع معسكر أوشفيتز )

 

يقول لك ليس زيفا ولكنه بناء مماثل لغرف الغاز .,. زين وين غرف الغاز الأصلية؟

اذهبوا الى هذا الرابط حتى تقرأوا الخريط والدفاع اللاعقلاني عن حقائق لاوجود لها على الأرض. والموقع باللغة العربية.

http://www.hdot.org/learning/myth-fact-ar#cremation

 

وهي والله نفس طريقة دفاع تجار المظلومية والمقابر الجماعية عن الأكاذيب التي دمرت باسمها بلادنا.

وكما الحديث يأخذ برقاب بعض، نتذكر دكتاتورنا صدام حسين وكيف روجت عنه تفاهات المفارم ، والتيزاب، والمقابر الجماعية. طيب شي ما يشبه شي وواحدة تنسخ الأخرى . أذا فرمهم ورمى لحومهم للسمك على مدى ثلاثين عاما، حسب الاسطورة الفولكلورية، وإذا ذوبهم وموّعهم بالتيزاب، حسب اسطورة اخرى، فلمن كانت القبور الجماعية؟ والأنكى ان من بدأ في خلق تلك الأساطير وهم الأجانب يذكرون اسم المفرمة في تقاريرهم السرية عن صدام حسين، على انها بالإنجليزية Shredder (  ( تالفة مثل تالفة الورق ) . يعني بعمركم شايفين واحد گاعد في مكتبه وعنده قطاعة ورق او تالفة ورق ما ادري شنو تسموها، وعنده ورقة سرية مايريد احد يشوفها، فهل يتلفها بالتالفة ام يرميها في سلة المهملات؟ لعد ليش ناصب التالفة؟ وتستطرد الخرافة لتقول لك أنه مثل أفران هتلر، فإن المعارضين كانوا يوضعون في التالفة وهم أحياء. ياااه ، شلون قسوة ، شلون وحشية !!

 

لماذا اختاروا المفرمة لصدام حسين ؟ لأنه قام بنهضة علمية صناعية ( شريرة ) في العراق، لايليق معها الاّ اسطورة مفارم صناعية بشرية!!

 

المقابر الجماعية اساطير سياسية تمت مقايضتها بالأرض، اليهود اسسوا ( وطنا قوميا ) على أشلاء فلسطين، والأكراد اسسوا وطنا قوميا على أشلاء العراق، واصحاب المظلومية الآخرون اسسوا وطنا قوميا ( فارسيا ) على أشلاء عروبة العراق.

 

ولكن هل أنا ناكرة للمقابر الجماعية ؟ كلا .. لابد أن هناك مقابرا جماعية في العراق. ولكن من سكانها؟ من القاتل او القتلة؟ لانعرف. فالعراقيون جميعا اشتركوا في القتل والسحل والشنق والحرق طوال تاريخهم الحديث منذ عصيان عصابات الشمال، ومابعد 14 تموز ، حتى الانتفاضة الشيطانية ومابعدها، ولكن هل عدد هؤلاء السكان الصامتين المجهولين ( لأن لم يحقق في أمرهم أحد بشكل حيادي حتى الآن ) كما في حالة الأكراد هو 182 الف كما تقول الأسطورة المألوفة ؟ أم 300 الف كما يقول توني بلير وهو يسوّق للحرب؟ ام لا يتجاوزون 300 كما اثبتت محكمة الأنفال على لسان خبراء الجيش الأمريكي؟ دون أن يتفق هؤلاء الخبراء على كيفية القتل او هوية القاتل. كانت احكام المحكمة المهزلة تعتمد على شهود زور وليس على إثباتات وأدلة مادية، بالضبط كما في حكاية أفران غاز اليهود ، اعتمدوا على ضمير شهود زور مرغبين او مرهبين.

 

كان يمكن ان يكون الأمر مثيرا للسخرية لولا أن في الموضوع موتى وقتلى ومقابر، ولكن أليس مما يستدعي التأمل، ان يقال عن القتلى العراقيين الذين يرمون الآن على المزابل ، انهم مجهولون؟ في حين ان دماءهم مازالت طازجة وملامحهم واضحة ، وأسِرّتهم التي انتزعوا منها مازالت دافئة، ولكن يقال في نفس الوقت عن سكان المقابر الجماعية الذين لم يبق من ملامحهم سوى العظام انهم معروفون وهوياتهم في جيوبهم ؟

 

 





السبت ٢٢ رجــب ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / حـزيران / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب تحقيق : عشتار العراقية نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة