شبكة ذي قار
عـاجـل










يتحتم على كل قارئ وكاتب ومتتبع للشأن السياسي في العراق والأمة العربية ، أن يدرك ويعترف بان هناك قوة سياسية أثبتت وجودها بشكل متزايد في حياة العراق منذ مطلع الخمسينات ولحين يوم الاحتلال الأسود في التاسع من نيسان 2003 ، ومن ثم عادت لحمل السلاح ومواجهة الاحتلال بفصائل وجيوش مقاومة ، إن هذه القوة هي حزب البعث العربي الاشتراكي ، وهنا ومن باب الإنصاف نقول أن من حمل السلاح وواجه الاحتلال ليس البعث بمفرده وإنما ظهرت على الساحة العراقية ومنذ العاشر من نيسان فصائل ومجاميع أعقبتها كتائب وجيوش مثلت شعب العراق الرافض للاحتلال ، كان لها الدور الكبير مع البعث في إجبار الغزاة على الانسحاب في الحادي والثلاثين من كانون أول عام 2011 ، وهذا دليل على عمق الترابط العضوي المستند إلى المبادئ الوطنية والقومية والإسلامية لأبناء العراق الغيارى ،

 

وعودا على بدء نقول إن مبادئ البعث الكبرى والتي تجلت بالوحدة والحرية والاشتراكية التي رفضت كما قلنا سابقا الاستعمار وأنواعه والاحتلال وأهدافه والارتباط بالأجنبي وما يؤول إليه من خراب الديار والأوطان ، فعفلق يؤكد أن معركة الوحدة لا تنفصل حسب عقيدتنا ونظرتنا ونضالنا عن معركة الحريــــــــة والتحرر، وعن معركــــــــــــــــة ( الاشتراكية )، ولا يجوز فصلها بحال من الأحوال ولكن يجوز كما اعتقد أن نضعها على حقيقتها فنقول إنها هي بصورة خاصة المعيار لثورية الأفراد والجماعات ولثورية أمتنا في هذه المرحلة التاريخية.)) فالاشتراكية ثورة مثلما هي الحرية والوحدة ، وهي تنبع من أعماق الأمة العربية وأنها غير مرتبطة بالتفسير المادي للحياة ، وان الروح هي الأمل الكبير والقوة المحركة بالعمق لولادتنا الجديدة ، يقول عفلق ( انأ لست ضد الماركسية ولكن البعث هو الاشتراكية العلمية زائدا الروح ) فهي إطلاق قدرات الفرد والمجموعة من اجل أن تعمل وتفجر طاقاتها فتكون النتائج زيادة في الخبرة وزيادة في الإنتاج وزيادة في عدد المشاريع التنموية القادرة على تقدم البلد وازدهاره ورقيه ، ناهيك من زيادة الخبرة في إدارة المؤسسات والمشاريع ، وبموجب توصيفات الإدارة الديمقراطية وكيفية انتخاب مجالس الإدارة وتعيين مهامها ، وهذا لايتم إلا بالإيمان المطلق بان الاشتراكية هي الحل للكثير من المعضلات التي تواجه الأمة وتواجه مشروعها القومي ،

 

وان هذا الإيمان لابد أن يأتي من الفهم العميق للاشتراكية ، محتواها ، وجوهرها ، وأساليب التطبيق وعلاقتها بالقومية ، وكيف تبنى في إطار القطر الواحد مع بقاء الأبواب مشرعة لانضمام أقطار أخرى في مشروع الوحدة الاشتراكي؟ وكيف تجري الخطوات في مجال التطبيق للأقطار التي اختارت الوحدة مع قطر أو أقطار استطاعت تحقيق خطوات جوهرية وبنت قاعدة أولية للعمل الاشتراكي ؟ وكيف يكون توزيع الثروة على أقطار الوحدة ؟ لان التوزيع الراهن للثروة في الوطن العربي ليس توزيعا عادلا ، فلابد أن نؤمن إن اشتراكيتنا قومية ، عندما نقول إننا نحتاج إلى اشتراكية عربية، نقصد فقط أن تراعي الشروط الخاصة بنا كعرب في هذه المرحلة من الحياة. ونحن لا نختلف على مبدأ الاشتراكية وإنما على أسلوبها، وعلى الموضع الذي يجب أن تحتله من حياتنا، ولهذا يؤكد الرفيق الشهيد صدام حسين رحمه الله بان طريقنا خاص في بناء الاشتراكية ، فلا نقبل أن تكون قوميتنا مرحلة عارضة طارئة من مراحل التطور الاقتصادي كما تدعي الاشتراكية الغربية ، بل إن على الاشتراكية أن تتلاءم مع امتنا ومع نضالها القومي فلا تكون أداة للتآمر على الوطن، وعامل تفرقة أو ستارا لحركات شعوبية ، وعلينا ان نفهم عندما نتحدث عن الاشتراكية طبيعة الربط والعلاقة بين النضال الطبقي والنضال القومي ضد التجزئة ، والنضال التحرري ضد الاستعمار والصهيونية والنضال الحضاري ضد التخلف والرجعية فأصبحت الفكرة الاشتراكية جزءا من مفهوم ثوري شمولي .

 

فالاشتراكية إذن ليست شيئا غريبا صعبا أتانا من بلاد نائية، وليست نظريات معقدة. أنها الشيء البسيط المشروع الذي يطلبه كل عقل سليم وضمير حي، ولا يمكن لأي فرد أو فئة أن يكون مخلصا لوطنه، يشعر شعورا صادقا نحو أمته ويأبى في الوقت نفسه على الشعب هذا الحق، لان القومية، التي هي الغيرة على مصلحة الأمة، والاشتراكية التي تمثل النظرية الاقتصادية لهذه القومية تكادان تكونان شيئا واحدا . إذا أردنا أن نعرف اشتراكيتنا تعريفا يميزها عن الاشتراكية الغربية، لا بد لنا من أن نلقي نظرة على نشأة الاشتراكية في أوروبا وعلى الشروط الفكرية والروحية والاقتصادية التي أدت إلى ظهورها ، لان اشتراكية الأمة العربية يجب أن تلبي الحاجات العربية وتراعي جميع الشروط والظروف المحيطة بالأمة في مرحلتها الحاضرة وشكل المستقبل الذي تطمح إليه ، لقد ،

 

ظهرت الاشتراكية في الغرب كحركة منظمة على اثر ظهور الصناعة الكبرى ،والصناعة الكبرى وليدة الاختراعات الحديثة وكان لا بد لهذه الصناعة الكبرى من أيد عاملة كثيرة، فترك الفلاحون قراهم وزراعتهم، وهاجر صغار الصناع وأصحاب الحرف الصغيرة المستقلة صناعتهم وحرفهم اضطرارا نتيجة للمزاحمة القاسية التي فرضتها عليهم الصناعة الكبرى ذات رؤوس الأموال الضخمة المكتلة، واضطروا إلى أن يشتغلوا كعمال مأجورين، بعد أن كان للفلاح أرضه وأسرته ووسطه الاجتماعي وتقاليده الروحية ، وبعد أن كان للصانع الصغير المستقل حريته ولذته في العمل. فنشأت في المدن جماهير تميزت بفقدان الأواصر الاجتماعية، من وحي هذا الوسط السلبي ظهرت النظريات الاشتراكية فانطبعت بطابعه وأفصحت عن حاجاته، فكانت النظريات الاشتراكية نظريات أممية ، لا تعترف بالوطن ولا بالخصوصية لكل شعب أو امة ، منفصلة عن كل رابطة تاريخية أو اجتماعية، متمردة على الدين السائد والأخلاق ، فاصطبغت الاشتراكية هناك بالصبغة الأممية المعادية للفكرة القومية. وقد خاطب ماركس عمال العالم وهو يقصد عمال أوروبا بصورة خاصة فقال( ليس للعامل وطن، يا عمال العالم اتحدوا( والخلاصة، أن الاشتراكية في الغرب كانت مضطرة إلى أن تقف ليس ضد الرأسمالية فحسب، بل ضد القومية أيضا ، التي حمت الرأسمالية، وضد الدين الذي دافع عنها، وضد كل فكرة تدعو إلى المحافظة وتقديس الماضي ، في الوقت الذي تكون فيه اشتراكية العرب تستند إلى قوميتهم المؤمنة والى دينهم الإسلامي الحنيف والى تراثهم الثر الذي أعطى للعدالة الاجتماعية مكانة كبيرة في مفاهيمهم وفي أدبياتهم ، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن التفكير بمفاهيم الاشتراكية لم يكن حديث عهد في حياة الأمة العربية ، فبما أن العرب قد أسسوا دولا وممالك قبل أن يبلغ الله رسالته إلى نبيه الكريم محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، فقد سنوا من القوانين ما يحفظ للمواطن حقوقه وعيشه بل ويخرج منهم من ينادي بإسعاد الفقراء وتطبيق مبدأ العدالة والمساواة بين الناس ،

 

 ففي العصر الذي سبق الإسلام كان هناك من يغزو الأغنياء ليسوق منهم البقر والأغنام والخيل والجمال فيطعم الفقراء من لحومها ويهب الباقي إليهم ليقتاتوا منه ويكون لهم عــــونا على الحياة ، وعندما جاء الإســـــلام اقـــر مبدأ ( وللفقراء حق في أموال الأغنياء ) ونشر العدل الاجتماعي بين جميع الشعوب التي أسلمت وأمنت ثم دانت للإسلام دينا ، فهذا الخليفة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يخرج متنكرا ليتعرف على جياع أمته ، فيحمل لهم الطعام ليقضي على جوعهم وصراخ أطفالهم ، وقد شجع الإسلام على العمل فتوزعت الأراضي على الفلاحين بعد أن كانت مستولى عليها من أصحاب النفوذ والسطوة ، وكانت أموال بيت المال توزع على أصحاب الاستحقاق وفقراء القوم والأيتام والأرامل وظهر مبدأ التكافل الاجتماعي الذي يطبق ذات المبادئ التي يبشر بها النظام الاشتراكي وفق الطريق العربي للاشتراكية . يتبـــــــــــــــع ...

 





الاحد ٢٦ ذو القعــدة ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / أيلول / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أبو مجاهد السلمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة